Mtv.com.lb
اغتيال اللواء وسام الحسن انفجر كالبركان على سطح الدولة اللبنانية وحممه تعدت الحدود بحيث أن قتل الرجل الاقوى امنيا في لبنان شكل صفعة هي أقوى من ان تحتملها قوى "14 آذار" خصوصا واللبنانيين عموما.
وفيما بدأت ترشح بعض المعلومات عن خيوط رفيعة قد تكشف في الايام القليلة المقبلة عن هوية المنفذ او أقله الجهة، اعلن وزير الداخلية مروان شربل أن التحقيقات الجاريةَ في قضية اغتيال اللواء وسام الحسن تتقدم بسرعة، معلنا في تصريحات لوكالة أنباء "الأناضول" أنه "تم التوصل إلى خيوط مهمة جدا في القضية ستبقى حاليا طي الكتمان حفاظا على سرية التحقيقات.
من جهته كشف المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي أن وفدا من مكتب التحقيقات الفدرالي "اف بي آي" يصل الى بيروت خلال يومين او ثلاثة لتقديم مساعدة في مجال الأدلة الجنائية في التحقيق باغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن.
وأعلن ريفي لوكالة فرانس برس أنه بعد الاتفاق بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون على تقديم مساعدة تقنية في التحقيق، عقد لقاء بينه وبين مسؤولين أمنيين في السفارة الاميركية في بيروت تم خلاله الاتفاق على تقديم هذه المساعدة، مشيرا الى أنه نال موافقةَ المدعي العام التمييزي للشروع في ذلك.
الصحافة اللبنانية طالعتنا كذلك صباح الثلاثاء بأنباء عن تقدم في التحقيق الحاصل، حيث اكدت مصادر امنية لصحيفة "الجمهورية" ان "زنة العبوّة والطريقة المحكمة التي وضعت فيها وكلها العوامل تؤكد أنّ جهة محترفة هي التي نفّذت هذا العمل، خصوصاً أنها تحركت بحرية داخل منطقة كانت حتى تاريخ استشهاد اللواء وسام الحسن محصنة نوعا ما عن بقية المناطق في بيروت"، مرجحة أن "تكون سيارة أخرى قد زُرعت إلى جانب إحدى الطرق القريبة من المكان الذي كان يقصده، وهذا أمر قيد المتابعة منذ أن وردت معلومة شبه مؤكدة تفيد بأنّ تلك السيارة قد سُحبت من مكانها بعد أقل من نصف ساعة على انفجار الأشرفية".
واوضحت المصادر أن "الجهة التي تقف وراء الاغتيال، هي بالتأكيد جهة ضالعة وتمتلك ما يكفي من الخبرات المتراكمة لتنفيذ عمل كهذا، وحتى لو كان من المبكر الحديث أو توجيه الاتهام إلى جهة محددة، الا انّ كل العناصر والمؤشرات تدل على أن طريقة استهداف الحسن هي الطريقة ذاتها التي تم فيها استهداف النائب الشهيد جبران تويني".
من جانبها، اشارت صحيفة اللواء الى ان التحقيقات تنطلق اساساً من "الثغرة" التي نفذ منها الجناة للنيل من اللواء الحسن، او بلغة ابسط "الخرق الامني" الذي استفاد منه هؤلاء، وان كان تعبير "الخرق" لا يرغب باستخدامه المحققون، لانهم يعتبرون بأن اي خطة امنية نموذجية على الورق لا بد وان تتعرض لثغرات لدى تطبيقها على الارض.
واستناداً الى ذلك، فإن السؤال الذي تبادر الى هؤلاء المحققين هو تحديداً: أين تكمن "الثغرة" التي استفاد منها المجرمون؟
وبحسب مرجع امني رفيع، فإنه يمكن افتراض احتمالات عدة في هذا السياق، يمكن تتبع خيطه بالآتي:
- ان يكون الجناة رصدوا طرف الخيط الذي أوصل الى اللواء الحسن، انطلاقاً من الزيارة الخاطفة التي قام بها الى عائلته في باريس. إذ ان المعروف ان الحسن شارك الي جانب المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي وعدد من كبار ضباط المديرية في مؤتمر امني عقد في برلين، ثم غادر الى باريس للقاء عائلته من دون ان يبلغ اعضاء الوفد عن وجهته.
- أو ان يكون طرف الخيط بدأ من مطار بيروت الذي وصله الحسن في السابعة من مساء الخميس آتياً من باريس، ومنه تم رصده، حيث استقل سيارة مستأجرة من المطار الى مكتبه في المديرية العامة في الاشرفية، وهي السيارة نفسها التي استخدمها عندما انتقل في اليوم التالي من "مكتبه السري" الى مكتبه الرسمي في المديرية، وتمكن الجناة من رصده فيها واستهدافه بالسيارة المفخخة.
- أو ان يكون طرف الخيط، انكشف من "المكتب السري" الذي تم استئجاره في احد العمارات الحديثة في منطقة قريبة من مقر المديرية في الاشرفية.
وفي هذا السياق، يؤكد المرجع الامني، ان استئجار "مكاتب سرية" للقادة الامنيين، وليست منازل، مسألة معروفة، وهذه المكاتب تستخدم عادة لاجراء لقاءات مع شخصيات او جهات، ترغب في ان تكون بعيدة عن الاضواء، وخارج المقرات الرسمية، وهذه الشخصيات تكون عادة اما سياسية او امنية او اجنبية.
ويحرص عادة القادة الامنيون بأن تكون هذه المكاتب موقتة، ليس اكثر من ثلاثة اشهر، وان يترددوا عليها بالصفة المدنية وليس العسكرية، وبالتالي، فإنه من الطبيعي او المنطقي ان يتردد اللواء الحسن الى هذا المكتب بصفة مدنية وبسيارة عادية جداً وغير مصفحة ومن دون مرافقين، حتى لا يثير الشبهات.
وربما يكون انكشاف امر هذا المكتب اوالشقة، تم مبكراً، ومنه تم رصد اللواء الحسن وصولاً الى النجاح باستهدافه.
- انطلاقاً من "ثغرة المكتب السري" ينطلق المحققون من واقعة يجري التحقق منها ومن "صدقية" الشخصية المتصلة بها، وهي ان الحسن كان قد التقى قبل ساعات من اغتياله بشخصية، تؤكد الجهات الامنية، بأنها موثوقة، وانه بعد لقاء هذا الشخص استقل السيارة المستأجرة، وهي من نوع هوندا، يقودها مرافقه المؤهل الاول الشهيد احمد صهيوني، عائداً الى مكتبه في المديرية، لكن الجناة رصدوا له عند زاوية شارع ابراهيم المنذر، في سيارة مفخخة، تم تفجيرها عبر ريمونت كونترول، بعدما ان وضعها بطريقة لا تسمح للسيارة الثانية، ان تكون بعيدة عنها، بل ان تلتصق بها، الامر الذي امكن ان يكون الانفجار شديداً ومؤثراً بطريقة لا تسمح لركاب الثانية من النجاة.
إلا ان المحققين لا يتوقفون كثيراً عند نقطة الشخص الذي التقى الحسن في "مكتبه السري"، اذ انهم يؤكدون أنه معروف من قبلهم، وهو موثوق، علماً أن الحسن اعتاد أن يلتقي أشخاصاً عديدين، منذ أن تم استئجار هذا المكتب، وبالتالي فإن التحقيق لا يغفل هذه النقطة، إذ أنه يمكن أن يكون أحد هؤلاء قد كشف أمر الشقة، وقاد الجناة إلى رصد الخيط الأول.