بالأسماء والتفاصيل: فنّانون ولصوص!
16 Feb 201506:06 AM
بالأسماء والتفاصيل: فنّانون ولصوص!
هنادي دياب

هنادي دياب

ربّما عندما أبدع كبار الملحنّين في لبنان ومصر ودول إقليميّة أخرى في تلحين أجمل الألحان التي عرفتها الموسيقى "الشرق أوسطيّة"، لم يتوقّعوا أنّ غيرهم من الملحّنين سوف يُبدعون مثلهم، ولكنّ... في السرقة والاحتيال. لدى قراءتكم هذه السطور ستفهمون...


لا يُقَصّر الملحّنون اللبنانيّون والمصريّون في "استعارة" النغمات الموسيقيّة وحتّى ألحاناً كاملةً سواء أكان أصلها يعود إلى البلد نفسه الذي يحملون جنسيّته، أي إلى لبنان ومصر، أم إلى بلد ثالث كتركيا. هنا بعض الأمثلة:
- أغنية "حلف القمر" للفنّان جورج وسّوف التي أخذ ملحّنها اللبناني نور الملاّح، في مقدّمتها الشهيرة، جملة موسيقيّة من مطلع أغنية "مُرَّ بي" للملحّن المصري محمد عبد الوهاب والتي غنّتها السيّدة فيروز.
- أغنية بعنوان "إذا فيك" للملحّن والمغنّي اللبناني سليم عسّاف الذي أخذ جزءًا من مقدّمة أغنية "بحبّك يا لبنان" للأخوين رحباني والتي غنّتها فيروز.
- أغنية "القريب منّك بعيد" للملحّن محمد عبد الوهاب غنّتها نجاة الصغيرة وقلّد الملحّن المصري كمال الطويل جملة موسيقيّة منها في أغنية "يا واد يا تقيل" لسعاد حسني.
- أغنية "نور السهر" لحّنها وغنّاها الفنّان اللبناني عاصي الحلاني الذي أخذ العام 2008 مقطعاً موسيقيّاً بكامله من موسيقى المسلسل التركي "نور" الذي كان يُعرض مدبلجاً على الشاشات العربيّة سنة 2005، وتحديداً من المقطع الموسيقي الأكثر شهرةً.
- أغنية "من اليوم" للفنّانة اللبنانيّة نانسي عجرم من ألبومها الأخير الصادر في صيف العام 2014، Nancy #8، والتي أخذ ملحّنها اللبناني رواد رعد مقطعاً برمّته من أغنية "قالوا مشينا" للفنّانة اللبنانيّة جوليا بطرس التي لحّنها زياد بطرس وكانت صدرت ضمن ألبوم "يوماً ما" العام 2012.
- أغنية "حبّي الوحيد" للفنّان اللبناني وائل جسّار التي نسبها لنفسه الملحّن عماد ابراهيم وهي تركيّة الأصل صدرت عام 2002 تحت عنوان Tirlamisim للمغنّي التركي Emrah.
- موسيقى جنريك مسلسل "إتّهام" التي حلّت ميريام فارس بطلة عليه خلال شهر رمضان الفائت، مأخوذة بكاملها من أغنية تركيّة قديمة جدّاً تحمل عنوان Saka Yaptim وهي "ديو" بين الفنّان التركي Nejat Alp والفنّانة التركيّةSeda Sayan ادّعى ملحّن الجنريك المصري محمد النادي أنّ اللحن يعود إليه فنسبه لنفسه.
- موسيقى المسلسل اللبناني "ورود ممزّقة"، لحّنها الممثّل اللبناني يوسف الخال وأخذ نغمة من أغنية فيروز "رجعت العصفورة".
- أغنية "مين ده اللي نسيك" للفنّانة اللبنانيّة نانسي عجرم التي صدرت عام 2008 ولحنّها وليد سعد تحتوي على مقطع شبيه بأغنية المغنّي المصري عبد الحليم حافظ "وانا كلّ ما قول التوبة" التي لحّنها بليغ حمدي.
- أغنية للفنّان المصري عمر دياب "إنت ما قولتش ليه" صدرت سنة 2003. لحّنها خالد عزّ وقلّد مقطعاً من أغنية فيروز "سألوني الناس" التي لحّنها زياد الرحباني عام 1973.
- أغنية "طمّني عليك" للمغنّي المصري محمد فؤاد التي ادّعى أنّه مَنْ لحّنها، إلاّ أنّها أغنية تركيّة الأصل للمغنّية والملحّنة التركيّة Sezen Aksu، وعنوانها Istanbul Istanbul Olali.


