أشكال جديدة للصّراعات... فأيّ دور للجيش؟
02 Jul 202116:30 PM
أشكال جديدة للصّراعات... فأيّ دور للجيش؟

أنطوان الفتى

أخبار اليوم

كتب أنطوان الفتى في "أخبار اليوم":

صحيحٌ أن المجتمع الدولي يُبدي اهتماماً واسع النّطاق بالجيش اللبناني، ويُشيد بأدواره المحليّة، وتلك التي هي من ضمن المنظومة الأمنية الدولية، إلا أن اللُّغز المُحيِّر هو لماذا لا يذهب (المجتمع الدولي) هو نفسه الى النهاية، في فرض معادلة أن الجيش اللبناني، هو أهمّ الركائز الأساسية في رسم مستقبل لبنان الجديد؟


بأقلّ الخسائر

فنحن نُدرك الموانع الداخلية، التي لم تسمح للسياسيّين اللبنانيين بإطلاق يد المؤسّسة العسكرية في ميادين كثيرة سابقاً. فعلى سبيل المثال، لم يسمح الأمر الواقع السياسي بتفويض الجيش باستلام الوضع، في مرحلة التعامُل مع جائحة "كوفيد - 19" العام الفائت، ومع نتائجها متعدّدة الأشكال، وفي مرحلة تمكين البلد من التعايُش مع ضرورات إنهاء الإقفال العام في كلّ مرّة، بأقلّ الخسائر المُمكنَة.


خلفيات

فلماذا لا يذهب المجتمع الدولي، الذي لا يخجل من التعبير عن عَدَم ثقته بالسلطة السياسية اللبنانية، الى ما هو أبعَد من الحاجات العسكرية حصراً، في هذا التوقيت بالذّات، وتحديداً في إطار التعاطي (الدولي) مع المؤسّسة العسكرية في المجالات الإنسانيّة والطبيّة والدوائية للشّعب اللبناني عموماً، بعدما لم يَعُد سرّاً أن الحاجات الإنسانية اللبنانية الكثيرة، تتّجه نحو مزيد من الارتباط بشروط فكّ الحصار الإقتصادي والمالي عن لبنان، معروف الأسباب السياسية، والخلفيات الاستراتيجيّة.

 

خسارة

لفت العميد المتقاعد، وقائد عملية "فجر الجرود"، فادي داوود، الى أن "لا شكّ في أن المجتمع الدولي ينظر الى المؤسّسة العسكرية كالعمود الفقري للدولة اللبنانية، وأن 90 في المئة من المساعدات والمساهمات الدولية للجيش اللبناني تأتي من الولايات المتحدة الأميركية تحديداً، إلا أن لا أحد حول العالم يتطلّع الى عَسْكَرَة النّظام في لبنان".

وأوضح في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أن "أي دور يُسنَد الى الجيش من خارج مهامه العسكرية والأمنيّة، في الظروف الراهنة، سيُعتبَر بمثابة زجّ للمؤسّسة العسكرية في السياسة اللبنانية. والوَحْل اللبناني عميق الى درجة أن أي شيء يوضَع فيه، ومهما كان نوعه، يتحوّل فوراً الى خسارة، والى عامل انقسام داخلي بين داعم ورافض له".


أدوار إنقاذية

وأكد داوود أن "المؤسّسة العسكرية لن تلعب دوراً سياسياً. ولكن لا موانع دولية من أن تلعب هذه الشخصية العسكرية أو تلك، أدواراً إنقاذية للبلد، على الصّعيد السياسي. وهذا يعود الى الثّقة الدولية الكبيرة بترجمة الشفافية الموجودة داخل المؤسّسة العسكرية، في الحياة السياسية اللبنانية".

وردّاً على سؤال حول أدوار الجيش مستقبلاً، بعد انتهاء الأزمة الحالية التي تركت أثراً كبيراً على المؤسّسة العسكرية، خصوصاً أن الصراعات القادمة في المنطقة والعالم، تتّجه نحو أشكال جديدة، أجاب:"دور الجيش لن يدخل في رسم سياسة البلد، ولا في شكل لبنان ما بعد الأزمة مستقبلاً".

وأضاف:"رمز وشروط وعناصر وحدة البلد، ليست محصورة بالجيش فقط، بل تطال السياسة الخارجية، والوضع المالي أيضاً. فكلّنا نلاحظ المعاناة التي تطال السياسة الخارجية في لبنان حالياً، فيما انهار الوضع المالي ودُفِن، لدرجة أن رائحة الجثّة الماليّة تفوح بشدّة. بينما لا يزال الجيش وحده صامداً".

الدّعم

وشدّد داوود على أنه "لا يمكن دعم الجيش فقط في هذا الظرف الصّعب، دون النّظر الى القوى الأمنية أيضاً. وبالتالي، لا يمكن إطعام الجندي في الجيش، وتَرْك الدركي جائعاً".

وتابع:"الدّعم الدولي للجندي في الجيش، وللعنصر في الأمن العام، وفي أمن الدولة، والمؤسّسات الأمنية كلّها، هو من الضّرورات التي يتوجّب النّظر إليها كسلّة واحدة. وحتى إن الدعم الدولي للجيش لطالما اهتمّ بالقوى القتالية، إذ إن لا أحد كان يتوقّع أن يصل الإنهيار الى مرحلة تهديد تأمين الغذاء. فدعم العنصر البشري بالغذاء والدواء، هو أمر أساسي لتمكين الماكينة العسكرية من الاستمرار، وإلا تنهار مهما كانت مُجَهّزَة قتالياً".

وختم:"يُمكن للدّعم الدولي الإنساني للعناصر العسكرية والأمنيّة، أن يكون على شكل تقديمات، تتعلّق بالنّقل مثلاً، بما يخفّف الضّغط عن الراتب الشهري للعسكريين ولعناصر الأمن، وبما يُبقي كرامتهم محفوظة".