دعت وزارة الخارجية الاميركية الى تشكيل ائتلاف حكومي جديد في لبنان بعد موجة الإحتجاجات التي شهدتها البلاد ردا على اغتيال رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن. وقالت المتحدثة باسم الوزارة فيكتوريا نولاند ان "عدم الاستقرار المصدّر من سوريا يهدد اكثر من اي وقت مضى امن لبنان ويعود الى اللبنانيين حقيقة ان يختاروا حكومة يكون بامكانها القضاء على هذا التهديد".
واضافت "ندعم الجهود التي يقوم بها الرئيس سليمان وقادة مسؤولون اخرون في لبنان لتشكيل حكومة فعالة ولاتخاذ اجراءات ضرورية بعد الاعتداء الارهابي في 19 تشرين". وردا على سؤال لمعرفة ما اذا كانت الولايات المتحدة تؤيد تغيير الحكومة في لبنان، اجابت نولاند ان "الرئيس سليمان بدأ محادثات مع جميع الاحزاب لتشكيل حكومة جديدة ونحن ندعم هذه العملية". واضافت ان واشنطن لا تريد حصول "فراغ سياسي" في لبنان.
وجاءت هذه التصريحات بعد تلك التي ادلت بها وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون التي اعربت في بيروت أمس عن قلقها حيال الاستقرار في لبنان. أما سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي وممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان فكانوا قد أكدوا دعمهم للاستقرار واستمرار العمل الحكومي، وذلك على اثر لقائهم الاثنين رئيس الجمهورية. أحد سفراء الدول الكبرى الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن اعتبر في حديث صحافي إنه "بناء للبيان الذي صدر عن مجلس الأمن السبت الماضي بإدانة الجريمة، كان ذا دلالة أن يتوافق السفيران الروسي والصيني مع سفراء أميركا وبريطانيا وفرنسا على الموقف استناداً الى بيان مجلس الأمن الذي دان تفجير الجمعة الماضي في بيروت وحض على حفظ الاستقرار ودعم الحكومة لمواجهة الإفلات من العقاب".
وأوضح السفير نفسه أن "السفراء الخمسة اجتمعوا قبل الزيارة واتفقوا على إبلاغ الرئيس سليمان دعمهم استمرار الحكومة منعا للفراغ في هذه الظروف ولأن المهم عدم حصول تصعيد في البلد. ويشير إلى أن هناك توافقا دوليا، على رغم الخلاف في الموقف في شأن النظام السوري والمعارضة في سورية، على تحييد لبنان عن الأزمة السورية. وحصول فراغ قد لا يفيد هذا التحييد للبنان، على رغم اختلاف مفاهيم الدول الخمس حول كيفية التحييد". وأوضح السفير نفسه أن الرئيس سليمان أبلغ السفراء الخمسة أن موقفه هو استمرار الحكومة أيضا وأنه على اتفاق في هذا الصدد مع كل من ميقاتي وجنبلاط". وينتظر أن يراقب سفراء الدول الكبرى كيفية تطوير قوى "14 آذار" مطلبها إسقاط الحكومة، ويعتبر السفير نفسه أن الإيجابي في موقفها أنها تؤكد اعتمادها الأساليب السلمية وليس العنفية. وموقف الدول الخمس الأخير دفع رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة الى طلب الاجتماع معهم لشرح موقف تيار "المستقبل" و"14 آذار" لهم وسيعقد الاجتماع خلال الساعات المقبلة. هذا وأشاد الخبير في شؤون الشرق الأوسط نيكولاي موخوف بطريقة تعامل الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي مع الحوادث الأخيرة. واعتبر موخوف في أن حكومة ميقاتي تتبع سياسة متزنة وإيجابية ما مكنها من عدم الإنجرار لتطورات الأزمة السورية. ورأى الخبير انه لو كانت الحكومة الحالية بقيادة فؤاد السنيورة لكانت مخاطر مشاركة لبنان في الازمة السورية اكثر بكثير. واوضح ان الوضع الذي تكوّن بعد اغتيال اللواء وسام الحسن يثبت ذلك.
واعتبر ان قوى سياسية في لبنان كرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة مستفيدة من هذا الاغتيال لممارسة استراتيجية سياسية تهدف الى اسقاط حكومة ميقاتي.
أما الرئيس سليمان فقد بدأ مشاورات مع ابرز القادة السياسيين في البلاد للبحث في احتمال تشكيل حكومة جديدة بعد الازمة التي دخلتها البلاد غداة اغتيال اللواء الحسن وفي ظل إصرار المعارضة على تحميل مسؤوليته للحكومة مطالبة باستقالتها. مصدر في رئاسة الجمهورية اعتبر ان الرئيس سليمان "يطرح خلال مشاوراته مع الشخصيات السياسية عقد جلسة حوار وطني للتفاهم على شكل حكومة جديدة تخرج لبنان من المأزق الحالي. عندها تقدم الحكومة استقالتها ويتم تشكيل حكومة جديدة". والتقى الرئيس سليمان لهذه الغاية الثلاثاء رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، الذي ابلغه ان تيار المستقبل سيقاطع جلسة الحوار هذه، وانه لن يشارك في اي حوار ما لم تستقل الحكومة الحالية. كذلك اعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع انه لن يشارك في الحوار، مشددا على ضرورة استقالة الحكومة.
فبين الدعم الأميركي لتأليف حكومة جديدة المشروط بالحفاظ على الإستقرار وعدم الدخول في الفراغ وبين موقف سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن يحاول الرئيس سليمان الرقص على الألغام. فهو يعول على الإستشارات مع القيادات السياسية التي انطلقت لاستشراف الحلول المطروحة. ويرى بأم العين أن تخوف المبعوث الأممي الأخضر الابراهيمي وقبله وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس من انتقال النار السورية إلى الجوار خاصة لبنان بات واقعا.