مقاطعة الجلسة واجب من أجل حقوق المغتربين
26 Oct 202521:00 PM
مقاطعة الجلسة واجب من أجل حقوق المغتربين
شادي الياس

شادي الياس

في وطنٍ يتّقن تهميش أبنائه، يقف لبنان أمام مفترقٍ جديد في جلسة مجلس النواب الثلاثاء المقبل. ليست الجلسة تفصيلًا تشريعياً عابراً، بل اختباراً حقيقياً للنواب ولضمير الأمة، هل اللبناني المغترب مواطن كامل الحقوق، أم مجرّد رقم في الخارج ومهمّش؟

لبنان يفتخر بأبنائه المنتشرين حول العالم، يتباهى بنجاحاتهم، ويتغنّى بإنجازاتهم حين يرفعون اسم الوطن لكنّه، ينكر عليهم أبسط حقوقهم السياسية وحقوق مشاركتهم في تقرير مصير وطنهم. إن التصويت هو جوهر المساواة بين المواطنين. والمغترب الذي لم يتخلّ يومًا عن لبنان، لا يجوز أن يُعامل كمواطنٍ من درجة ثانية فقط لأنّه اضطرّ إلى الرحيل بعيداً. فإن رفض إدراج قانون حقّ المغتربين بالتصويت هو فعلٌ سياسيّ غير بريئ،  لأن السلطة تخاف من صناديق الإقتراع التي سيعبّر فيها اللبنانيون الذين خسروا ودائعهم وبيوتهم وأرزاقهم في لبنان وجنى أعمارهم، لذلك سيعبّرون بأصواتهم هذه المرّة ليقلبوا كل المعادلات.

إنّ انعقاد جلسة تشريعية لا تتضمّن بند المساواة في التصويت بين المقيمين والمغتربين، هو تعدٍّ صريح على الدستور والعدالة والديمقراطية، فكل نائب يجلس في البرلمان، متجاهلًا هذا الحقّ الأساس، هو حكماً يشارك بطريقة مباشرة في محاولة إسكات مئات آلاف اللبنانيين المنتشرين حول العالم. المقاطعة هنا ليست خياراً ذات طابع صداقات أو خجل، بل هو واجب وطنيّ وأخلاقيّ ويمسّ ضمير كل نائب. إن هذه الصرخة في وجه ما يحصل هو للإستفاقة من هذا الثبات العميق الذي على ما يبدو بإن الكثيرين تجرفهم سيول التيارات أو الحركات، وهم لا يدرون الى أين هم ذاهبون. أو يدرون ويحمّلون ضميرهم وسيحاسبون بالإقتراع.

إن المغتربين هم نبض لبنان الحقيقي، وصورته في العالم، وهم الأساس، منهم يأتي الدعم المادي، ولكن أيضًا يأتي الفكر، والثقافة، والكرامة والفخر والتعلّم كيف نحبّ لبنان، والإصرار على بناء وطنٍ يشبه طموحهم وتطلّعاتهم. وطنٌ لا يقيس مواطنيه بعدد تحويلاتهم المالية، بل بمدى إيمانهم وحبّهم به.

الثلاثاء المقبل، لن يُحاسَب النواب فقط على تصويتٍ أو مقاطعة، بل على موقفٍ يفضح هويتهم السياسية والوطنية. إمّا أن يقفوا إلى جانب المساواة والعدل، وإمّا أن يثبّتوا أنهم جزء من طرف غير ساعٍ للتغيير بل طرف يخاف من العدالة ومن الحرية. ومن لا يصوّت للمغتربين، لا يصوّت للبنان. ومن يحضر الجلسة دون المطالبة بحقّ المغتربين، يحضر باسم المنظومة لا باسم الشعب.