أنطون الفتى
أخبار اليوم
فيما يستعدّ رئيس الجمهورية ميشال عون لزيارة روسيا أواخر الشهر الجاري، يبرز ملف النزوح السوري في لبنان كأحد أهمّ الملفات التي يُمكن طرحها على طاولة المباحثات في موسكو، من زاوية تفعيل المبادرة الروسية.
وانطلاقاً من ذلك، يبدو أن ملف إعادة النازحين الى سوريا سيوضع على نار حامية في مرحلة ما بعد انتهاء الزيارة الرئاسية، مع ما سيحمله من تسعير للخلافات اللبنانية - اللبنانية بين فريقَيْن، أحدهما يؤكد ضرورة التعاطي المباشر مع الدولة السورية في هذا الشأن، فيما يشدّد الآخر على ضرورة التعاطي دولياً مع هذا الملف، وإذا كان لا بدّ من تعاطٍ مع دمشق فإنه يكون من ضمن المنظومة الإقليمية والدولية. وفي سياق متّصل، وإذا كانت أي زيارة للرئيس عون الى سوريا للتنسيق في هذا الملف ستكون بمثابة "إعلان حرب" على السيادة اللبنانية بالنسبة الى كثير من الأفرقاء، يبدو أن قنوات الإتصال "التنسيقية" في ما بين البلدين أكثر من مقطوعة، لأن السفيرَيْن يغيبان عن أي دور فعلي، فضلاً عن أن الإتّكال على دور للمجلس الأعلى اللبناني - السوري ليس منطقياً أيضاً بسبب الجدل القائم حول دوره ووجوده أصلاً. وبالتالي، من يُمكنه تأمين المخرج الملائم لتواصل مباشر بين البلدين؟
فهل يُمكن أن تكون للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اليد الطولى في تأمين المخرج في هذا الإطار، عبر زيارة يقوم بها شخصياً الى سوريا، لكَوْنه من أكثر المشدّدين على ضرورة إيجاد "الخاتمة اللبنانية السعيدة" لمشكلة النزوح، تمهيداً لقبول لبناني عام بتنسيق رئاسي بين البلدين في هذا الملف؟
الموقف ليس سهلاً، خصوصاً أن بكركي لا تأخذ في العادة أي دور سياسي إلا بما يخدم المصلحة الوطنية العامة. فتلك المصلحة نفسها منعت زيارة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير دمشق في وقت سابق، لأسباب جوهرية وضرورية، أبرزها إمكانية استغلال سوريا الزيارة للقول إنها حامية المسيحيّين في لبنان باعتراف منهم.
من المنبع
أشارت مصادر بارزة الى أن "أي زيارة للبطريرك الراعي يُمكن أن تحصل الى سوريا تصبّ في إطار زيارة الأبرشيات المارونية الموجودة هناك، ولكن الرئيس عون لا يعمل بحسب "أجندة" أحد، وهو يسعى الى حلّ الأمور من منابعها، ومن هذا المنطلق سيزور روسيا ليناقش مع أصحاب المبادرة حول النزوح، الحلول الأنسب بما يخدم لبنان حصراً".
وشدّدت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" على أن "الرئيس عون سيفعّل المبادرة الروسية وفق حلول جذرية. أما زيارة سوريا، فيحدّد توقيتها رئيس الجمهورية بنفسه، وهو وحده يعرف موعدها. ونذكّر هنا أنه عندما كان لا يزال رئيساً لتكتّل "التغيير والإصلاح"، زار دمشق عام 2008 قبل انتخابات عام 2009، وطرح خياراته على جمهوره منذ ما قبل الإنتخابات، وهذا هو النهج الاستراتيجي الدائم للرئيس عون".
مبادرة...
ولفتت المصادر الى أن "الرئيس عون "يثبّت موقع لبنان في المشهد الدولي. ومن هذا المنطلق، تأتي زيارته الى روسيا، كما الى الصين، لا سيّما أن موسكو وبكين تشكلان الثقل الدولي الثاني مقابل واشنطن". ولكن زيارة بكين تأجّلت بسبب تزامنها مع موعد انعقاد "قمّة تونس" العربية".
وكشفت المصادر عن "احتمال أن يقدّم الرئيس عون مبادرة لحلّ سياسي في سوريا".
وختمت: "من الممكن أن توضع مسألة عودة سوريا الى الجامعة العربية على نار حامية بعد "قمة تونس"، حتى ولو لم تتمّ دعوتها الى القمّة، فضلاً أن العمل على ذلك يتمّ رويداً رويداً".