كشف الاستياء الذي استمر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في التعبير عنه لإطاحة حكم محمد مرسي في مصر وانتقاده الغرب في ادانة وتسمية ما حصل بـ"الانقلاب العسكري" خلط اوراق كبيرا حصل في المنطقة مع الثورة المصرية الثانية لمصلحة محور تحتل المملكة العربية السعودية الصدارة فيه على حساب كل اللاعبين الآخرين العرب والاقليميين. وجاء ضخ مبلغ 12 مليار دولار خلال يومين لمصلحة التغيير في مصر من السعودية والامارات العربية والكويت بحجم الرهانات على انجاح التغيير الحاصل ودعمه في مقابل تراجع الدور التركي وامكان انعكاس التحول المصري على حكم اردوغان خصوصا مع التغيير الذي حصل في السلطة في قطر فضلا عن استياء ايران من الانقلاب على حكم الاخوان الذي اعاد فتح ابواب مصر امام طهران بعد انقطاع دام ثلاثة عقود وكسر حلقة التضييق على ايران نتيجة تدخلاتها في دول المنطقة مما اثار خشية من الا يساعد حكم الاخوان في مصر على ردع ايران ومنع تمددها في دول المنطقة. وكانت مفارقة كبيرة في هذا الاطار ان تستاء طهران من الانقلاب على حكم مرسي فيما يهلل لذلك النظام السوري الذي كان داعما لعقود لسيطرة الاخوان عبر حركة "حماس" على الفلسطينيين ومحاولة الاستئثار بالسلطة الفلسطينية ووجد في سقوط حكم الاخوان في مصر سقوطا للاسلام السياسي بما يصب في مصلحته المباشرة.
والاسئلة التي يثيرها خلط الاوراق الاقليمية الحاصل عبر مصر هو مدى انعكاسها على سائر الاوضاع في المنطقة باعتبار ان قلب الطاولة في مصر مركز الاستقرار في الشرق الاوسط يفترض ان يطاول اوضاعا اخرى ساهمت فيها او عززتها سيطرة الاخوان على السلطة في مصر فتحسس المحور الداعم لها مخاطر لم يستطع اخفاءها من حركة "حماس" الى تركيا فايران وتونس وسوريا وصولا الى بعض التنظيمات في لبنان. ذلك ان التباين الاقليمي الكبير او الصراع بالاحرى لم يقتصر على مصر بل كانت قمته، كما تقول مصادر ديبلوماسية معنية في عملية تكليف رئيس حكومة انتقالية من الائتلاف المعارض السوري. فترجم الانقلاب الاقليمي الذي حصل في تقديم رئيس الحكومة الانتقالية غسان هيتو استقالته من منصبه قبل ايام قليلة على نحو لا تعزله هذه المصادر عن امساك المملكة السعودية بالاوراق الاقليمية واستحواذها على الدور الابرز عربيا الذي لا يمكن ان تناهضها به اي دولة اخرى مع الثورات المتفجرة في مصر والحرب الداخلية في سوريا وتراجع ادوار دول اخرى خليجية. والسؤال يسري على واقع ان التباين في الخطوط الاقليمية لم يبدأ مع مصر بل من ليبيا حيث دعم افرقاء اقليميون الاصوليين فيها لاعتبارات مختلفة قد لا يكون من بينها الحرص على فوزهم بمقدار الحرص على اعتبارات مهمة جدا ولكن ثانوية في الحسابات الكبرى. وانتقل هذا التباين الى مصر بعد وصول الإخوان المسلمين الى السلطة. فدعمت كل من تركيا وقطر الإخوان بمبالغ تخطت 10 مليار دولار على حساب باقي المعارضة عبر استثمارات كبيرة ومساعدات مالية فورية في مقابل دعم المملكة السعودية الحركات الاخرى ومعهم بعض الإسلاميين من اجل التصدي للرئيس مرسي وعدم ترك الاخوان المسلمين يستأثرون بكامل السلطة. وثمة من يشير الى استقالات شهدتها احدى المحطات التلفزيونية العربية نتيجة دعمها الاخوان المسلمين على نحو يجانب حقيقة ما يجري في مقابل الدعم الاعلامي للمعارضة لحكم الاخوان في محطات عربية مهمة ايضا.
وبحسب المصادر نفسها فان التباين كان قائما في شأن الموضوع الفلسطيني ورعاية "حماس" وتشجيعها وهي فصيل من الإخوان المسلمين في مصرعلما ان الحركة تسببت، وكانت لا تزال برعاية ايرانية ومن النظام السوري، بخلاف حاد مع المملكة العربية السعودية عن اتفاق المصالحة بينها وبين حركة فتح، الذي تولى رعايته الملك السعودي. وعاد فسرى هذا التباين على سوريا بعد انطلاق الثورة الشعبية ضد حكم الرئيس بشار الاسد. فكان هناك دعم اقليمي لحركة الاخوان المسلمين كونهم جزءا لا يتجزأ من تنظيم الاخوان المنتشر في مصر وسوريا والاردن وفلسطين وحتى تركيا والذي استفادت منه تنظيمات استطاعت تعزيز حضورها من المساعدات التي قدمت في مقابل الدعم السعودي ودعم دول اخرى للثورة عبر دعم الجيش السوري الحر.
وفي الاطار نفسه تتطلع المصادر المعنية الى لبنان لرصد ما اذا كان خلط الاوراق الاقليمية سينعكس عليه خصوصا ان المملكة العربية السعودية عادت بعد استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تبرز حضورا وانخراطا اكبر في الشأن اللبناني من العامين الماضيين على نحو سابق او استباقي لمرحلة الامساك السعودي باوراق اقليمية عدة خصوصا ان التباين الاقليمي ساهم في بروز تنظيمات او تعزيز اخرى حضورها على حساب الاعتدال السني واستكمالا للدعم الذي كانت تتلقاه تنظيمات مماثلة من ضمن الثورة السورية. في حين يصيب ما لحق بالاخوان في مصر بعض التنظيمات التي يعتقد انها كانت تستفيد من التباين الاقليمي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك