السفير
جاء في صحيفة "السفير" ان الوضع في سوريا استحوذ كما الموضوع الفلسطيني، على معظم اهتمام رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال لقاءاتهما في الامم المتحدة، لا سيما في ظل الضغط الاميركي والغربي على لبنان من اجل السير في اي قرار يتخذ لفرض عقوبات على سوريا، وهو ما طرح مباشرة على الرئيسين الاسبوعين الماضيين، لكنهما استطاعا التملص من الالتزام المسبق بأي موقف قد يفسر على انه مضر بسوريا، برغم اعلان ميقاتي الصريح وامام السفراء العرب المعتمدين في الامم المتحدة وبينهم المندوب السوري،"ان لبنان يرفض فرض اي عقوبات ضد سوريا، لكنه سيضطر للسير في ما يقرره مجلس الامن اذا اتخذ قرارا بفرض العقوبات، انطلاقا من عدم الانتقائية في التعامل مع القرارات الدولية".
"السفير" التقت المندوب السوري في الامم المتحدة بشار الجعفري، بعد لقاء ميقاتي السفراء العرب، وسألته عن رأيه بالادارة اللبنانية لرئاسة مجلس الامن في ايلول، لاسيما ما يتعلق بسوريا وفلسطين، واعتبر "ان رئاسة لبنان لمجلس الامن تميزت بالنشاط وكثافة الحضور، وتُوّج ذلك بترؤس رئيس الجمهورية ميشال سليمان لجلسة مهمة لمجلس الامن كرست للسياسة الوقائية، وايضا بمشاركة الرئيس ميقاتي وترؤسه ايضا جلسة لمجلس الامن كرست للوضع في الشرق الاوسط، لكن مع اهمية مشاركة الرئيسين، تميزت الرئاسة اللبنانية بشكل عام بالفعالية وبالحضور والاداء الجيد دفاعا عن مجمل القضايا العربية خلال مداولات مجلس الامن بشأنها".
وعن قراءته للموقف اللبناني من التعامل الدولي مع سوريا رأى أنه عادة الدولة العربية العضو في في مجلس الامن تمثل مصالحها الوطنية لكنها ايضا تمثل مجموع المصالح العربية القومية. ان الامم المتحدة كمنظمة اممية ومجلس الامن على وجه التخصيص ليسا جمعية خيرية، فهناك كلام يقال من باب المجاملة في الادبيات السياسية ان هناك مجتمع دولي او اسرة دولية، لكن هذين الوصفين لا ينطبقان عمليا على الخلفيات السياسية التي تحرك الدول النافذة في مجلس الامن، خاصة الادارة الاميركية، ولو كان هناك شيء من المصداقية انه يوجد اسرة دولية ديموقراطية تمثل المنظمة الاممية بشكل عادل ونزيه وشفاف، لكان ينبغي اصلاح مجلس الامن منذ 40 عاما لكن هذا الامر لم يتم لأن مصالح الدول النافذة تقتضي بقاء مجلس الامن على ما هو عليه.
وتابع: الوطن العربي كله الان في حالة استهداف وحشي مكشوف ومفضوح، تنفيذا لمشروع صهيوني اطلقه شمعون بيريز اسمه "الشرق الاوسط الجديد"، ولما فشل لأن مصدره كان اسرائيليا عاد جورج بوش وتبناه واطلق عليه اسم "الشرق الاوسط الكبير او الموسع"، وهدف المشروع انهاء دور الجامعة العربية ومبدأ التضامن العربي، واستبداله بكتلة مصلحية جديدة تقوم على بناء شرق اوسط جديد يكون فيه الدور الاقليمي الوحيد غير عربي. وقال ردا على سؤال حول توجه هذا المشروع: انه مشروع غير عربي، هذه نقطة مهمة واضع تحتها عشرة اسطر، وفي مقدمة هذه الادوار الاسرائيلي، وذلك في غياب دور عربي فاعل ونافذ كالادوار الاخرى، التوجه الغربي هو لاراحة اسرائيل اقليميا بالنسبة للقضية الفلسطينية وتقويض اقامة دولة فلسطينية، وايصال الامور في نهاية المطاف الى نزاع اسلامي ـ اسلامي بين كتلة سنية وكتلة شيعية، والرابح الاكبر ستكون اسرائيل والمصالح الغربية لاننا سنتحول مرة اخرى الى مخبر للتجارب السياسية وموئل لكل اشكال التغلغل الاستعماري الغربي وتقويض كل مصداقية عربية.
اما عن المطلوب من لبنان والعرب، فاشار الجعفري الى ان "الامر الاول الذي يجب ان نسعى اليه جميعا هو ان نوصل رسالة الى كتلة الدول النافذة ان هناك حداً ادنى من التضامن العربي يقوم على اساس واحد هو رفض التدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية".
اضاف الجعفري: نحن نعلم وندرك حجم الضغوط الاميركية والغربية التي يتعرض لها الرئيس ميقاتي وحكومته للسير في قرار العقوبات على سوريا وقضايا اخرى، وندرك ايضا ان الغرب لم يكن يريد اساسا حكومة الرئيس ميقاتي، ويمارس الضغوط عليه لاسباب لا علاقة لها فقط بالوضع السوري، بل لضرب العلاقة اللبنانية ـ السورية، ولتحقيق مطالب اخرى ايضا.
وختم: نحن مرتاحون في كل الاحوال، ونرى انها حرب اعصاب لأن الغرب رفض اساسا كل الحلول التي عرضناها للوضع في سوريا ويريد اشياء اخرى.