كذلك، بعض الأغاني اليونانيّة القديمة ليست بعيدةً من هذه الأجواء:
- فأغنية "إنت عمري" لأمّ كلثوم التي لحّنها محمد عبد الوهاب عام 1964، "استعارها" أحد الملحّنين في اليونان عام 1975 وغنّاها مغّني يوناني يدعى Manolis Aggelopoulos بعنوان Ta Filia Sou Einai Fotia.
- أغنية "منين نبتدي الحكاية" لعبد الحليم حافظ التي غنّاها سنة 1975، أخذ المقطع الأوّل منها المغنّي اليوناني نفسه Manolis Aggelopoulos العام 1977 بعنوان Ta Mavra Matia Sou.


ولا يقلّ الملحّنون الإيرانيّون والأتراك والإسرائيليّون عن نظرائهم اللبنانيّين والمصريّين في "سرقة" الألحان. إليكم بعض ما "استعاره" ملحّنون إيرانيّون وأتراك واسرائيليّون من ألحان عربيّة معروف بعضها ونردّده دوماً في جلساتنا الطربيّة أو حتّى في أمسيات الـ Karaoke:
- أغنية "يا مجنون مش أنا ليلى" للفنّانة السوريّة أصالة نصري التي أصدرتها سنة 1999 ولحّنها محمد ضياء، غنّتها المغنّية الإيرانيّة ليلى فاروهار سنة 2005.
- أغنية "طريق النحل" للسيّدة فيروز التي لحّنها الأخوين رحباني وأخذها أحد الملحّنين الأتراك ووُضعت تحت عنوان Tanri Misafiri.
- أغنية "أكدب عليك" التي غنّتها الفنّانة وردة الجزائريّة للملحّن المصري محمد الموجي، غنّاها أحد المغنّين الأتراك في فيلم سينمائي تركي.
- المقدّمة الموسيقيّة لأغنية "ألف ليلة وليلة" لأمّ كلثوم التي لحّنها بليغ حمدي، أخذ جزءًا منها الملحّن (في المقدّمة) الذي ألّف موسيقى المسلسل التركي "حريم السلطان" وهو يُعرض منذ سنتين على الشاشات العربيّة ولا يزال.
- أغنية "واحشني إيه" للفنّانة اللبنانيّة ميريام فارس التي أصدرتها العام 2003 ولحّنها المصري محمد رفاعي، أخذها كلّ من المغنّي التركي Ozan تحت عنوان Canima Yetti العام 2009 ونسبها الملحّن التركي Murat Gunes لنفسه والمغنّي الإيراني Saeid SJ العام 2008 بعنوان Arezoomeh.

- أغنية "إيه اللي بيحصل" لميريام فارس من ألحان المصري محمد رحيم والتي غنّتها مغنّية إسرائيليّة. ليست لدينا أيّة فكرة عمّا إذا كانت أغنية ميريام مسروقة أم أنّ ملحّنها هو مَنْ باعها مَرّة ثانية للمغنّية الإسرائيليّة.

تَعتبر جمعيّة الملحّنين والمؤلّفين الموسيقيّين وناشري الموسيقى في العالم المعروفة بالـ Sacem، وفقاً لنصوصها القانونيّة، أنّ كلّ عمليّة تلحين جملة موسيقيّة تتألّف من أربع إلى خمس "موازير" (وهذه الكلمة هي عبارة عن مقياس موسيقيّ متعارَف عليه عالميّاً يشتمل على عددٍ معيّن من النوتات) تحوي عدد النوتات نفسه ونغماً مماثلاً تماماً لنغم أغنية أخرى، لا تُحتسَب عمليّة سرقة إنّما توارد أفكار. ولكن، إذا تعدَّت الجملة هذا المقياس الذي يساوي، عادةً، مقطعاً موسيقيّاً ذا مساحة غير قصيرة، فيصبح الكلام على سرقة جائزاً. غير أنّ الـ Sacem أعطَتْ للملحّن حقّ إقرار قانون خاصّ به، تبعاً لحريّة شخصيّة تمنحه إيّاها الجمعيّة، يفرض من خلاله شروطاً عليها ومعياراً موسيقيّاً خاصّا به ومختلفاً عن الذي وضعته الجمعيّة، بمنع أيّ ملحّن آخر، كائناً مَنْ كان، من أخذ نغمة موسيقيّة تعود إليه وكان لحّنها حتّى ولو لمْ يتعدَّ مضمونها الثلاث نوتات، على سبيل المثال، وإلاّ احتُسبت العمليّة سرقة ولُوحقَ قانونيّاً من قبل ملحّن النغمة الأصليّة.


يبقى أنّ مغنّين لبنانيّين كثيرين غنّوا من ألحان تركيّة، إلا أنّهم استأذنوا ملحنيها قبل ذلك، مثل وائل كفوري الذي غنّى "بالغرام" أو "تبكي الطيور"، للفنّان التركي ابراهيم تاتليسيس، وجوزف عطيّة، في ما خصّ أغنية "تعب الشوق"، الذي ذكر في ألبومه أنّها تعود إلى الملحّن والموزّع الموسيقي التركي Suat Aydogan.