كتبت ديمة حسين صلح:
رغم أن الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي هي المروّج الأبرز لحملات محاربة العنف والتحرّش، إلا أنها باتت اليوم الساحة الأبرز لممارسة حالات العنف والتنمر والملاحقة بوسائل التحرش الحديثة المظلمة والتي اخترقت أبواب المنازل وجدرانها تحديدا منذ ظهور جائحة كورونا.
تقول منظمة العفو الدولية في تقريرها عن العنف ضد المرأة في ٢٠١٨ ان العنف الالكتروني "يتخذ أشكالا متعددة، منها التهديدات المباشرة او غير المباشرة باستخدام العنف الجسدي او الجنسي، والإساءة التي تستهدف جانبا او اكثر من جوانب هوية المرأة من حيث العنصرية او رهاب التحول الجنسي، والمضايقات المستهدفة وانتهاكات الخصوصية من خلال نبش معلومات خاصة عن شخص ما ونشرها على الانترنت بقصد إلحاق الأذى به، وتبادل صور جنسية او حميمة لامرأة من دون موافقتها". ولا تنحصر حالات العنف الالكتروني بالنساء فقط، بل إن كل شخص يستعمل مواقع التواصل قد يتعرض لهذا النوع من المضايقات سواء إرسال مواد إباحية غير توافقية، او الاتصال المستمر و التهديد والتخويف...
ولكن تزداد الحالات والنسب عند النساء والمراهقين.
ومنذ ظهور جائحة كورونا ازداد الوقت الذي يمضيه الناس على الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وتوثق الإحصائيات الرسمية في لبنان زيادة التبليغ عن العنف والابتزاز الالكتروني في فترة الحجر المنزلي بنسبة ١٨٤ في المئة، وأكثر من ٤١ في المئة من المبلغات فتيات بين سن ١٢ و ٢٦ عاما.
أظهرت العديد من التقارير حالات استغلال وابتزاز ضد المرأة بوسائل مختلفة كاختراق الخصوصية للوصول إلى الصور والمحادثات الشخصية لاستخدامها كوسيلة ابتزاز ضدها، او الانتحال والتحرش. وليس بالضرورة أن يكون المعنف شخصا بعيدا او لا تعرفه، فقد يكون مثلا رب العمل فيبتزها اما جنسيا او لحرمانها من حقوقها المالية المترتبة عليه، أو زميل في العمل او احد الاصدقاء القدامى.
ولكن الأخطر من كل ما سبق والأكثر اشمئزازا ظهور نوع جديد من الاغتصاب "مرتبط بالعنف الالكتروني" يكاد يكون أخطر من الاغتصاب المباشر، يقوم على إجبار المرأة على ممارسة الجنس الافتراضي بالإكراه مع المبتز من خلال التطبيقات الشائعة "واتساب video call" او مسنجر او اي تطبيق آخر، فيبدأ الأمر بتعارف ودردشة لطيفة وتبادل صور عفوية فتثق المرأة بالرجل الذي يغرقها بالكلام المعسول والغزل والجُمل الحميمية، فتتطور الامور لتصل إلى تبادل صور جريئة تتصف بالاغراء والعري.
قد يستغل الرجل هذه الصور لابتزاز المرأة ماليا، او لإجبارها على اتمام صفقات معينة اذا كانت من ذوات الاختصاص المطلوب، أو لاذلال احد افراد عائلتها بناء على خلاف بينهما، ولكن في حالات كثيرة غير متداولة ولا يتم التصريح عنها، يقوم الرجل بابتزاز المرأة لأغراض سلوكية مرضية وشاذة في وقت فراغه، أو نتيجة لادمانه على ممارسة الجنس عبر الانترنت، فيقوم بالتقرب منها لفظيا محاولا استمالتها للتجاوب في اغرائه، وعند رفضها وتمنعها يقوم بابتزازها بصورها ومحادثاتهما، فلا حول لها بعدها الا الرضوخ وتنفيذ ما يطلب منها، كخلع ملابسها باسلوب معين والإتيان بحركات والفاظ إباحية خادشة للحياء توصله لمبتغاه.
في حالات الاغتصاب المباشر تقوم المرأة بالمقاومة الجسدية والدفاع عن نفسها بكل ما أوتيت من قوة حتى يتم التغلب عليها، ومع هذا يقع كل اللوم عليها وتحل عليها وصمة في الثقافات المرتبطة بالعادات الراسخة والتابوهات المتعلقة بالجنس والجنسانية، فينظر لضحية الاغتصاب "خاصة اذا كانت بكرا" كامرأة "تالفة" وتعاني من العزلة من العائلة والاصدقاء وتحرم من الزواج وتطلق اذا كانت متزوجة او تتعرض للقتل،كما تقوم الضحية بلوم نفسها والانطواء وفي كثير من الحالات "الانتحار".
