جاء في صحيفة "المستقبل": في الوقت الذي بدأت التحضيرات في المحكمة الخاصة بلبنان لمرحلة المحاكمة للمتهمين في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري تطرح أوساط ديبلوماسية غربية بارزة أكثر من علامة استفهام حول السبل الآيلة الى ان يفي لبنان بالالتزامات التي تعهد بها لتمويل مساهمته في موازنة المحكمة، والسبل التي ستؤدي الى الخروج من هذه المسألة الحساسة.
إذ انه حتى الآن، يتأكد للأوساط ان لا إجماع داخل الحكومة على الموافقة على طرح رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بضرورة تنفيذ الالتزام بتمويل المحكمة، وان الحوار الهادئ حول ذلك لم يؤد الى نتائج حاسمة بعد. مع الإشارة الى ان كل الدول في مرحلة انتظار للأداء اللبناني في هذا المجال، مع الاعتبار ان نفوذ "حزب الله" في الحكومة يقوى، بحسب الأوساط التي أعطت مثالاً على ذلك، تعيين وزير الدولة السابق عدنان السيد حسين رئيساً للجامعة اللبنانية على الرغم من الموقف الذي اتخذه بالنسبة الى رئيس الجمهورية عندما استقالت المعارضة السابقة منها، وعملت على إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري. الأمر الذي يؤشر الى ان الحزب يسعى لفرض ما يراه مناسباً في مقررات الحكومة. كما ان ثمة عدم ارتياح لدى هذه الأوساط لما تتبلغه من وزراء في الحكومة، حول ان التسديد المالي للمحكمة موضوع سابق لأوانه وان الحكومة تتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وانه أحياناً هناك مستحقات تواجه لبنان لكنها ليست مستحقات ملزم دفعها في تاريخ محدد. ولا يعطي هؤلاء الوزراء ابعاداً للرسالة الثانية للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون التي تبلغها لبنان أخيراً حول تذكيره بتسديد حصته في موازنة المحكمة، معتبرة ان التذكير هو إجراء روتيني لا أكثر ولا اقل.
وتلفت الأوساط، الى ان المهم ان يسدد لبنان حصته، وليس هناك من مشكلة تأخير شهر أو شهرين إذ لا مهلة محددة أمام ذلك، المهم المبدأ وهو الاستمرار في تمويل المحكمة لسنة 2011 وما بعدها.
وبالتالي ان دفع مستحقاته ليس كدفع مستحقات مساهماته في موازنات منظمة عربية أو صناديق أو تبرع لإنقاذ شعوب من كوارث طبيعية أو غيرها. على ان ميقاتي سيستفيد سياسياً من تمسكه بموضوع التمويل، وفي الوقت نفسه، فإن عمل المحكمة سيكمل طريقه ولن يؤثر عليه التمويل أو عدمه، كما لن يتخذ المجتمع الدولي إجراءات حيال لبنان في مرحلة الانتظار هذه ولا في المراحل الأولى من الاحتمال الذي يقول بعدم التسديد. وليس هناك من رغبة دولية بالعودة الى مجلس الأمن، وفقاً للأوساط، إذا لم يسدد لبنان حصته.
انما هناك العديد من القضايا التي يمكن للمجتمع الدولي الضغط من خلالها على لبنان، وهذه القضايا مرتبطة بأمور سياسية، واقتصادية ومالية، وعسكرية، فهناك الضغوط السياسية عبر العلاقات الثنائية بين لبنان والدول، وهناك الضغوط المالية على مستوى المصارف، والاقتصادية على مستوى المشاريع الإنمائية، ومفاعيل مؤتمرات باريس للدول المانحة للبنان، وهناك العسكرية على مستوى المساعدات للجيش اللبناني، وكل هذه الضغوط ستكون منسقة بين الدول والتفاهم الدولي قائم حولها. وهو الأمر الذي يقلق بعض الأفرقاء في الحكومة لذلك يؤيدون ميقاتي في موقفه من التمويل.
وتفيد الأوساط أيضاً، انها لا تستبعد ان تكون مواقف لأفرقاء داخليين من التمويل، مرتبطة بصورة غير مباشرة بما يحصل في سوريا. لذا فإن اتخاذ قرار حول التمويل ليس سريعا وثمة من يعتقد ان دفع لبنان لحصته سيتزامن مع مرحلة التمديد للمحكمة بداية السنة الجديدة، على ان المحكمة لن تتوقف مهمتها بسبب تأخير تسديد لبنان لحصته أو عدم تسديدها في أسوأ الأحوال. فالمحكمة في المبدأ لا تسقط لسبب مالي، بل لسبب سياسي، وهو الأمر الذي يتم عن إصرار وتأكيد دولي عن ان المحكمة مستمرة الى حين انتهاء مهمتها في تحقيق العدالة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك