.. وتدور الدوائر "الانتخابية" على الجنرال

كارلا خطار

المستقبل

أسقط رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون كل قوانين الإنتخاب التي شارك في مناقشتها حتى "كتروا سلاخينها". ولم يوفر نواب التكتل فرصة إلا ورموا الطابة في ملعب قوى 14 آذار لاعتقادهم أن ذلك يخلق خلافا بين تيار "المستقبل" من جهة والأحزاب المسيحية "القوات اللبنانية" و"الوطنيين الأحرار" و"الكتائب اللبنانية" من جهة أخرى. أما اليوم وقد جاء موعد مناقشة اقتراحات القوانين الإنتخابية في المجلس النيابي، فستعود الطابة لتدخل مرمى عون مع توافق كل قوى 14 آذار حول قانون الدوائر المصغّرة!إذاً ناور العونيون مع "حزب الله" وتواطأوا لتمرير مشروع قانون انتخاب يكون في خدمة السلاح، وشنّوا في المقابل حربا ضروسا ضدّ كل القوانين متّفقين على قانون واحد "مجهول الهوية" القانونية ويفتقر للأكثرية النيابية. في المقلب الآخر، دحض تيار "المستقبل" ادّعاءات عون وأطلق نوابه مواقف يومية تؤكد توافقهم مع أي قانون يجده المسيحيون مناسبا لصحة التمثيل ومتوافقاً مع الدستور اللبناني.إلا أن الصورة تبدّلت بعدما نعى عون كل القوانين، وأوهم الجميع بأنه يناقشها ليتوافق عليها مع المسيحيين. فحُصرت المناقشات اليوم، بعيدا عن المناورات المحلية والإقليمية، بقوى 14 آذار التي ستسعى للوصول الى صيغة غنية لقانون انتخاب تخلص إليه التشاورات في قوانين ثلاثة باتت معروفة: قانون النسبية الذي قدّمته الحكومة على اساس 13 دائرة، قانون اللقاء الأرثوذكسي، قانون الدوائر الصغرى وعددها 15 مع النسبية، وأخيرا قانون الدوائر المصغّرة وعددها 50. ولأن قانون النسبية في ظل السلاح ترفضه قوى 14 آذار، وكذلك يصطدم قانون اللقاء الأرثوذكسي بحاجز الرفض.. ينحصر الإختيار بين القانونين المتبقيين.هكذا سقطت اتهامات عون التي يريد منها تشتيت "القانون" عن مشروع انتخابي يضمن صحة التمثيل ويغض الطرف عن سلاح يسلّط زناده على ضمائر اللبنانيين ويهدد إرادتهم. هذا ما سلّط الضوء على علاقة تيار "المستقبل" والأحزاب المسيحية في قوى 14 آذار الواضحة والصريحة والمتوافقة على قانون يصبّ في مصلحة لبنان."ثلاثة بواحد" هذا ما ستكون عليه صورة قانون الإنتخاب الذي سيتوافق عليه "المستقبل" مع "القوات" انطلاقا من مزج الأفكار الصالحة للحفاظ على خصوصية لبنان. في اليوم الأول من السنة المقبلة ستنظم وزارة الداخلية الإنتخابات النيابية على أساس القانون الجديد.. من الآن وحتى ذلك التاريخ ستطلق قوى 8 آذار الكثير من الإتهامات لـ "تهبيط حيطان" كل القوانين الإنتخابية وليبقى مشروع القانون "النسبي" المحال من الحكومة الى المجلس النيابي "عَ الرفّ".أقفل عون الأبواب أمام كل محاولات الاتفاق على قانون يوحّد المصالح اللبنانية وتتمثّل فيه كل الأطراف بحسب حجمها الطبيعي لا بحسب "تورّم" سلاحها. إلا أن ذلك شرّع الباب على مصراعيه على نقاش لا شكّ سيكون مثمرا وغنيا بين مكونات قوى 14 آذار حتى تفضي المشاورات الى "قانون ما". فكيف ستفضي "اقتراحات" قوانين الإنتخاب الى قانون واحد؟ وما هي النقاط الأساسية التي سيتضمّنها؟ على أي قانون "سيؤكّسون" وأي قوانين سيدمجون؟موقف تيار "المستقبل" واضح، بحسب النائب عمار حوري. ويشرح "هناك لاءان قاطعتان: لا للنسبية في ظل السلاح، ولا لإقتراح اللقاء الأرثوذكسي. هذان القانون مرفوضان". ويوضح "تظهر النسبية في ظل السلاح وكأن "حزب الله" يريد القول "ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم"، ونحن نعتبر أن السلاح سيئ في أي نظام سواء كان أكثرياً أو نسبياً".