الأخبار
لم يعتد وسام الحسن يوماً الأضواء. أمس فوجئ رجل الظلّ بصور عملاقة تحمل رسمه، رُفعت في مقرّ المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. لم يُبد الضابط اعتراضاً. كان يعلم أنّها أقيمت لوداعه. أمس، لم يدخل العميد كما اعتاد أن يفعل يومياً. منزله الثاني في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بدا مختلفاً أيضاً. دخله ضيفاً غريباً، مكث بعضاً من الساعة فيه ثم غادر إلى مثواه الأخير، من دون أن يتمكن من إلقاء نظرة الوداع على مكتبه وأغراضه.
بدت أروقة المديرية غريبة تضج بالغرباء. الرسميون والساسة والإعلاميون هنا غرباء لدى أصحاب الزي المرقّط. حتى رتبة اللواء التي حازها الشهيد كانت غريبة، فقد كان قد بدأ يعتاد مناداته بالعميد. «وسام راح»، رجع صدى العبارة التي ردّدها غير ضابط، لدى معرفتهم بهوية المستهدف بالتفجير، تردد في أروقة المديرية. وهكذا، دخل العميد محمولاً على الأكف، وبالطريقة نفسها خرج منها. ودّع المديرية التي ذاع صيته فيها للمرة الأخيرة. غادرها إلى الأبد ولم يلتفت إلى الوراء.
أقيمت مراسم تكريم الشهيدين اللواء وسام الحسن والمؤهل أول أحمد صهيوني في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بحضور أفراد عائلتيهما، ورئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جان قهوجي، إضافة إلى وزير الداخلية مروان شربل والمدير العام لقوى الأمن اللواء أشرف ريفي ومديري الأجهزة الأمنية الأخرى.
وصل النعشان في سيارتي إسعاف لقوى الأمن إلى ثكنة المقر العام في الأشرفية ملفوفين بالعلم اللبناني. أُنزلا من سيارتي الإسعاف حيث حُملا على أكف الضباط والعناصر. وعزفت موسيقى التعظيم ونشيد الموت والنشيد الوطني اللبناني، ثم أدى الضباط التحية. بعد ذلك سُجّي النعشان في الساحة محاطين بأكاليل من الزهر، وحملا على الأكف، وسار أمامهما حَمَلة الأكاليل على وقع موسيقى قوى الأمن، إلى أن قلّدهما اللواء ريفي الأوسمة.
وألقى ريفي كلمة قال فيها: «سنعمل بكل ما أوتينا من قوة لتظهر الحقيقة جليَّة وتأخذ العدالة مجراها، كي لا يضيع دمكما ودم الضحايا الأبرياء هدراً». بدوره، ألقى سليمان كلمة دعا فيها السياسيين إلى «عدم تأمين الغطاء لأي مرتكب. ودعا الأجهزة الأمنية والقضاء إلى كشف الجرائم». أضاف «كما أدعو القضاء إلى الاستعجال في إصدار القرار الاتهامي بقضية الوزير الأسبق ميشال سماحة ومن قتل العسكريين في نهر البارد». بعد ذلك قلّد رئيس الجمهورية اللواء الشهيد الحسن وسام الأرز الوطني برتبة ضابط أكبر.
\����1y��}يّ من ناحية، والنفاق المنهجي من ناحية ثانية، ليقول في كل مرة يحرّض فيها على شخص سياسي او ثقافي او امني ثم يقتل بأن اسرائيل هي التي قتلته، ثم يعود فيخوّن هذا الشخص مجدّداً، ويكرّر النفاق اياه من دون تعب. فقط، عندما قامت اسرائيل بدكّ الضاحية الجنوبية من الجو في حرب تموز، لعلعت هذه الاصوات المنافقة لتقول: ليست اسرائيل من يقتلنا، بل هي آذار، وتحديداً مروان حمادة ووسام الحسن يعطون الاحداثيات.
لقد نمّت منظومة الشرّ، منظومة الممانعة والمقاومة وأشرف الناس وطائرة "ايوب"، عادات ليست فقط "غير اخلاقية" بل "معادية للاخلاق"، الى درجة تضطرّنا لتعلّم الاخلاق من بنيتو موسوليني.
بعد ان اغتال الفاشيون الطليان النائب الاشتراكي جياكومو ماتيوتي عام ، فيما اعتبر توطئة لارساء النظام "الجديد" ذي الطبيعة الاجرامية، وقف بنيتو موسوليني في مجلس النواب، وتوجه للاخصام باعلانه تحمّل المسؤولية السياسية والأخلاقية والتاريخية لما حصل، وأضاف "لو كانت الفاشية جمعية مجرمين، فأنا زعيم على حماية مجرمين". كل هذا، ولم يثبت الى اليوم ان "الدوتشيه" أعطى الأمر باغتيال ماتيوتي.
ما هو مثبت، ان عقيدة "أشرف الناس" أكثر عدوانية من الفاشية الأولى. بدلاً من اقرار مسؤولية ولو أدبية عمّا يحدث من اغتيالات ومحاولات اغتيال لاخصامهم، تقول الممانعة: بل هذه اسرائيل، وانتم عملاؤها، ومن حقها ان تقتلكم!!.