ادمون ساسين
Tayyar.org
بين انطباعين مختلفين يمكن النظر الى القرار الذي صدر عن قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية القاضي دانيال فرانسين والذي طلب فيه من المدعي العام القاضي دانيال بلمار الكشف للواء جميل السيد عن مئتين وسبعين مستندا وذلك في اطار الطلب الذي قدمه السيد الى المحكمة للاطلاع على المستندات والوثائق والشهادات التي على اساسها تم سجنه مع الضباط الأربعة. فهل يشكل قرار فرانسين انتصارا للواء السيد في معركة من حرب محاسبة من سجنوه بناء لافادات كاذبة وشهود زور مفبركين على قياس تلك المرحلة؟ أو أن القرار سيوظف من قبل الفريق الآخر لتأكيد مصداقية المحكمة الدولية قبل تصديق القرار الاتهامي المنتظر والذي من المفترض ان يتهم عناصر من حزب الله باغتيال الرئيس الحريري؟
اذا كانت المستندات التي قرر قاضي الاجراءات التمهيدية السماح للواء السيد بالاطلاع عليها هي تلك المتعلقة بمحاضر افادات الشهود الذين يسموا بالشهود الزور وبتقارير تقويم الافادات المذكورة من قبل رؤساء لجنة التحقيق الدولية ورأي هؤلاء المتعلق باحتجاز السيد والضباط الآخرين والذي أودع لدى النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا ، لو كانت المستندات تتضمن هذه الوثائق لأمكن القول أن اللواء السيد سيخطو خطوات مهمة في المسار القضائي والقانوني الذي اتبعه لملاحقة من يسموا بالشهود الزور والاشخاص المشتبه بفبركتهم للشهود . وفي هذا الاطار سيتمكن السيد من ابراز مستندات قوية وذات صدقية وأدلة لمحاكمة من ادعى عليهم أمام القضاء السوري ومن استدعاهم هذا الاخير من شخصيات قضائية وامنية وسياسية واعلامية لبنانية . لا بل أن التغيير السياسي الحاصل في لبنان مع بشائر تشكيل حكومة جديدة ورحيل حكومة تصريف الاعمال التي قتلها الخلاف العميق حول احالة ملف الشهود الزور الى القضاء العدلي اللبناني ، قد يساعد السيد اكثر في مهمته اذ ان احالة الحكومة الجديدة الملف الى القضاء اللبناني في ظل امتلاك السيد المستندات المطلوبة سيجعل هذه القضية تذهب بعيدا في تحقيق أهدافها.
في الجهة المقابلة للسيد قد يربك قرار فرانسين الفريق الذي رفض احالة هذا الملف الى القضاء العدلي اللبناني خصوصا اذا كانت المستندات التي ستسلم للسيد هي تلك التي تكشف خفايا من يسمون الشهود الزور وافاداتهم وامتناع القضاء اللبناني عن احقاق الحق والمشاركة في عملية احتجاز تعسفي ، لكن الفريق نفسه المتضرر قد يجد في القرار رسالة واضحة على استمرار عمل المحكمة الدولية من دون تأثر بالظروف السياسية والتطورات السائدة في لبنان أو في المنطقة العربية برمتها خصوصا ما آل اليه الوضع في سوريا .
كذلك فان الفريق سيجد في قرار فرانسين مادة تسويقية لاستقلالية المحكمة الدولية وتسجيل نقاط اعلامية سياسية على حزب الله المتهم المفترض في القرارات الاتهامية المنتظرة. اذ أن المنظومة الاعلامية لهذا الفريق سيعمل حكما للتوريج لمقولة أن المحكمة أو حتى الدائرة القضائية ذاتها في المحكمة التي أخلت سبيل الضباط الأربعة وحكمت للسيد بالحصول على المستندات التي طلبها هي نفسها التي ستصدق القرار الاتهامي المقدم من قبل بلمار. وبالتالي فان قبول صلاحية المحكمة وأحكامها في طلب السيد واخلاء سبيل الضباط يفترض قبول أحكامها كلها اذ لا يجوز القيام بالانتقائية والاستنسابية بين الأحكام التي تصدر عن المحكمة الدولية.
هكذا قد يكون اللواء السيد الشخص الوحيد بين الأطراف المعنية، الذي حقق ربحا كاملا من قرار فرانسين.