"يخرب بَيتن"!
"يخرب بَيتن"!
"يخرب بَيتن"!
26 Oct 201506:50 AM
"يخرب بَيتن"!


لن يأسف أحدٌ على رحيل الحكومة المتوقّع قبل نهاية الأسبوع الجاري. هذه حكومة أخرى من نتاج طبقة سياسيّة فاسدة وفاشلة، إلا حين يتعلّق الأمر بمصالح وزرائها ومصالح الزعماء الذين أتوا بهم الى مناصبهم، حيث يُتاح للطامعين منهم، وهم كثر، أن يسرقوا أموال الناس وتعبهم وأن يقتلوا أحلامهم وأن يقضوا على طموحاتهم. وما مشهد النفايات السابحة على الطرقات سوى آخر إنجازات هذه الطبقة.


هل يعلم اللبناني المغترب قسراً، أو العاطل عن العمل، أو الذي يعاني من وضعٍ معيشيّ صعب، أو الذي يضطرّ للعمل في أكثر من مكان لإعالة عائلته، بأنّ المسؤول عن ذلك هو الزعيم الذي يناصره، والوزير الذي يبتهج لتعيينه، والنائب الذي يساهم في وصوله الى البرلمان؟
هل يعلم بأنّ النفايات التي "سبحت" على طرقاتنا، بعد أشهر من تراكمها، لم تسأل اللبنانيّين عن طائفتهم، ولا عن انتمائهم السياسي، ولا اختارت، حصراً، منازل مناصري 8 أو 14 آذار، بل "طلعت ريحتها" أمام منازل الجميع، تماماً كما يدفع الجميع في لبنان فاتورتَي كهرباء، ويسدّدون أعلى فواتير هاتف خلوي وشبكة إنترنت مقابل أسوأ خدمة، ويقعون أسرى زحمة السير، ويسقطون في الحفر نفسها؟


يعلم اللبناني لكنّه يقبل بذلك كلّه. ربما يتحمّس للمشاركة في تظاهرة هنا أو اعتصامٍ هناك. ربما يشتم "الدولة" مئة مرّة في اليوم الواحد. ربما يغضب كثيراً، وربما يطالب بـ "ثورة". لكنّه، في ختام "يوم الغضب" الطويل، يجلس على الأريكة في منزله، أو في مقهى، ويأكل ويشرب ثمّ ينام. ولو قُدّر له أن يتوجّه الى صناديق الاقتراع لانتخب النوّاب أنفسهم، ليعود ويشتمهم في اليوم الثاني.


قالت المرأة العجوز وهي تضطرّ يوم أمس للسير فوق النفايات التي "سبحت" على الطرقات للوصول الى منزلها "يخرب بيتن"... إلا أنّ الحقيقة الثابتة أنّ هؤلاء خربوا بلدنا... خربوه ونحن "نسبح" في صمتنا.