النهار
ذكرت صحيفة "النهار" ان مبدأ فصل النيابة عن الوزارة لا يثير عموما اشكاليات وانقسامات سياسية عميقة على غرار سواه من الاجراءات او المبادئ الاصلاحية السياسية والدستورية في لبنان. حتى أن قوى سياسية وحزبية بارزة كحزب "القوات اللبنانية" طبق هذا المبدأ من تلقائه ولم يُسمّ في الحكومات المتعاقبة بعد عام 2005 التي شارك فيها أي نائب من كتلته بل كان يسمّي سياسيّين أو حزبيّين لا يجمعون الصفة النيابية والوزارية. وقد أثيرت ضرورة تثبيت هذا المبدأ بنص دستوري وقانوني مرات عدة بعد وضع اتفاق الطائف وإقرار التعديلات الدستورية على أساسه منذ 21 عاما، نظرا الى جملة اعتبارات اصلاحية وسياسية مسلم بها من مختلف القوى السياسية لكنه لم يوضع مرة موضع التنفيذ الجدي الا في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء حيث جرى طرحه بناء على اقتراح لـ"تكتل التغيير والاصلاح" وبدت المفاجأة في اقرار المبدأ من دون جدل طويل واتفق على ان يتولى رئيس الجمهورية ميشال سليمان اطلاق الآلية التنفيذية باقتراح مشروع قانون تعديل دستوري يحال على مجلس الوزراء ويقتضي اقراره بغالبية الثلثين على ان يحال بعد ذلك على مجلس النواب حيث يقتضي امراره ايضا الحصول على غالبية الثلثين.
واعتبرت بعض الاوساط المهتمة والمعنية به انه يشكل قفزة جيدة لجهة تثبيته واقراره من حيث وضع حد حاسم مبدئي لتداخل المصالح الانتخابية والنفعية في المزج بين الصفة النيابية والوزارية، وتاليا تثبيت مبدأ اصلاحي لا بد منه على الطريق الطويلة التي يحتاج لبنان الى شقها والشروع في استكمالها.
وتنظر الاوساط الى هذه الخطوة ولو انها محدودة في حجمها ودلالاتها، من منظار أبعد اذ تلفت في هذا السياق الى انه في حال قيض لها ان تسلك المسار التنفيذي الى آخر المطاف اي باقرار التعديل الدستوري الذي تستلزمه، فسيكون ذلك بمثابة السابقة الاولى في احداث تعديلات دستورية على الطائف ربما تفتح الباب امام رزمة او خطوات اخرى مماثلة. وتذكر في هذا المجال ان التعديلات الدستورية بعد الطائف لم تتجاوز حد تمديد ولايتي رئيسين للجمهورية هما الرئيسان الياس الهراوي واميل لحود، وتاليا لم تمس مواد دستورية تشكل مرتكزات عضوية في النظام الدستوري والسياسي الذي ارساه الطائف على رغم كل ما اثير بعد وضعه وفي حقبات متفاوتة ومتعاقبة من مطالب او اعتراضات في شأن الثغر التي تشوب تنفيذه.
واشارت الاوساط الى تلقف الرئيس سليمان ايجابا طرح "تكتل التغيير والاصلاح" في شأن فصل النيابة عن الوزارة ودفعه الواضح نحو تبنيه، لانها تعتقد ان تعامله الايجابي مع هذا الاقتراح سيفتح ثغرة تتيح له ربما في اوقات لاحقة اثارة ما داب على المناداة به من ضرورة احداث تعديلات دستورية على صلاحيات رئيس الجمهورية من منطلق اقتناعه، ومعه معظم الفئات المسيحية على اختلاف مواقعها واصطفافاتها وتبايناتها، بضرورة إعادة تعزيزها لكي يتمكن شاغل المنصب الاول في البلاد من الاضطلاع بدور الحكم القادر نسبيا على التأثير في مجريات الحكم واللعبة السياسية والحفاظ على التوازنات الداخلية.
وتقول الاوساط المعنية انه "سيجري رصد مواقف القوى السياسية المختلفة من هذه الخطوة لتبين ما اذا كان هناك مناخ سياسي ملائم يسمح بتطويرها او بالانطلاق منها الى حدود اوسع".