اما في حال الإكراه على الجنس عبر الانترنت، فإن انتهاك حرمة جسدها و اجبارها على خلع ملابسها بنفسها تحت التهديد لإرضاء المبتز يترك آثار نفسية كثيرة ابرزها:
-احتراق نفسي نتيجة الشعور بالخزي والعار.
-احساس بالذنب.
-قلق وتوتر وخوف شديد.
-قلق من عدم التمكن من تبرئة النفس.
-فقدان الثقة بالنفس.
-فقدان الإحساس بالأمن النفسي والاجتماعي.
-الانسحاب والسلبية والتردد في أبسط المواقف.
- خوف شديد على المستقبل الوظيفي والاجتماعي.
-الاصابة باضطراب نفسي مرضي يتطلب علاجا.
ان السبب الأول لسكوت الفتيات والنساء عن تعرضهن للعنف الالكتروني والابتزاز هو الخوف من "الفضيحة" و "العار" الذي توصم به الضحية، ففي أغلب الحالات تحمّل الضحية مسؤولية فضيحة ابتزازها بصورها.
لذا تسكت نساء كثيرات لتأكدهن من ان المحيط الاجتماعي سيعتبرهن مذنبات لا ضحايا ولان الكثيرات لا يعرفن ان الابتزاز جريمة يعاقب عليها القانون، فتنص المادة ٦٥٠ من قانون العقوبات اللبناني:
"كل من هدد شخصا بفضح أمر او افشائه او الأخبار عنه وكان من شأنه أن ينال من قدر الشخص او شرفه او من قدر احد اقاربه او شرفه لكي يحمله على جلب منفعة له او لغيره غير مشروعة، عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة حتى ستمائة الف ليرة."
وتشدد العقوبة وفقا "للمادة ٢٥٧ عقوبات بحق الفاعل اذا كان الأمر يهدد بفضحه قد اتصل بعمله بحكم وظيفته او مهنته او انه."
وتشدد العقوبات في حال كانت الضحية قاصرا لتصل إلى السجن ١٠ سنوات.
ان مواجهة العنف الالكتروني والابتزاز يبدأ اولا من خلال التبليغ وتقديم شكاوى رسمية للجهات المعنية، أو اللجوء للجمعيات المعنية بهدف الإرشاد على الخطوات الواجب اتباعها لمعاقبة المعنف والاقتصاص منه.
ان الامر يحتاج لتضافر كافة الجهود وتكاتفها بدءا من الأسرة، من خلال مراقبة سلوك وتصرفات أبنائها من أجل الوقوف على الحلول والعلاج لهذا النوع من العنف. ومن خلال توعية أفراد المجتمع بكافة فئاته وشرائحه بماهية الانترنت وتوجيههم بعدم الانجراف لممارسة هذا النوع من العنف.
كما أن ترسيخ وتعزيز ثقافة الحوار والديمقراطية من خلال حرية تبادل الرأي والتعبير واحترام حقوق الإنسان، وتشجيع أفراد المجتمع على استخدام لغة العقل والمنطق ووضع آليات تربوية واخلاقية ودينية للحد من انتشار هذه الظاهرة وتنفيذ دورات توضح الأخطار المحدقة والضارة عن سوء استخدام مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية ووضع رقابة قانونية تساهم في الحد من هذه الظاهرة وآثارها الاجتماعية للأسرة والمجتمع.
ولكن تزداد الحالات والنسب عند النساء والمراهقين.
-احساس بالذنب.
-قلق وتوتر وخوف شديد.
-قلق من عدم التمكن من تبرئة النفس.
-فقدان الثقة بالنفس.
-فقدان الإحساس بالأمن النفسي والاجتماعي.
-الانسحاب والسلبية والتردد في أبسط المواقف.
- خوف شديد على المستقبل الوظيفي والاجتماعي.
-الاصابة باضطراب نفسي مرضي يتطلب علاجا.
لذا تسكت نساء كثيرات لتأكدهن من ان المحيط الاجتماعي سيعتبرهن مذنبات لا ضحايا ولان الكثيرات لا يعرفن ان الابتزاز جريمة يعاقب عليها القانون، فتنص المادة ٦٥٠ من قانون العقوبات اللبناني:
ان مواجهة العنف الالكتروني والابتزاز يبدأ اولا من خلال التبليغ وتقديم شكاوى رسمية للجهات المعنية، أو اللجوء للجمعيات المعنية بهدف الإرشاد على الخطوات الواجب اتباعها لمعاقبة المعنف والاقتصاص منه.