البطاقة التمويليّة: لا تمويل ولا رقابة!
01 Jul 202106:22 AM
البطاقة التمويليّة: لا تمويل ولا رقابة!

علي نور الدين

موقع أساس
كتب علي نور الدين في موقع "أساس":

هل تحوّلت البطاقة التمويليّة، وفقاً لصيغة القانون الذي صوّت عليه المجلس النيابي اليوم، إلى بطاقة إعاشة انتخابيّة؟ هذا السؤال هو تحديداً ما يمكن طرحه بمجرّد المرور على بنود القانون. فما وافق عليه مجلس النواب اليوم لم يتضمّن أيّ تفاصيل بخصوص آليّات المراقبة وطريقة تحديد معايير الاستفادة من البطاقة، وأيضاً لم يتضمّن أيّ تفاصيل بخصوص الجهات التي ستشرف على المشروع وتضبط الإنفاق فيه، أو حتّى الجهات التي ستقوم بتوزيع البطاقة وإصدارها وإدارة جوانب عملياتها الماليّة.


باختصار: كلّ هذه التفاصيل، التي تُعنى بأكثر أجزاء المشروع حساسيّة، متروكة للحكومة، وهو ما يعني أنّ المجلس النيابي شرّع للسلطة التنفيذيّة إنفاق 556 مليون دولار على أعتاب الانتخابات النيابيّة من دون فرض الحدّ الأدنى من القيود المطلوبة. وفي حين أنّ البلاد تشهد اليوم أقسى أشكال العوز والشحّ المالي، فمن البديهيّ أن يتوقّع المرء سهولة تحويل البطاقة التمويليّة إلى بطاقة مساعدات انتخابيّة تسهّل الأحزاب في المناطق الحصول عليها وتسرّع معاملاتها، خصوصاً في ظلّ فوضى قوائم العائلات المحتاجة المتاحة اليوم، وعدم وجود أيّ آليّات جاهزة لتحديث هذه القوائم وتوحيدها بشكل مدروس وعادل، ولا إحصاءات يمكن الركون إليها لتحديد القوائم.

ويظهر الطابع الخدماتي الانتخابي للبطاقة في عدم استدامته. فالقانون لا يقدّم أيّ أجوبة عن كيفيّة استمرار البطاقة لِما بعد العام الحالي، على الرغم من أنّ جميع المؤشّرات تدلّ على أنّ الأزمة الماليّة مستمرّة لفترة تُقاس بالسنوات لا بالأشهر. ومن ناحية أخرى، لا يقدّم المشروع أيّ إجابة لكيفيّة الخروج المتدرّج من الاعتماد على البطاقات التمويليّة لاحقاً، في حين أنّ التحدّي الأساسي في هذا النوع من المشاريع يتركّز في كيفيّة وقف الاعتماد على هذا النوع من المساعدات في المستقبل على مراحل بالتوازي مع تطبيق خطة شاملة تكفل الخروج من حالة الانهيار الاقتصادي.

أمّا كبرى الإشكاليّات فتتلخّص في كون كلّ من الحكومة والمجلس النيابي لا يملك أيّ تصوّر لكيفيّة تمويل البطاقة، وهو ما يعني ترك المشروع معلّقاً في الهواء بانتظار توفير التمويل. تحدّث وزير المال عن إمكان الاستفادة من قروض البنك الدولي التي تمّ تخصيصها لمشاريع أخرى من دون أن تُستَعمل بعد، لكنّ هذا النوع من مصادر التمويل سيحتاج إلى بعض الوقت من أجل التفاوض مع البنك الدولي، والتفاهم على شروط القروض بعد تعديل وجهة استعمالها. مع الإشارة إلى أنّ البنك الدولي سيملك شروطاً قاسية حتماً، في كلّ ما يتعلّق بكيفيّة إدارة المشروع، تماماً كما حصل بالنسبة إلى قرضه المخصّص لمساعدة العائلات الأكثر فقراً. وفي هذه الحالة، ستحتاج الحكومة إلى مزيد من الوقت لتكييف المشروع مع الشروط المستجدّة.

الخيار الآخر، الذي تمّ الحديث عنه، يتمثّل في الأموال التي سترد إلى لبنان من صندوق النقد، بعد تخصيص حقوق السحب الخاصة بأعضاء الصندوق. وهذه العمليّة، التي تعني ببساطة السماح للدول الأعضاء بسحب جزء من مساهماتهم، ما زالت قيد النقاش في المجلس التنفيذي للصندوق، بانتظار إحالة الاقتراح إلى مجلس المحافظين فيه. وفي أفضل الحالات، لن تبصر البلاد هذه الدولارات قبل شهر أيلول القادم، هذا إذا مرّ المقترح تماماً كما يشتهي لبنان.


سيكون أمام اللبنانيين خلال المرحلة المقبلة مشروع بطاقة غير واقعي، سيحتاج إلى أشهر عديدة قبل توفير الأموال المطلوبة لتنفيذه. وفي حال سلك المشروع طريقه نحو التنفيذ، فلا يوجد ما يضمن نزاهة التطبيق، وعدم إغراق المشروع بأتون الزبائنيّة والمحاصصة

لقراءة المقال كاملاً: https://www.asasmedia.com/news/389602