للسماوات أبانا الساكن فيها... وللبنان أبونا جعل عمل الخير والقداسة سيرة إلهية...
أبونا يعقوب... الأقرب زمنيا إلى أيامنا بين قديسي لبنان وطوباوييه، هو في الأساس خليل الحداد من بلدة غزير الكسروانية عام ألف وثمانمئة وخمسة وسبعين، وفيها بدأ رسالته مع الرهبان الكبوشيين بعد فترة وجيزة أمضاها في مصر في تعليم اللغة العربية في معهد القديس مرقس.
بعد سيامته كاهنا وتعيينه مديرا لمدارس الآباء الكبوشيين في لبنان، أسس رهبنة مار فرنسيس للعلمانيين إلى أن تولى في الحرب العالمية الأولى مهمة إنقاذ الإنسان، وإطعام الجياع في المجاعة الكبرى، ودفن الموتى، رغم المخاطر التي كانت محدقة به، وتهديده بالمشنقة والاعتقال.
سعى أبونا يعقوب إلى زرع الصليب في كل مكان يقصده، من تلة الجن في جل الديب التي أصبحت دير الصليب، واستقطبت المرضى والمقعدين والمعوزين، إلى تلة الصليب في دير القمر، وصولا إلى تمثال يسوع الملك.
ألف أبونا يعقوب ولجن وترجم الترانيم الدينية، وتركت إرشادات وعظات في مختلف المواضيع مسجلة بصوته.
وكم من ترنيمة نصلي بها اليوم في الكنيسة، هي من تأليف أبونا يعقوب...
زار دير الصليب أكثر من مسؤول لبناني، وسعوا إلى تكريم أبونا يعقوب، لكن جملته الشهيرة كانت دائما... أنا وسامي الصليب.
يوم وفاة أبونا يعقوب، قال عنه السفير البابوي آنذاك إنه أعظم رجل عرفه لبنان في عصرنا، لكثرة أعماله الخيرية، وعطاءاته، ورسالته المستمرة حتى اليوم... والطبيب النفسي الذي حمل الصليب وأحبه، أعلن طوباويا عام ألفين وثمانية، ليكون شفيعا جديدا للأرض المقدسة.
فإن كانت لأمراض الجسم أطباؤها، لأمراض النفس شفيعها... وإيمانه...