مارون ناصيف
Tayyar.org
ويستغربون كيف أن السجناء يفرون بين الحين والآخر من سجن روميه المركزي، في الوقت الذي من الطبيعي أن يعربوا عن إسغرابهم عند عدم حصول عمليات فرار كهذه وسط الإجراءات المتخذة داخل السجن المركزي والتي تفسح المجال أمام الكثير من التساؤلات وعلامات الإستفهام.
فالسلطات الرسمية تركت هذا السجن على مر السنين على وضعه الفوضوي، من دون إجراء أي إصلاحات تذكر فيه، وما زاد الطين بلة كانت حرب مخيم نهر البارد بين الجيش اللبناني وتنظيم فتح الإسلام، التي أوقف بنتيجتها الإسلاميون ما جعل من السجن قنبلة موقوتة.
وإذا كان الموقوفون الإسلاميون يحظون بإمتيازات سياسية ودينية تجعلهم "سوبر سجناء" فماذا عن الوضع القائم بل وصول هؤلاء؟
بإختصار، وعلى صعيد التطبيق الفعلي للقوانين، يمكن القول، أن ما من شيء ممنوع داخل السجن المركزي إلا السلاح، وقد يكون هذا الأخير متواجداً ومنتشراً بين السجناء على أن يستعمل في اللحظات المطلوبة.
الخرق الأول للقوانين، يتمثل بقيام السجناء بالكثير من المهمات غير المطلوبة منهم أساساً، كل ذلك بسبب قلة العنصر الأمني البشري التابع لقوى الأمن الداخلي في السجن. وفي التفاصيل، فهناك ما يعرف داخل السجن بـ"شاويش النظارة" وهو سجين توكل اليه مهمة تنظيم الحياة داخل الغرفة التي يسجن فيها، ويحل الشاويش في كثير من الأحيان مكان العنصر الأمني. فعلى سبيل المثال فهو من يقوم أحياناً بتعداد السجناء صباحاً ومساءً وهو الذي يسمح لسجين أن ينزل الى الطابق الأرضي لمواجهة أقربائه أو يمنع عنه ذلك، وهو أيضاً من يعمل على حل أي إشكال يقع بين سجينين أو أكثر.
خرق ثان من نوع آخر وأخطر، وهو أن فريقاً من السجناء القدامى داخل السجن، يقوم بعمليات تفتيش كل ما يدخل اليه ويخرج منه من أمتعة ومأكولات وغيرها، ويتألف هذا الفريق غالباً من سجناء كسبوا ثقة إدارة السجن، لكن ذلك لا يعني أن الكثير من الممنوعات تدخل الى السجن وتخرج منه فقط لأن هؤلاء هم الذين يفتشون يومياً آلاف الحقائب، وإذا لم يكن كذلك فكيف تعبر الى داخل السجن المأكولات الممنوعة كالمحاشي مثلاً (ورق عنب، محشي ملفوف وغيرها) وهي التي تمر عبرها الحبوب والمواد المخدرة؟
وكيف تمر أيضاً الآلات الحادة والسكاكين المعدنية والمناشير كما الهواتف الخلوية إذا لم يكن هناك من تواطؤ بين السجناء المفتشين ورفاقهم في الداخل او احياناً بين السجناء وعنصر في قوى الأمن الداخلي؟ كيف يتبادل الأهل الرسائل المكتوبة مع سجينهم من دون أن يترافق ذلك مع غض النظر من قبل التفتيش؟ وعندما يدخل سجناء جدد الى روميه فهل من أحد يقوم بتفتيشهم غير السجناء القدامى الذين أوكلوا بهذه المهمة؟ ومن ينظم المواجهات بين الأهالي والسجناء في الطوابق الأرضية؟ بالتأكيد ليست قوى الأمن الداخلي من يقوم بذلك.
إذاً ها هو الوضع المتردي داخل سجن روميه يؤدي الى تسجيل بين الآونة والأخرى عمليات فرار وتمرد، وفي بعض الأحيان ينتج إشكالات لا تحمد عقباها بين السجناء، الأمر الذي يسمح بالقول إن هذه القلة في عديد قوى الأمن تجعل من عناصر الدرك سجناء وتحول الموقوفين والمحكومين الى سجانين.