الثورة انتحرت... والخوف من اغتيال!
15 Jun 202006:47 AM
الثورة انتحرت... والخوف من اغتيال!
زياد الصائغ

زياد الصائغ

كتب زياد الصائغ في موقع mtv:
ثمَّة من صمَّم على اغتيال لبنان الصّيغة والميثاق. هؤلاء حلفاء موضوعيّون في مكيافيلليّة قِوامها أيديولوجيا استراتيجيّة من ناحية، وتكتيك طموحٍ سلطويّ من ناحية أخرى. 


لا حاجة لاستعادة توصيف موبقات أهل السُلطة والانتهازيّة التي انحازوا إليها محكومةً بسقف المتحكِّم. ولا حاجة أيضاً لقراءة إيقاع الانهيارات الاقليميّة والدَّولية غير الواضحة المعالِم في المقبِل من الأيام. في هاتَين اللاحاجتَين اللّتين تتقاطعان في نتائجهما الكارثيّة على قتل ما تبقّى من أملٍ في لبنان، يبرُز سوادٌ في الأفق عبَّر عنه انتقال اليأس افتراضيّاً الى عُنفٍ مُوجَّه، ومُبرمَج، ومُمنهَج وجليّ التوجّهات. شرارة فتنة وتفعيل التخريب مؤشّران. هيبة الشرعيّة هنا سقطت وعدنا إلى لجان التنسيق الثنائيّة...
معادلة الاستقرار أو الدولار فَرَضت نفسها في الأيّام الأخيرة. مشهديّة التدمير المضبوط بإيقاع خيارات المتحكّم بالسُلطة إلى قرارٍ بتكبيل اللبنانيّين برهانات مواجهاتٍ عُظمى، بعد ثبات قناعتهم بمعادلة أنَّ تحرير السّيادة يبقى البوصلة المؤسِّسة لمكافحة الفساد بانت نافرة. يكفي معاينة توقيت تحريك بعض الشوارع لِفهم ما سنكون فيه من فوضى مطلوبة.
في مقابل اللّاحاجتَين اللّتين ذكرنا، أي توصيف موبقات السُلطة، وتراقُص الانهيارات الاقليميّة والدّولية على أشلاء هذه الموبقات، الأهم أن نُعلِن بالفم الملآن، أنّه من 6/6/2020 دخلنا في دوّامة انتحار يوميّ للثورة، إذ أنّ هذه قاصِرة حتى الساعة عن بناء جبهة وطنيّة مدنيّة، وقاصرةٌ عن بلورة منصّة قياديّة، وقاصرةٌ عن تجاوز الاستنقاع في الحالةِ الرفضيّة. 
مأساتنا المتفاقمة في هذه المرحلة هي قصور الثورة. لا يعني هذا أبداً عدم فَهم أنّ أيّ ثورة تنضُج في مسيرة تراكميّة، ولا عدم فَهم كم تعرّضت ثورة 17 تشرين لاختراقاتٍ، وانتفاضات، وتشوّهات. لكن لا يعني هذا أيضاً اعتبار أنّ الاستمرار في التوجّه عينه مقبول، خصوصاً وأنَّ من يخطف الثورة اليوم ميدانيّاً، أو من يسعى من مواقع أخرى لاختطافها، تسلَّل إليها من ثغرات اللّاتنظيم، واللّارؤية، واللّاأولويّات، واللّاابتكار الحركيّ والشخصانيّات والطموحات و...
تنقية ثورة 17 تشرين من كلّ هذه هو النّور، وإلّا ظلامٌ دامس في انتحارها واغتيال للبنان.