المعتدون على سوريا : في هجوم مضاد !؟....ام في تخبط فرضه الاخفاق؟

أمين حطيط

البناء

اعتبرت جبهة العدوان على سورية ان معركة حلب ستكون معركة الحسم و الفصل الاخير ، و  انشغل غلاتهم في توزيع المناصب و المكاسب ، باعتبار ان المعركة حسمت لصالحهم و بانهم باتوا على ابواب سلطة آلت اليهم ، اما الحذرين منهم – رغم قلتهم - فقد قطعوا بان المعركة باتت  راجحة لصالحهم  و ان عليهم متابعتها مع  النظر الى ما بعدها  تحضيراً لمستقبل سورية و هي في يدهم . و من هنا جاءت دعوات الغرب و بلسان فرنسي (اللسان الفرنسي يستعمل بيد اميركا  لجس النبض عادة ) دعوات لتشكيل الحكومة الانتقالية لسورية مع وعد بالاعتراف بها لتكون السلطة البديلة للسلطة المقاومة و التي تسببت مع المحور الذي هي واسطة العقد فيه تسببت بتلك الكوارث الاستراتيجية التي لحقت بالغرب و ليس اقلها فشل النظام العالمي الاحادي القطبية .و بعد شهرين على انطلاقتها ، حسمت "معركة حلب"  لصالح الدولة و الشعب و السوري بطريقة  منعت العدوان  قيادة و جسماً  تنفيذياً و ادواةً  من تحقيق شيئ من الاهداف ، الا ما تسببوا به من تدمير و نهب و سرقة في المدينة شاركت فيها تركيا بشكل معمق ، يحدوها في ذلك حقد على الموقع الاقتصادي و التجاري الحلبي المنافس لا بل المتقدم في المنطقة حتى و على الاتراك انفسهم .و كانت خسارة المعتدين ل "حرب حلب " كما اسموها ، او "معركة الفصل"  كما وصفها اخرون  ، خسارة مدوية ، ترافقت ايضا مع انجازات ميدانية حققها الجيش العربي السوري في اكثر من ساحة و ميدان خاصة في منطقة حمص و ريفها و تمددا الى القصير حيث تكبد المسلحون الخسائر الفادحة التي لا تقتصر على القتلى منهم بل و تشمل ايضا خروجهم من المعركة و فرارهم باتجاه لبنان او القائهم السلاح,في ظل هذا الواقع المرير بالنسبة لجبهة العدوان الذي انحسر وجود الارهابيين فيه الى اقل من 9% من المناطق المأهولة في سورية و 4 % من كامل المساحة السورية ، وضعت قيادة العدوان و وكلاؤها  امام تحدي ضخم ، حيث  فرض عليهم  الاختيار بين الاستسلام للهزيمة او المناورة  لكسب الوقت من اجل تنفيذ هجوم مضاد يحقق او يستلحق ما فات  ، و يبدو ان الحسابات الشخصية و الداخلية لكل فريق من فرقاء جبهة العدوان املت عليه تصرفاً يناسب مصالحه   ، و جاءت تصرفات الجميع منظورا اليها بشكل اجمالي و كانها تشكل بنية  لتحضير هجوم مضاد على سورية لاجهاض انجازاتها ، لكن دراسة تفصيلية لكل سلوك على حدا مقرونة بمواقف الاخرين تؤدي الى نتيجة مختلفة  و استخلاص ما يلي :1.  نبدأ مع بان كي مون – امين عام الامم المتحدة - الذي طلب من الحكومة السورية ان تعلن وقف اطلاق نار من جانب واحد ، و هو  طلب فيه الكثير من العيوب و عدم الواقعية التي  لن نغوص في تفاصيلها و نكتفي  بالتذكير بالمناورات الاحتيالية التي قامت بها الجامعة التي كانت عربية في ارسال مراقبين من اجل غل يد سورية و تمكين الارهابيين من التسلح و التمدد للسيطرة على  المناطق السورية ، او بعدها ارسال المراقبين الدوليين من اجل تهيئة البيئة لتدخل عسكري اجنبي في سورية ، و لما فشلت المناورات المخادعة  سحب المراقبون ، و يأتي الان بان كي مون العامل من اجل  المصالح الاميركية ليطلب من السوريين : "غلوا ايدكم حتى يقتلكم الارهابيون"  ، و هو طبعا ً  طلب يثير الضحك لكنه يؤشر الى امر بالغ الاهمية اذ فيه  اعتراف بهزيمة الارهابيين ، و اقرار بان الدولة السورية هي الممسكة فعلياً بالوضع رغم ما فيه من بعض الثغرات تشكلها حركات تمرد و ارهاب  .2.  اما عن الهجوم على حزب الله و اتهامه بالانخراط في اتون النار  التي نشرتها اميركا و ترجتمها عملاً ارهابيا تدميريا في سورية ، فاننا  نذكر بان الجميع يعلم بان الحزب رفض كل اقتتال  في سورية و هو  ضد اعمال العنف و يرفض اي قتال الا قتال اسرائيل المغتصبة و يعتبر بان اي قتال اخر هو هدر للطاقات و بالتالي و انطلاقا من مصداقيته التي تؤكدها  سلوكياته  ، نجد ان الاتهام لا يرتكز على اسس عقلانية للاخذ به و فضلا عن ذلك و لو فرضنا ان الحزب كما يقولون يشارك ب 1500 مقاتل فان هناك امران ينسفان  الفرضية :  الاول منطقي و يتمحور حول السؤال عن مدى تأثير هذا العدد في ميدان يعمل فيه 100 الف مسلح و ارهابي و تكفيري ، و التاني ميداني و يتعلق باستراتيجية الحزب و استعداده لمواجهة قادمة مع اسرلئيل ، و لهذا نرى ان الاتهام لا ينطلي و لا يمر على عاقل . ( لو كان الفرض صحيحا و في الاحوال السورية و شدة درجات القتال فيها لكان وجب ان يسقط من العدد على الاقل 200 قتيل و هذا امر لم يحصل طبعا ) . لكن لماذا جاء هذا الاتهام الان بالذات . و الجواب لا يتعدى امرين : الاول متعلق بهزيمة الارهابيين في القصير حمص  و حاجتهم لتبرير الهزيمة و منع نسبة الانجاز الى  الجيش العربي السوري ، و الثاني المساهمة في الهجمة الغربية على حزب الله خاصة بعد نجاحاته في تعطيل خطة الفتنة في لبنان، و الامر طبعا لم يقتصر في هذه المسألة  على هذا الاتهام فقط بل هناك تخرصات و تلفيقات برع الاعلام التحريضي التزويري في حبكها . و لكن نستفيد من كل ذلك لنقول ان اخفاقهم في سورية جعلهم يرتبكون و يطلقون النار العشوائية بقبضة لا تتحكم بها قدرات عقلية متوازنة و لهذا يطلقون الافتراءات على حزب الله الذي يؤرقهم .3.  و نأتي الى الاعلان عن " انتشار اميركي في الاردن " و رغم النفي الاردني ، يأتي التأكيد الاميركي الواضح حتى دون مراعاة للاردنيين . و هنا يجب بداية و ضع الامور في نصابها و نقول ان "قوة ال 150 عسكري اميركي" ليست بجديدة على الساحة الاردنية  ، فالاردن مرتبط مع اميركا باتفاقيات عسكرية تتيح مثل هذا الانتشار تحت تسميات شتى ، و على الدوام كان العسكريون الاميركيون خاصة في معسكرات التدريب المتعددة الاهداف ، يتجاوزون  بعددهم احيانا هذا الرقم . و هذه المجموعة العسكرية بالذات شاركت في "مناورات الاسد المتأهب " التي كان من اهدافها التعامل مع الوضع السوري و التدخل فيه وفقاً لما يتيحه الظرف ، و لما فشلت خطط التدخل العسكري ، انتقل الاهتمام الى مقولة الاسلحة الكيماوية ، و لما لم تلق صدى مهما ، جاء هذا الاعلان الملتبس الذي يهدف اصحابه الى رفع معنويات الارهابيين و القول بان اميركا تتحضر لشيء ما  انطلاقا من الارن لدعمهم ، و نحن نرى في الاعلان الاميركي عملاً دعائيا اعلاميا في اطار حرب نفسية ضد سورية ، و خدمة للحملة الانتخابية لاوباما للرد على روميني الذي ادعى بان اوباما قصر في سورية. و بالتالي فاننا لا نرى تغييرا يذكر في مسار الاحداث من هذا الباب ، بل تأكيد غير مباشر على انجازات سورية في حربها على الارهاب التكفيري التدميري الذي يستهدفها ، و لا علاقة للامر مطلقاً بما يمكن قوله من تحضير لحرب على سورية انطلاقاً من الاردن ، فالامر بات وراء الظهر .4.  اما تفتيش الطائرة السورية بعد اعتراض تركيا لها ، و المترافق مع القصف التركي المتقطع عبر الحدود و المدعوم بالتهديدات التركية الاخيرة بتصعيد مستوى الرد ، فاننا و مع التأكيد على ما كنا قلناه سابقاً  حول السقف الذي لا تستطيع تركيا تجاوزه في سلوكها ، فاننا نرى بان  شعور تركيا  بالعزلة و غل اليدين جعل اردغانها الخائب  يتخبط على غير هدى ، و يقدم على  القرصنة ضد طائرة رخص لها بعبور اجوائه ، فينتهك القانون الدولي  و يكون عليه تلقي النتائج و هي خسائر بدون شك .  و صحيح ان سورية لن ترد و تشن حربا على تركيا من اجل ذلك ، لكن الصحيح ايضاً ان سورية و حلفاؤها  قادرون  على الرد بما يؤلم تركيا و هاهي طلائع الرد بدأت  بوقف استجرار سورية للكهرباء من تركيا ثم الرد الروسي القاسي بالغاء زيارة بوتين لتركيا و النتيجة ستكون خسارة تركية اضافية ، و تكون تركيا المرتبكة تسببت لنفسها بها دون مبر الا حقد ساستها ، و لا يمكن ان يشكل سلوكها في اي حال مؤشرا الى مواجهة عسكرية و حرب واقعة ، بعد ان ادرك  الجمع بان هذه الحرب ممنوعة .و في الخلاصة نرى ان جبهة العدوان على سورية و بعد الاخفاقات الكبيرة التي لحقت بها ، اتجهت الى رفع االمعنويات لامتصاص الهزائم ، و جاءت بسلوكيات قد توحي للوهلة الاولى بانها شمرت عن السواعد و اعدت او هي بصدد  الاعداد للهجوم المضاد الكاسح ضد سورية ، لكن الحقيقة كما نراها لا تتعدى محاولات يائسة لمنع الانهيار المعنوي للارهابيين ، و حفظ ماء الوجه تحديدا للخسائر ، انه صراخ المهزوم و عويله و تخبطه و اقراره الضمني بالنجاح السوري و نجاح من هم في المحور و الجبهة مع سورية ، في مواجهة هذا العدوان .