عندما يمر كارلوس غصن في لبنان، يشكّل وجوده في البلد حدثا في حد ذاته، وعندما يقرّر التقاء الاعلام في البترون، فان ذلك يشكّل فرصة للاستماع الى نصائح اقتصادية من لبناني تحول الى شخصية عالمية بفضل نجاحاته في العالم. «الجمهورية» كانت ضمن الفريق الذي حاور غصن في أكثر من ملف...
استخدم الرئيس والمدير العام لمجموعة رينو - نيسان كارلوس غصن، مركزه وشهرته العالمية الواسعة ليرفع اسم لبنان عاليا مرة أخرى، ولكن ليس من خلال موارده البشرية فقط بل عبر صناعته ايضا. وقد أفسحت شراكته في صناعة النبيذ اللبناني، المجال امام تعريف الاسواق الخارجية على جودة المنتج اللبناني، ومجرد اقتران اسمه بصناعة النبيذ حفّز الأسواق لاكتشاف هذا المنتج اللبناني واستيراده.
زار غصن لبنان بمناسبة إطلاق نبيذ جديد وصفه ناقد النبيذ الشهير جان مارك كاران، كأفضل نبيذ صُنع في لبنان قائلا:" النبيذ الذي تذوقته لديه امكانية لتصنيف لبنان على لائحة الدول المنتجة لأرقى النبيذ في العالم". وقد التقى غصن في البترون مجموعة من الاعلاميين، من ضمنهم "الجمهورية"، وتحدث باسهاب عن تجربته، وعن تصوره للحل الاقتصادي في لبنان.
• هل شراكتك في صناعة النبيذ اللبناني هي شغف أم استثمار؟
- شراكتي هي بالدرجة الاولى ذات طابع استثماري ولكن لا انكر حبي وانجذابي الى النبيذ. لقد اخترت الاستثمار في صناعة النبيذ، لما يتمتّع به هذا المنتج من سمات، اولها انه يستخدم الاراضي اللبنانية واليد العاملة اللبنانية حيث انه وفر فرص عمل لغاية الآن لحوالي 200 عائلة لبنانية. ثانيا، لأنه استثمار مبنيّ على صناعة لبنانية محض لا يستلزم انتاجها استخدام مكونات او تكنولوجيات اجنبية، بل ان المكونات نابعة من الارض اللبنانية ذاتها. ثالثا، كان الهدف من هذا الاستثمار رفع اسم لبنان عاليا وتمكينه من ولوج الاسواق العالمية عبر صناعة نبيذ يتمتع بجودة عالية. وقد شدّدت على اهمية نوعية النبيذ لأن هدفي لم يكن انتاج اي نوع من النبيذ للاستهلاك فقط، بل اردت انتاج نبيذ لبناني من ارقى وارفع المستويات، يمكن عبر تصديره الى الخارج، التعريف عن تاريخ لبنان الذي بدأ بصناعة النبيذ منذ 5000 آلاف عام.
• هل تشكل "إكسير" منافسة لصناعات النبيذ الأخرى محليا؟
- تسعى "إكسير" للمنافسة على صعيد عالمي وليس محليا، من خلال جودتها العالية واسعارها المقبولة شرط ان تمثل لبنان وقدراته الصناعية وخبراته وموارده البشرية المحترفة.
لا نريد منافسة الشركات اللبنانية بل نريد ان نكمل بعضنا البعض. نحاول انتاج نبيذ مميز ومختلف نابع من جبال لبنان، له مفهوم آخر، ويؤمّن للمستهلك اللبناني والاجنبي خيارا اوسع في التذوق.
• هل شجعتك شراكتك بصناعة لبنانية للاستثمار مجددا في لبنان؟
- طبعا، نحن نستثمر بشكل متواصل في "إكسير" منذ 5 سنوات ولم نصل بعد الى مرحلة تحقيق مردود مالي. فالمسألة تتطلب مزيدا من الوقت لأننا نهدف الى انتاج نبيذ عالي الجودة يكون اسمه راية للبنان، وليس لتحقيق الربح السريع. وهذا يشجع بالطبع على الاستثمار في صناعات لبنانية تمثل بلدنا في الخارج. واعتبر ان هناك امكانية للاستثمار بكل منتج لبناني يتعلق بالغذاء، كالبيض وزيت الزيتون وغيرها. وارى ان من الجيد لو استثمر كل شخص لبناني ناجح على مستوى العالم، بمنتج يمثل تراث لبنان.
حل الأزمة الاقتصادية
• ما هي النصيحة التي يمكنك تقديمها للحكومة اللبنانية لانتشال البلاد من الوضع الاقتصادي المتردّي وتقليص الدين العام وعجز الخزينة؟
لا يمكن تحقيق المعجزات على هذا الصعيد، يجب السعي الى تطوير الاقتصاد. ليس بمقدور اي دولة تسديد ديونها او تقليص عجزها عبر زيادة الضرائب على المواطنين، فهذه ليست وسيلة للخلاص. الطريقة الوحيدة تكمن عبر التنمية الاقتصادية، وهذا لا يعني تحرير الاقتصاد لأن لبنان يتمتّع اساسا باقتصاد ليبيرالي، وهذا ما اعتبره مصدر قوّة في لبنان.
هناك حاجة في لبنان لتأمين اطار اقتصادي وسياسي وقانوني مستقر، اضافة الى تطوير البنية التحتية، لأنها عوامل اساسية لتحفيز الاعمال والاستثمارات. وبالتالي فان النمو الاقتصادي هو السبيل الوحيد لتقليص العجز والديون. لبنان يملك العوامل الاساسية لتحقيق النمو الاقتصادي، فهو يتمتع بموارد بشرية ممتازة ومستوى عالي من التعليم، ويكمنه الاعتماد على نقاط القوة لديه، لكن ما ينقصه فقط هو القليل من الاستقرار وتطوير للبنية التحتية من اتصالات وكهرباء وطرقات...
وخلافا لما يعتقد البعض، يمكن تحقيق نمو اقتصادي بشكل سريع عندما نسير على الطريق الصحيح.