"لم تكبر الخسّة في رأس مروان شربل". كثر يظنون ذلك، لكن لوزير الداخلية ما يقوله في هذا المجال. يواظب الرجل على نفي كل ما ينسب اليه من طموحات نيابية ورئاسية، حتى لو كانت الالسن تتناول الرغبات المفترضة لـمعاليه. يقول لـ "السفير": "بكّير على الرئاسة، هناك سنة وثمانية أشهر تفصلنا عن هذا الاستحقاق. هناك رئيس اسمه ميشال سليمان، وهو باق في موقعه حتى آخر لحظة، كما أنني معجب كثيرا بأدائه".
يقف شربل ضد التمديد لمرة واحدة واستثنائية للرئيس الحالي، لكنه يؤيّد تعديلا دستوريا يتيح انتخاب الرئيس لولايتين على ان تكون الولاية لأربع أو خمس سنوات، بحيث يستفيد منه كل رؤساء الجمهورية اللاحقين. ينطلق هنا من البديهيات "لماذا يكون هذا الامر متاحا لرئيس الحكومة ولرئيس مجلس النواب، ويحجب عن رئيس الجمهورية؟".
يؤكد شربل انه "يعمل لينجح، وليس ليبني شعبية". ينقل المقرّبون منه كلاما صريحا عن لسان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وصف فيه شربل بأنه رافعة العمل الحكومي. لكن هموما كبيرة وهواجس أكبر تثقل «رافعة» السرايا، تبدأ بقانون الانتخاب ولا تنتهي بالامن والتعيينات.
"لوطعة" اللجان النيابية المشتركة تشغل بال وزير الداخلية. يستخدم تعبيرا أكثر ديبلوماسية لوصف المراوحة النيابية هي نقاشات خارجة في أغلبيتها عن صلب الموضوع. يحرص وزير الداخلية على التأكيد أنه لم يعط مهلة لمجلس النواب لإنهاء قانون الانتخاب في الاول من كانون الثاني بل لنفسه، كي يتمكن من إنجاز التحضيرات التقنية واللوجستية والامنية والادارية المواكبة للعملية الانتخابية، إضافة الى تأمين المستلزمات المطلوبة لانتخاب اللبنانيين المقيمين في الخارج.
هذا يفترض إنجاز قانون الانتخاب قبل هذا التاريخ. ويولي شربل أهمية قصوى لمعرفة مدى صلاحية الهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات. هل ستكون بصلاحيات كاملة بحيث تحلّ محل الوزير، ام ستحصّن بصلاحيات محدّدة كما ورد في المشروع الذي أحالته وزارة الداخلية الى الحكومة وأقرّه مجلس الوزراء؟
برأي شربل وبحكم خبرته، كما يقول، صلاحيات الهيئة الواردة في مشروع الحكومة التي لا تجعلها مستقلة تماما بل مرتبطة بالوزير من خلال لجنة مصغّرة تحتاج عمليا الى ممارسة انتخابية أقله أربع سنوات كي تقوم بالمهام المطلوبة منها، فكيف يمكن إنجاز ما يفترض انه من صلاحياتها خلال الخمسة أشهر الفاصلة عن موعد الانتخابات؟.
يتساءل شربل "اذا كانت الهيئة مستقلة عن وزارة الداخلية، كيف ستتألف وكيف سيتم التوافق على أسماء أعضائها الـ11؟ كيف ستوزّع مهامها وكيف ستقوم بواجباتها تجاه المرشحين وتجاه إدارات الدولة الامنية والمدنية والعسكرية؟ وهل يمكن لقاض مثلا ان يوزّع مهام 40 الف عسكري ويمون على الاجهزة الامنية والمديريات العامة؟ هناك فريق من نحو 500 شخص يساعدني في الانتخابات فهل تستطيع الهيئة ان تمون على كل هؤلاء"؟
أسئلة كثيرة والاستنتاج واحد. يقرّ وزير الداخلية "لا يمكن للهيئة المستقلة المشرفة على الانتخابات أن تحلّ محل الوزير، إلا اذا كنت سأترشّح للانتخابات (ضاحكا). علما أن الوزير في هذه الحالة يرتاح في نهار الانتخابات".
في موازاة معضلة القانون الانتخابي والهيئة المستقلة، يتحضّر شربل لولادة مشروع قانون اللامركزية الادارية الذي بات قريبا. منذ وصوله الى الوزارة تمّ تأليف لجنة مصغّرة برئاسة ريمون مدلج عملت على التنسيق مع لجنة في القصر الجمهوري برئاسة الدكتورة ريّان عساف. وزير الداخلية السابق زياد بارود كان قد وضع بعهدة الخلف كتاب المئة سؤال حول اللامركزية الادارية. يوضح شربل "لقد أنجزنا مشروع اللامركزية الادارية بالتنسيق مع رئاسة الجمهورية بصيغته الاولية، وسيتم قريبا تأليف لجنة جديدة من أجل إنجاز الصياغة النهائية للمشروع ورفعه الى مجلس الوزراء".
وبعد الآن لن يردّ وزير الداخلية على أحد في مسألة تعيينات المحافظين والقائمقامين، خصوصا أن الانتخابات باتت على الابواب. سيجهد لوضعها ضمن سلّة واحدة، على طاولة مجلس الوزراء قريبا. حتى الآن، "تمّ الانتهاء من تعيينات بيروت وجبل لبنان حيث اختار مجلس الخدمة المدنية ثلاثة أسماء من ضمن الملاك نجحت في الاختبارات لكل محافظة، واليوم ستحال أسماء المرشحين من خارج الملاك لمحافظتي عكار وبعلبك ـ الهرمل. وسيستدعي مجلس الخدمة المدنية المرشحين في الاسبوع المقبل لإجراء مقابلات معهم واختيار ثلاثة أسماء عن كل محافظة، على ان يتم الانتهاء لاحقا من محافظ صيدا".
واذ يؤكد وزير الداخلية انه لم يتلق أي مراجعة سياسية بشأن المحافظين والقائمقامين، يشير الى ان مجلس الوزراء "يختار عادة الاسم الذي يزّكيه أو يميّزه وزير الداخلية من بين المرشحين الثلاثة الذين اختارهم مجلس الخدمة المدنية»، متوقعا "ان يحترم مجلس الوزراء آلية التعيينات التي التزمنا بها".
أمنياً، يؤكد وزير الداخلية استئناف الخطة الامنية في البقاع لاعتقال كل المخلّين بالامن، خصوصا المسؤولين عن عمليات الخطف وسرقة المصارف وكل المطلوبين. القرار اتُّخذ خلال الاجتماع الأخير لمجلس الدفاع الاعلى الذي شدّد على ضرورة التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية، على أن يكون توقيت ساعة الصفر ملك المطبخ الامني، حفاظا على عنصر المفاجأة.
يقرّ شربل ردا على سؤال بقيام الجيش أحيانا كثيرة بمهام هي من صلاحيات قوى الامن الداخلي، موضحا ان "الجيش مجهّز أكثر وعديده أكبر، وفي العديد من العمليات العسكرية الدقيقة نطلب مساعدته، في وقت تتركّز فيه مهامنا على الاستقصاء وجمع المعلومات"، مشيرا الى ان "عملية المداهمات في الضاحية حصلت بالتنسيق بين كل الاجهزة من جيش وأمن داخلي وأمن عام وأمن دولة"، لافتا الى انه "بالتنسيق مع الجيش، تم إلقاء القبض على شبكة السطو على المصارف واعتقال الرؤوس الكبيرة فيها، باستثناء شخص واحد لا يزال فارا من وجه العدالة".
يتكتّم وزير الداخلية بشأن المفاوضات حول المخطوفين اللبنانيين في سوريا. يذكّر بـ"خلية الازمة" لمتابعة القضية، ويشير إلى الاتصالات شبه اليومية التي يقوم بها الى جانب المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم من دون الإفصاح عن مضمونها التزاما بالاتفاق القائم مع الجانب التركي.
لا يريد شربل الخوض في الخط اليومي المفتوح بينه وبين "ابو ابراهيم"، ويكتفي بالاشارة الى وجود إيجابيات كثيرة، وكون وضع المخطوفين يتغيّر بين لحظة واخرى بحسب الوضع الامني والسياسي بين البلدين.