ملاك عقيل
Lebanon Files
هو القطوع السابع الذي ينجح نجيب ميقاتي في اجتيازه... وبجدارة.
قبل أيّام قليلة فقط كان يمكن تصوّر رئيس الحكومة محاطاً بعائلته، وفريق عمله، ومؤيّدين للحاج نجيب يتوافدون الى دارته في فردان أو طرابلس لمواساته في اعتكافه "القسريّ" تمهيداً للاستقالة، ويخفّفون عليه صدمة الخروج للمرة الثانية من السرايا. وربما تقديم التعازي له بمصيبة شطبه من المعادلة الحكوميّة على الطريقة "الكراميّة"، أي بعصا الشارع...
هذا كان منذ أيّام قليلة. اليوم يؤدّي نجيب ميقاتي مناسك الحجّ في المملكة العربيّة السعوديّة "مدجّجاً" بدعم دولي وعربي وخليجي و"نصف محلي"، بعد انقضاء أقلّ من أسبوع على استشهاد اللواء وسام الحسن. لا ميشال سليمان ولا وليد جنبلاط ولا طبعاً حزب الله، ولا أحد في الخارج يرغب اليوم برؤية ميقاتي خلف مكتبه يدير "البيزنس" الخاص به... حتى الساعة الجميع يبصم "ميقاتي أولاً".
يعلّق بعض الظرفاء قائلاً "قد تكون حكومة ميقاتي ضربت الرقم القياسي في نجاتها من السقوط". برأيهم، هي الولادة السابعةلها.
سبق لميقاتي أن أكد مراراً على أنّ حكومته "باقية حتى موعد الانتخابات بإجماع عربي وخليجي أوروبي وأميركي ومحلي". لم يخطئ الرجل. هو لا يكابر حبّاً بعرض العضلات، لكن لأسباب عدّة لا يزال ابن طرابلس يحظى بمظلة دوليّة ومحليّة تقيه شرّ "التطيير". بهذا المعنى تبدو خيم الاعتصام في ساحة الشهداء وتطويق منزل ميقاتي في عاصمة الشمال مجرّد "زكزكة" تزعج ولا تؤثر على الأساس.
في كبسة زر العودة الى الوراء. الولادة الاولى لحكومة "كلنا للعمل كلنا للوطن" كانت لحظة تأليفها بعد مفاوضات شاقّة وعسيرة كادت توصل الاكثريّة يومها الى الحائط المسدود.
شكّل تمرير قطوع تمويل المحكمة الدوليّة الولادة الثانية لها، في وقتٍ ربط فيه رئيس الحكومة بقاءه في السرايا بإقرار هذا البند. قيل يومها إنّ "حزب الله" لم يشهر "كافة أسلحته" لمنع إقرار التمويل مفضّلاً "قبّة الباط" على الكباش مع الحليف المفترض الذي تحوّل الى "حاجة" وليس خياراً. فكان الحلّ السحريّ الذي توصّل اليه ميقاتي بتأمين حصّة لبنان في التمويل من "جيب" رئاسة الحكومة.
جاءت الولادة الثالثة للحكومة بعد تلويح ميقاتي بالاستقالة جديّاً ووضع جميع حلفائه أمام واقع "تحريره" من الشروط والشروط المضادة، وذلك اثر خلافه العاصف مع العماد ميشال عون ووزرائه في الحكومة، والذي كانت من أحد نتائجه عودة الوزير شربل نحاس الى منزله وتعيين سليم جريصاتي وزيراً للعمل.
وكتب للحكومة يوماً جديداً، وولادة رابعة بعد نيلها ثقة الـ 63 صوتاً بعد طرح الثقة بها في مجلس النواب. كان فريق الرابع عشر من آذار يدرك سلفاً صعوبة تأمين الاكثريّة اللازمة لاسقاط الحكومة بحجب الثقة عنها. ففضّل "الهجوم النووي" بالسياسة. وقف عند هذا الحدّ، لكنّ "مغامرة" النائب سامي الجميّل، بطلب طرح الثقة بها أدّت الى تجديد شبابها. "عفويّة" ميقاتي وثقته الزائدة بالنفس دفعته في اليوم التالي الى الاحتفال وتوزيع الحلوى على الوزراء.
في السابع من حزيران الماضي،كانتالولادة الخامسة للحكومة التي كبّدت الخزينة أكثر من عشرة مليارات ليرة لتأمين الانفاق المالي للعام الحالي. قبل ذلك، حمل ميقاتي سلاح الاستقالة مجدّداً، بينما بدا ميشال عون غير مكترث بأزمة "غياب البديل". وصلت الامور الى حدّها. لكن التنفيسة الماليّة تكفّلت بعودة الجميع الى لغة التسويات.
أما الولادة السادسة للحكومة فترجمت في "إعلان بعبدا". فالبنود الواردة في الاعلان بدت كبيان وزاري جديد للحكومة فرضته تسارع الأحداث الأمنيّة واقتراب البركان السوري أكثر من أيّ وقت مضى من الملعب اللبناني وانفلات اللعبة في طرابلس وعكار. في وقت كان فيه فريق 14 آذار يستخدم مختلفالوسائل للهجوم على سياسة النأي بالنفس.
في بال رئيس الحكومة دائماً الانتخابات النيابيّة. وكلّ مسار التطورات يؤكد على أنّ حكومته هي التي ستشرف على الورشة النيابيّة المقبلة. لا حكومة تكنوقراط ولا حكومة انقاذيّة ولا حياديّة، ولا حكومة وحدة وطنيّة، "ولا من يحزنون"... ميقاتي باقٍ باقٍ باق!