قد أكون قسوتُ على ثائرات البندورة وثوّارها أو أسأت إليهم وإليهن بوجه أخص، وساهمتُ ـ من دون قصد ـ في تنشيط الإئتلافات والتحالفات الموضوعية بين الحالمين بمستقبل لبناني جميل بديع وبين قادة الرأي الجدد المستولدين من رحم اليسار الرومنسي، وفي تحريك الدبابير المستنفرة وفي تحريض بعضهن على ابتداع أساليب تعبير جديدة.
قد أكون أشعرتُ بعض المبتدئين في عالم الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة بلذة التصدي لأفكار هي بعيدة عني بُعد المرّيخ عن الأرض وقيادة هجمات دونكيشوتية على الشبكة العنكبوتية.
قد أكون أضفت مادة سجالية إلى طاولة الكاتب بسام القنطار في صحيفة "الأخبار" الممولة جزئياً من صندوق جمعيات الحبل بلا دنس ومن ريع حفلاتٍ موسيقية جادة. والقنطار ناشط بيئي وحقوقي فاعل.
كتبتُ بحريّة. وأتقبل حرية الآخرين الذين يعبّرون بغير "البندورة" والـ"شرعبة".
وماذا بعد؟
سأرتدي، في زمن العوالم الافتراضية، شخصية شاب في الحادية والعشرين من عمره، يدرس sience po، ويملك ثقافة فيسبوكية عالية وموبايله موديل الأمس. شاب "ضهيّر" و"نظّير" دمه فائر ويحب الحياة والثورة. شاب من جيل لم يسمع لا بصلاح الدين ولا بتقي الدين ولا بتاريخ الأحزاب ولا بتكوّن المجالس النيابية ولا بتأثير حرب سورية على لبنان. شابٌ طموح متألم من انتهاك مبدأ تداول السلطة واتته الفرصة كي يعبر عن تطلعاته فطلع على إحدى الشاشات ليعلن أنه ـ ومن يمثل ـ سيطارد النواب الـ128 "الحرامية" أينما وجدوا وسينغّص عيشهم بالبندورة. بعد 20 حزيران هم نواب سابقون. يكفي أن يعتبرهم الشعب سابقين كي يكونوا.
أنا هو الشاب الجامعي المفترض سأمارس حقي في التعبير الديمقراطي باسم الشعب. لو كنتُه،أو كنت شابة مدافعة عن الوطن ومندفعة للتغيير السريع عبر "نسوية" أو أي جمعية أخرى، لسارعت إلى حمل أكبر رأس بندورة وفقشته أولاً على رأس أبي ولخصصتُ "حبة مستوية" لقرعة عمي ومثله لأخوالي وخالاتي وأقربائي لأنهم من أوصل النواب الحاليين إلى البرلمان ولم ينزلوا بأي باراشوت.
لو كنت مكان أي واحد من شباب البندورة، لسألت نفسي قبل إطلاق أول رشق تومايتو: ماذا لو قبل المجلس الدستوري بالطعن وسار بقانون الستين، أي طقم سياسي سيأتي بعد الطقم الحالي؟
الجواب: هو نفسه مع تعديلات طفيفة. ولقدمت فكرة واحدة قابلة للصرف.
أنا الشاب الجامعي (أو الأنثى المستشرسة) المفترض أنني كاره للأحزاب وللعائلات السياسية والطائفية البغيضة منذ البيبرونة الأولى، الطامح إلى تغيير وجه لبنان والعالم، علي أن أفكر بغير رشق البندورة اليوم والكوسا غداً والباذنجان بعد غد وما يستتبعها من تصرفات صالحة لاستعراض هزيل ومفتعل على التلفزيون. أنا الشاب الجامعي المفترض واجبي الجهر بأن أي إنتخابات بوجود السلاح هي استمرار للخطر والتردي، دوري أن أرفع الصوت في وجه التسلّط، وأحاول أولاً أن أقرأ كل يوم سطراً في كتاب يحضّ على الحوار والنضال السلمي والحضاري. هالقد القصة صعبة؟
البندورة هي الحل لملوحة الجبنة البلغارية لا أسلوب تعبير في ليل بيروت أو في وسطها قرب تمثال الشهداء وافتعال صدام والتمتع بدور الضحية!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك