علي ابراهيم يفتح قلبه!
26 Feb 201906:56 AM
علي ابراهيم يفتح قلبه!
ميرا مطر

ميرا مطر

دخل من الباب العريض وجلس على رأس الطاولة. نزع ساعة يده وخاتم الزواج. تنهّد، ثم قال بابتسامةٍ عريضة: "جايي على بساط أحمدي، جايي إفتح قلبي وقول كل شي عندي، جايي قول كلمة الحق".
هكذا استقبلنا المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم، في لقاء هو الأول من نوعه لمناقشة "الفساد" بجرأة مطلقة.
"ماشي الحيط الحيط وبقول يا ربّ السترة"، ممازحاً قالها إبراهيم، الذي ينتقد النظامَ القانوني "الذي يحمي الفاسدين والمفسدين"، في إشارةٍ إلى عدم قدرة القضاء على ملاحقة الموظف الفاسد إلا بعد الحصول على إذنٍ من الوزير، في وقتٍ يشترك هذا الأخير في الفساد ويمتنع عن التعاون مع القضاء. يسأل إبراهيم بحرقة: "وينو المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء؟ هل هو موجود؟".
لا يتقن إبراهيم فنّ "عرض العضلات" ولا يهواها، كما يبدو. بوضوح يقرّ أنّه لا يستطيع إجتثاث الفساد ويحدّ آماله في تخفيض نسبته قدر المستطاع.
لكنّ الأستاذ الجامعي، روائي من الدرجة الرفيعة. يقول: "وقت كنت أستاذ مدرسة. إجي على وزارة التربية عندي معاملة، ينقعوني برا، ما إقدر شوف موظف، هيدي الصورة راسخة بذهني. وهيي اللي بتوجّه سلوكي. أقول في قرارة نفسي، إنت يا علي إبراهيم ممنوع تنطّر حدا، وممنوع تهمل أي معاملة لمواطن".
صاحب النكتة يبدو حازماً في الملفات الشائكة. ويكشف لموقع mtv، أنه منكبٌّ على متابعة ملف نهر الليطاني يوماً بيوم، متّهماً وزارة الطاقة والمياه، وزارة الأشغال العامة والإسكان ومجلس الإنماء والإعمار بتحويل المجارير إلى نهر الليطاني. ويعد بأنّه ماضٍ في محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة البيئية، قائلاً "لحظة اللي بيعلقو أوعا تفكرو إنو في حدا بيردني".
صرامةُ إبراهيم تنسحب أيضاً على موقفه من "هيبة" القضاء اللبناني، فيؤكّد أنّ "أي مواطن لبناني، مهما علا شأنه، يخضع لسلطة القانون، وعندما يُطلب إلى القضاء، واجب عليه أن يمثل أمامه"، ليتابع بطرافة: "وإلاّ بيطلع حليب النَوَر!".
ويرى إبراهيم في الدولة المدنيّة الحاضنَ الوحيد لجميع اللبنانيين، وأوّلَ الطريق لحل العقبات التي تمنع معالجة ملفات فساد تطال كبار المسؤولين في الدولة. ويتساءل: "هل يُعقل أن تحمي الطائفية فاسداً؟".
ويعتبر أنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه بري ألقى مسؤوليةً كبيرة عليه عندما صرّح بـ"محاسبة كلّ وزير لا يتجاوب مع القاضي علي إبراهيم". ويقول في هذا المجال: "يا ريت كل السياسيين بيتصرّفو مع النيابة العامة المالية متل ما بيتصرّف الرئيس برّي".
واستطراداً، يجيب ابراهيم على سؤال الـ mtv حول عدد الإتصالات التي يتلقاها يومياً من سياسيين للتدّخل بقضية ما: "اذا بتشوفو تليفوني، قد ما بدكُن بتلاقو مراجعات من السياسيين. بس إذا بدي اشتغل متل ما بدو السياسي، منفتح دكانة ومنبيع ترمس".
وفي ختام اللقاء الذي استمر حوالي ساعتين ونصف، كشف المدعي العام المالي: "من كم يوم إجت فاتورة الكهرباء مليون ليرة، كنّا عملنا مجلس عزاء بالبيت... بس اليوم أنا سعيد باللي عم بقدر أعملو بالرغم من العقبات... إن شاء الله ضلني مندفع ومتحمس".
فليرزقه الله ضعف ما تمنّاه القاضي لنفسه، ولنا من دون أن يعلم!