كل شيء في مقر العام للمديرية العامة لقوى الامن الداخلي يعبق بالحزن على غياب من كان مثالاً للشرف والمناقبية. اقرب المقربين واركان الدولة كذلك رفاق الدرب العسكريون انتظروه في ساحة مقر المديرية في زيارته الأخيرة لها , هناك استقبلوه للوداع بالورد والارز ... فاللواء وسام الحسن ابى الا ان يرتقي مع مرافقه المؤهل الاول احمد صهيوني الى اعلى واسمى المراتب، رتبة الشهادة.
بخطى ثابتة على وقع موسيقى قوى الامن الداخلي مشى ضباط متخرجون في دائرة الشهيد وهم يحملون النعشين الملفوفين بالعلم اللبناني يتقدمهم حملة الاكاليل.
لحظات مؤثرة ومهيبة على الاهل والاصدقاء , ودموع لن تعوض غياب الاغلى في هذه الدنيا. فمن كان المثال والسند رحل , ومن كانا يتكآن عليه اتكآ على حزنهما وعلى فقدان أب كان أباً لكثيرين.
اما رفاق الدرب فلم يستطيعوا اخفاء حزنهم على الوسام الذي خسره لبنان فأدوا له تحية الاكبار.
بعد تسجية النعشين في الساحة محاطين بأكاليل الزهر وبعدما عزفت موسيقى التعظيم ونشيد الموت ولازمة النشيد الوطني تقدم المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي ووضع الاوسمة للشهيدين .
ريفي حيا الشهيدين واكد ان الخط الاحمر الوحيد لدى اللواء الحسن كان حفظ امن المواطن معاهدا بالتصدي لكل من يريد زعزعة الامن.
اكثر من مرة حبس ريفي انفاسه متأثرا في الحديث عن صديق الدرب لكنه اكمل وبكلمات متقطعة محييا المؤهل الشهيد صهيوني على مناقبيته.
رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان دعا في كلمة لافتة وحازمة الحكومة والسياسيين لعدم تغطية المجرمين في لبنان واستعجال القرار الاتهامي في قضيتي سماحة ونهر البارد، وبعد الكلمة مباشرة منح سليمان اللواء الشهيد وسام الارز الوطني من رتبة ضابط اكبر.
ولأنه للوطن وساما ولأن كل الأوسمة تليق به ، كان لا بد من وداع شعبي ضخم للشهيد اللواء وسام الحسن ومرافقه المؤهل الأول أحمد صهيوني وليس في أي مكان بل في قلب بيروت .. في ساحة الشهداء .. ساحة الحرية.
من الأشرفية ، حضر موكب التشييع يضم النعشين وعائلتي الشهيدين ووزير الداخلية ممثلاً الرؤساء الثلاثة واللواء أشرف ريفي .. وفي مسجد محمد الأمين ، كانت شخصيات قوى الرابع عشر في الإنتظار وإلى جانبها آلاف المناصرين الذين حضروا من مختلف المناطق .. على وقع التصفيق والهتافات ، شق النعشان طريقها إلى داخل المسجد حيث أم المصلين مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار.
المفتي رأى انهم يريدون اغتيال الوطن واغتيال الرئيس رفيق الحريري مجددا، مضيفا "يا الله انتقم لنا منهم".
اللواء ريفي شكر للجميع عاطفتهم، ومن خارج البرنامج ارتجل مفتي عكار الشيخ أسامة الرفاعي كلمته النارية التي قال فيها "كفى بكاء وهيا الى حماية الحرية والاستقلال" مضيفا "نقول لقيادات 14 آذار تحركوا وكفاكم تعداد الشهداء".
في هذه الأجواء وفي كلمة حادة النبرة ، طالب الرئيس فؤاد السنيورة بعدم دفن الرؤس في الرمال، مشددا على أن لا حوار على دم الشهداء.
السنيورة حمل على رئيس الحكومة مذكرا بأن حكومته وليدة إنقلاب مسلح وسائلا عن التحقيقات في محاولات الإغتيالات وعن عدم تسليم داتا الإتصالات.
نعشا الشهيدين اللواء الحسن والمؤهل صهيوني حملا على أكف الرفاق في وقى الامن الداخلي وسلكا المشوار الأخير إلى مدفن خصص لهما بالقرب من ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري في قلب بيروت ... في ساحة الشهداء ... ساحة الحرية.