فادي عيد
الديار
صدمت استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري المفاجئة أوساطه وحلفاءه قبل خصومه، إذ شكّلت "ضربة" مباشرة للتسوية القائمة منذ عام بعد انتخاب الرئيس ميشال عون، وتشكيل الحريري لحكومة الوحدة الوطنية. وبصرف النظر عن القراءات السياسية المتناقضة، والتي سُجّلت في الساعات الماضية، فإن النتيجة الأبرز لهذه الخطوة المفاجئة، وضعها مصدر وزاري سابق، في خانة تعطيل الحياة السياسية، وإدخال المؤسّسات الرسمية في حالة تصريف الأعمال، وبالتالي، وضع الإستحقاق النيابي في حكم المؤجّل. وبذلك، فإن المضمون الخطير الذي حمله بيان الإستقالة، يدفع كل القيادات إلى التوقّف عنده، والتعاطي معه بواقعية بعيداً عن المزايدات، والسعي إلى التنبّه لحماية البلاد من الأخطار المحدقة بها بعد عودة الإنقسام السياسي الحاد إلى الساحة اللبنانية. واعتبر المصدر أن هذه الإستقالة تلقي بثقلها على كل العناوين السياسية الداخلية، وتدفع كل القيادات للعمل معاً للتخفيف من أية تداعيات سلبية على الوضع العام، مضيفاً أنها خطوة غير طبيعية، وهي الأولى في مسار بدأ اليوم، ولم تتّضح كل أهدافها، وإن كانت انعكاساتها قد سُجّلت على المستوى الميداني من خلال مناخ الصدمة والذهول والقلق في الشارع اللبناني، وليس فقط في شارع خصوم الرئيس الحريري.
وكشف المصدر الوزاري السابق، أن الإعلان عن استقالة حكومة الوحدة الوطنية من السعودية يشكّل ردّاً من قبل الرئيس الحريري شخصياً على رفضه للإشتباك السعودي ـ الإيراني الحاصل في بيروت من خلال التحالفات القائمة رغم التسويات كالتي تحظى بمظلة دولية ورعاية إقليمية. وأكد أن المرحلة المقبلة ستشهد بلورة للموقف السعودي بشكل خاص من الوضع اللبناني العام، وذلك لجهة التصعيد على أكثر من مستوى، علماً أن مواجهة القرار السعودي ستكون عبر تشكيل حكومة جديدة، وذلك كردّ على قرار الإستقالة.
وفي هذا السياق، وجدت مصادر قيادية قواتية، أن استقالة الرئيس الحريري هي نتيجة طبيعية لخروج الحكومة عن سياسة النأي بالنفس، لأن التسوية السياسية التي قامت ارتكزت على عنصر أساسي هو النأي بالنفس، والذي تم خرقه في عدة محطات بدأت مع صفقة ترحيل مقاتلي تنظيم "داعش"، ولم تنتهٍ مع التساهل بتقديم السفير اللبناني المعيّن سعد زخيا أوراق اعتماده في سوريا. وأضافت المصادر، أنه عندما لوّحت "القوات اللبنانية" باستقالة وزرائها، كان ذلك بسبب الخروج عن الأسس التي قامت عليها التسوية، علمً أن "القوات اللبنانية" كانت قد حذّرت من هذا الأمر، ولو اتّخذ بتحذيرها في ذلك الوقت، لما كنا وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من تقديم رئيس الحكومة باستقالته، وما حصل هو نتيجة طبيعية لسياسة الخروج عن سياسة النأي بالنفس.
وعن المرحلة المقبلة، أكدت المصادر نفسها، أنه لن يتم تشكيل حكومة جديدة، إنما نحن أمام مرحلة تصريف اعمال ستقوم به الحكومة الحالية، وشدّدت على أن تداعيات هذه الخطوة تبقى محصورة في المستوى السياسي، ولن تطال المستوى الأمني كما يتحدّث البعض، لأن لا مصلحة لأحد بزعزعة الإستقرار الأمني في المرحلة الحالية.