لا بأس من الهروب من الواقع. لا بأس إن مرّ هذا اليوم من دون قراءة أخبار السياسيّين وجلسة الحوار. لا بأس إن كسرنا القاعدة إذاً، فاليوم عيد الموسيقى. واليوم، خصوصاً، ذكرى رحيل عاصي الرحباني الذي، مهما سبق اسمه من صفات فستبقى متواضعة أمام عظمة إرثه.
لا يجوز أن يُذكر عاصي الرحباني إلا وأن يُذكر معه شقيقه منصور. 21 حزيران هو ذكرى رحيل منصور، تماماً مثلما 13 كانون الثاني هو ذكرى رحيل عاصي. لن يفرّق بين الأخوين حياة أو موت أو خلاف على إرث فنّي، ولا، خصوصاً، ادّعاء قصيدة لعاصي وحده أو لحن منفرد لمنصور. ما أسخف من يبحث عن صاحب اللحن أو الكلمة الرحبانيّة!
في ذكرى عاصي، كما في ذكرى منصور، ما من داعٍ لاستعارة البليغ من العبارات للحديث عن كبيرين شكّلا العلامة الفارقة الأبرز في تاريخ الفنّ اللبناني، منذ كان فنّ في لبنان. يكفي أن نتذكّرهما. أن نحفظ ما كتبا معاً ولحنا معاً. لعلّه كان الأفضل أن نحافظ على الوطن الذي صنعوه لنا في مسرحهم، فشوّهناه وقسّمناه وتقاسمنا، حتى، أعمالهما التي تحوّل بعضها الى أناشيد حرب لهذه الفئة في مواجهة تلك.
كُتب الكثير عن عاصي الرحباني. لعلّنا لن نضيف شيئاً. لذا، فإنّ هذه السطور مجرّد وقفة في الذكرى. مجرّد إعلان عن وفاء لذكراه، وعن جميلٍ نحفظه لمن جعلنا، من دون أن نعي وحتى، ربما، من دون أن يعي، نحبّ لبناننا أكثر.
وحين يذكر الفارق بين لبنان والدول العربيّة الأخرى، لا يجوز أن نكتفي بتكرار لازمة الحريّات وما يتصل بها. علينا أن نقول، بكلّ فخرٍ، بأنّ عندنا عاصي الرحباني...