أكانت استراحة محارب، أم النهاية المرتجاة للتفلت الامني الذي عاشته مدينة طرابلس خلال اليومين الماضيين، فإن الدولة بأجهزتها الأمنية، حسمت جولة العنف الأخيرة...
لكن عمليات الكرِّ والفر مع المسلحين كانت باهظة الثمن، إذ جاءت الحصيلة شبه النهائية للمواجهات التي خاضها الجيش ضد المسلحين، استشهاد 3 ضباط و9 عسكريين وجرح 9 ضباط و83 عسكري من مختلف الرتب.
أما المدنيين فقتل منهم 10 أشخاص وجرح 63 آخرين.
صحيح أن البلد يعيش تفجّرات متنقلة، لكن لماذا تشتعل كليا في عاصمة الشمال وتعود لتهدأ نسبيا؟ ومن أوصل الامور الى حافة الهاوية، قبل أن يعيد الجيش التحكم فيها من جديد؟
بمعزل عن التحليلات كلّها فإن ما يهيأ كل فترة لطرابلس وسواها من المناطق اللبنانية خطر وخطر جدّاً، وإذا نجح يمكن أن يهدّد ليس الأمن الوطني، بل الكيان بأسره ويضع مستقبل الوطن على المحك.
ورأى الوزير السابق فيصل كرامي أن الجيش أحبط محاولة اسقاط الشرعية في طرابلس، بشجاعة وحكمة، رغم كلّ ما تعرّض له من تشكيك معلن ومبطّن، ورغم خطورة وحساسية الواقع الميداني الذي اجتهد كثيرون لاستثماره ضد الجيش ووضعه في موقع الصدام مع أهله، معربا عن اعتقاده أن اشتعال جبهة طرابلس لم يكن في التوقيت الذي خطّط له من يخطّطون، وانما أتى ردة فعل ترهيبيّة للجيش وللدولة وللشرعيّة، لكنّ النتيجة لم تكن في صالح من قادوا المدينة الى هذه المعركة.
وقال كرامي في حديث لموقع الـ"mtv": لعل أهم نتائج المعركة الأخيرة في طرابلس هو أن الداخل والخارج أيقنا بأنّ الشارع الطرابلسي هو مع الجيش وضدّ أيّ تغطية سياسيّة للارهاب تحت أيّ ذريعة، ومن أراد أن يعزل الدولة في طرابلس عرف ليل أمس أنّه هو المعزول، وهذا ما عجّل في انهاء المعركة بشروط القوى الشرعيّة التي انتشلت طرابلس من أيدي العابثين والخارجين عن القانون".
ولفت الى أنّ "ما شهدته طرابلس هي جولة وانتهت، لكنّها ستشتعل في مواقع وأماكن أخرى، آجلا أو عاجلا، ولا شك لدي أنّ من ضخ المال والسلاح والتحريض على مدى سنوات لكي يلعب بلبنان واللبنانيين، لن يتراجع بسهولة"...
وختم كرامي بالقول: "كلّ ما أتمناه الآن هو أن تكون هذه التجربة فرصة لاستعادة الوعي لدى المضلّلين والمغرّر بهم. اليوم، الدولة في طرابلس خيار شعبي حقيقي، ولم تعد بحاجة لتصاريح السياسيين الذين عليهم في وقت قريب أن يبرروا لجمهورهم كل هذه الأخطاء بحق الوطن والمواطنين".
وأكد النائب مصباح الاحدب أن ما يحصل في طرابلس يتطلب حسما سياسيا قبل الحسم العسكري، مشيرا الى ضرورة تطبيق الخطة الامنية في المدينة.
واعتبر الاحدب في حديث لموقع الـ mtv الالكتروني أنّ على الحكومة حسم قرارها، فإما أن تنأى بلبنان عن الازمة السورية خصوصا في ظل مشاركة "حزب الله" بالحرب الدائرة هناك وإما أن تدعنا ننغمس فيها الى آخر الحدود.
وأضاف: "من غير المقبول توجيه التهم الى الجيش اللبناني، وما حصل مساء الاحد أكد أنّ أهالي طرابلس يدعمون المؤسسة العسكرية ويقفون الى جانبها في محاربة الارهاب".
من جهته، لفت النائب أحمد فتفت الى أنّ الوضع القائم في طرابلس هو نتيجة ثلاث أسباب:
أولا: الانماء غير المتوازن وعدم صرف الاموال للمناطق الفقيرة في الشمال اضافة الى عدم ايجاد فرص عمل للأفراد.
ثانيا: الممارسات الامنيّة الخاطئة التي تحصل في المدينة.
ثالثا: إنتشار السلاح غير الشرعي في عدد من المناطق اللبنانية وأبرزها سلاح "حزب الله" الذي يشارك في الحرب السورية مما جعل بعض الفئات تشعر بالغبن ومما جعل الدويلة أقوى من الدولة.
وأشار فتفت في حديث لموقعنا إلى أنّ الامور في عاصمة الشمال هدأت كليّاً وأن الجيش سيطر على المنطقة وهو يحظى بدعم كبير من المواطنين.