مشروع قانون الإنتخاب ما بين الدوائر الصغرى والنسبية: الستون باق

ماهر الخطيب

موقع النشرة

بات قانون الإنتخابات النيابية الشغل الشاغل للقوى السياسية المختلفة، التي يبحث كل منها عن تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب تحت عنوان "التمثيل الأفضل"، الذي على ما يبدو لن يتحقق في المدى المنظور.

 

على طاولة البحث، هناك العديد من مشاريع القوانين التي تناقش، والتي يتمسك كل فريق من فريقي الصراع السياسي بما يناسبه منها، لأن المرحلة المقبلة تحتم على كل منهما السعي إلى الفوز بالأغلبية النيابية مهما كان الثمن، وبالتالي لا يريد أي منهما التمثيل الأفضل بل القانون الأفضل، فما الذي يقدمه كل مشروع؟

 

 

 

ماذا يقدم قانون الدوائر الصغرى؟

تتمسك قوى الرابع عشر من آذار بمشروع قانون الدوائر الصغرى، المقدم بشكل أساسي من حزب "القوات اللبنانية"، وترى أن هذا المشروع الذي يقسم لبنان إلى 50 دائرة إنتخابية يؤمن "التمثيل الأفضل"، لا سيما على الصعيد المسيحي من خلال التأكيد بأنه يؤمن وصول 55 نائباً بأصوات المسيحيين، لكن لرئيس "مركز بيروت للأبحاث والمعلومات" عبدو سعد رأي آخر، حيث يشير إلى أن هذا المشروع يؤمن إختيار 50 نائباً بدوائر ذات أغلبية مسيحية، لكنه يلفت إلى أن هذا الأمر لا يعني أن النواب الفائزين سيخُتارون بقوة الأصوات المسيحية الذاتية بسبب الإنقسام السياسي الحاصل على الساحة المسيحية، ويؤكد أن هذا الإنقسام سيؤدي إلى إختيار المسيحيين بقوتهم الذاتية 18 نائباً في هذا المشروع فقط لأن الأصوات المرجحة ستكون إسلامية.

ويوضح سعد، في حديث لـ"النشرة"، ما يقوله من خلال الحديث عن دائرة جزين على سبيل المثال، التي يشبه وضعها العديد من الدوائر الأخرى، فيلفت إلى أن نسبة الناخبين المسلمين في هذه الدائرة يقارب 23% معظمهم من الطائفة الشيعية، ما يعني أن هذه الأصوات سترجح كفة لائحة الفريق السياسي المسيحي المتحالف مع القوى السياسية الشيعية في حال كان هناك تقارب في الأصوات بين اللائحتين المسيحيتين.

على صعيد متصل، لدى مدير عام شركة "ستاتستكس ليبانون" ربيع الهبر قراءة أخرى لهذا المشروع، حيث يؤكد أنه يسمح للمسيحيين باختيار 54 نائباً بقوتهم الذاتية، هم 51 نائباً مسيحياً و3 نواب مسلمين، ويعتبر أن نسبة تأثير الصوت الإسلامي في ما يتعلق بهذه المقاعد النيابية ليس كبيراً.

ويرى الهبر، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا المشروع يؤمن أغلبية نيابية في المجلس النيابي لقوى الرابع عشر من آذار، الأمر الذي يوافقه عليه سعد الذي يؤكد أن هذا المشروع يؤمن أكثرية "مريحة" لهذا الفريق.

 

ماذا يقدم قانون النسبية على أساس 15 دائرة؟

في الجهة المقابلة، تتمسك قوى الثامن من آذار بمشروع القانون المقدم من قبل الحكومة بعد تعديل الدوائر الإنتخابية التي ينص عليها لتصبح 15 بدل 13، وهي أيضاً ترى أن هذا المشروع يؤمن "التمثيل الأفضل" لا سيما على الصعيد المسيحي، لكن قوى الرابع عشر من آذار لا توافق على هذا الطرح.

وفي هذا الإطار، يرى سعد أن هذا المشروع يؤمن وصول 55 نائباً إلى الندوة البرلمانية بأصوات الناخبين المسيحيين دون أي تأثير للصوت المسلم، ويعتبر أن العقل يعجز عن إيجاد نظام إقتراع يتوافق مع الدستور اللبناني ويعطي المسيحيين ما تعطيهم إياه النسبية، ويشير إلى أن هذا المشروع سيسمح لهم بإختيار 54 نائباً مسيحياً بأصواتهم بالإضافة إلى نائب شيعي.

ويشدد سعد على أن نظام الإقتراع النسبي يساهم في رفع نسبة تصويت الناخبين في الدوائر التي كانوا لا يجدون فيها لصوتهم أي تأثير، ومن جهة ثانية يشجع المزيد من المرشحين على خوض غمار المعركة.

من جانبه، لا يعتبر الهبر أن هذا المشروع أفضل من مشروع الدوائر الصغرى على الصعيد المسيحي، حيث يلفت إلى أنه لا يؤمن لهم إختيار أكثر من 50 نائباً بأصواتهم الذاتية، ويرى أن مشروع قانون "اللقاء الارثوذكسي" يؤمن التمثيل الأفضل يليه قانون الدوائر الصغرى ثم النسبية.

ويلفت الهبر إلى أن مشروع قانون النسبية على أساس 15 دائرة يؤمن التقارب في عدد المقاعد النيابية التي سيحصل عليها كل من 8 و14 آذار بشكل عام، في حين يرى سعد أن من غير الممكن الحديث عن هذا الموضوع بشكل حاسم لأن سلوك الناخب في النظام النسبي يختلف عمّا هو عليه في النظام الأكثري بشكل كبير.

 

 

 

العودة إلى قانون الستين...

على الرغم من الحديث عن أن فرص إعتماد أي من المشروعين المذكورين أعلاه بالإضافة إلى مشروع اللقاء الأرثوذكسي متقاربة، تبدو فرص الإبقاء على قانون "الستين" الحالي هي الأقوى، حيث من المستبعد أن يوافق تيار "المستقبل" و"الحزب التقدمي الإشتراكي" على إعتماد النظامين بأي شكل من الأشكال. ومن جانبها، لن توافق قوى الثامن من آذار على إعتماد قانون الدوائر الصغرى الذي يؤمن أغلبية واضحة لقوى الرابع عشر من آذار في المجلس النيابي.

وفي ما يتعلق بمشروع قانون "اللقاء الأرثوذكسي"، فمن المستبعد الوصول إلى توافق عليه يؤمن له الغالبية اللازمة لإقراره في المجلس النيابي، بسبب العديد من العوائق السياسية والدستورية التي تعترض طريقه، ما يرجح الإبقاء على قانون "الستين" الحالي، رغم نفي معظم القوى السياسية رغبتها بحصول هذا الأمر.