ويرى حوري أنه في "ظل النظام النسبي سيحتفظ "حزب الله" بكل مقاعده لأنه سيصعب على الرأي الآخر الوصول الى نسبة معيّنة يستطيع من خلالها أن ينال مقاعد، كما سينال حلفاؤه في المقابل في مناطقنا عددا من المقاعد وفق نسب معيّنة". ويخلص الى أن "النسبية مرفوضة في ظل السلاح".وينتقل حوري لشرح رفض "المستقبل" لقانون اللقاء الأرثوذكسي فيعتبره "يعيد الأمور الى الوراء وكأن لبنان عاد الى الحياة القبلية والمجموعات المتناثرة". ويخلُص الى أن تيار "المستقبل" لا يمانع "اقتراح قانون الدوائر الصغرى التي يعرضها حلفاؤنا المسيحيون في قوى 14 آذار، أما في ما خصّ عدد الدوائر فيمكن مناقشته خصوصا أن قانون الإنتخابات هو أهم قانون يتحكّم بمستقبل الحياة السياسية في لبنان".ويشدد حوري على "ضرورة أن يحظى قانون الإنتخاب بأكبر قدر ممكن من الإجماع أو شبه الإجماع"، داعيا الى "تدوير الزوايا في ما يخص "جبهة النضال الوطني" أو أي طرف آخر حيث انه ليس مطلوبا أن نناقش هواجس فريق معيّن وأن نخلق في المقابل هواجس لدى أفرقاء آخرين." ويختم "لا مانع لدينا من زيادة عدد الدوائر الخمسين أو تخفيضها، كل شيء قابل للنقاش" مؤكدا "التواصل الدائم مع رئيس الجبهة وليد جنبلاط".من جهته، يتوافق حزب "الوطنيين الأحرار" مع تطلّع تيار "المستقبل"، ويشير عضو المجلس الأعلى في الحزب المحامي جوزيف كرم الى أنه "قبل اقتراح قانون اللقاء الأرثوذكسي كنا أول المبادرين الى مشروع الدوائر الفردية الصغيرة". ويعتبر أن "قانون اللقاء الأرثوذكسي هو أكثر القوانين تمثيلا إلا أنه مشوّه بثغرتين أولها وجود السلاح الذي سيخترق من لا يحملون السلاح لينتزع منهم مقاعد على أساس النسبية، في المقابل لا يتمتع الطرف غير المسلّح بهذه "الميزة".. لذا فإن كل ما هو نسبي سيؤثر على من لا يحمل السلاح".ويلفت كرم الى أن "حزب "الوطنيين الأحرار" ماض في دعم قانون الدوائر المصغّرة الأقرب الى طرحنا، وهذا ما يؤمّن للبنان التمثيل الأفضل بين كل القوانين المطروحة". ويختم قائلا "قوانين النسبية هي الأفضل دائما إلا أنها لا تؤدي مهمّتها التمثيلية الصحيحة في ظل السلاح".في السياق عينه، يؤكد عضو كتلة "الكتائب اللبنانية" النائب إيلي ماروني أن "الطروح هدفها حسن التمثيل المسيحي ولطالما واجهنا معارضة العماد عون مع حلفائه متحديا إمكانية إقناع تيار"المستقبل" بالإقتراح".. ويتابع "يحظى المشروع الذي تقدّمنا به الى مجلس النواب بتجاوب "المستقبل" وبالتالي نحن نردّ الطابة الى ملعب الجنرال عون".ويفنّد ماروني كل مشاريع القوانين المعروضة للمناقشة قائلا "مشروع الحكومة ولد ميتا، مشروع اللقاء الأرثوذكسي الذي لا يحظى بموافقة شركائنا في الوطن لا من "حزب الله" ولا من "المستقبل" ولا من حركة "أمل" وهناك الدوائر المصغّرة الذي يحظى بموافقة "المستقبل" ولم يمانعه جنبلاط بصورة مطلقة إنما تحفظ على عدد الدوائر". ويختم ماروني "مشروع القانون غير مُنزل وهو قابل للتعديل وتفاصيله قيد المناقشة".من ناحيته، يشرح عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب جوزيف معلوف أن "قانون اللقاء الأرثوذكسي الذي لم يحظى بتوافق الحلفاء والشركاء تمّ الإستغناء عنه، أما القوانين الأخرى فنوقشت في لجنة بكركي ووقع الإختيار على الدوائر الصغرى التي تؤمن صحة التمثيل." ويشير الى أن "النسبية تؤمن صحة التمثيل إلا أنه وبسبب الإصطفافات والسلاح خارج الشرعية، قد تسبب النسبية هواجس.. إلا أنه في المبدأ الديموقراطي النسبية تعتبر أساسية..".هل التوافق بين كل الأفرقاء في قوى 14 آذار هو الردّ الأفضل على عون؟ يردّ معلوف "ما يريده عون غير واضح، وهذا ما انعكس ضعفا على قواعده الشعبية". ويختم "أعتقد أن ما يهمّهم هو الحفاظ على موقعهم وعلى الأقل حفظ ماء الوجه، لأن ما هو أكيد أنه من الصعب جدا أن يحصل عون على كتلة بحجم كتلته الحالية في المجلس النيابي".