أيها الأحباء، أيها الصناعيون،
دون مقدمات أو تجميل للكلام ... الصناعة والعمال فريق واحد. العامل اللبناني هو شريك كامل للصناعة اللبنانية، وهو ثروة وطنية نحميها برموش العين. هذا هو موقفنا منذ نشأة الصناعة في لبنـان. هكذا كان الواقع في الأمس البعيد. هكذا كان البارحة. هكذا هو اليوم. وهكذا سيكون في الغد. ولا شيء كما لا أحد، بمقدوره تفكيك هذه الشراكة.
أيها الأحباء، أيها الصناعيون،
بين العام 2005 والعام 2010، استطعنا رغم الإهمال التاريخي بحق قطاعاتنا الإنتاجية، أن نسجل نموا ثابتا وملحوظا راوح بين 15 إلى 20 % سنويا، وان نثبت أن الصناعة ركن أساسي من مكونات الاقتصاد الوطني وان لبنان بلد صناعي بكل ما للكلمة من معنى.
ورغم تعديل الأجور بنسبة 66 % العام 2008 مع غياب أي سياسة تحفيزية لقطاعاتنا المنتجة، استطاعت الصناعة الوطنية أن تستوعب هذه الزيادة، لأننا كنا في مرحلة نمو اقتصادي عام بلغ نسبته 7 %، واستطعنا معه تجاوز آثار حرب تموز المدمرة العام 2006 وفورة أسعار النفط.
وفي العامين 2009 و2010، وبسبب استمرار هذا النمو، خلقنا المزيد من فرص العمل ولم ننتظر مرسوما حكوميا جديدا لتحديد الحد الأدنى للأجور. ولم نتردد في زيادة الأجور طوعا وبمبادرات ذاتية لمعظم أفراد المؤسسات العاملة ، ولم يكن ذلك تحت ضغط أو تهديد بتحرك ما.
بل قمنا فصليا أو سنويا في مقابلة عائلتنا العاملة بما تستحق دون منة من أحد. وحافظنا على الطاقات اللبنانية في ارض لبنان في ظل منافسة شرسة على استقطابها، ولا سيما من التقنيين وأصحاب الشهادات، والتي زاد الطلب عليها في العالم العربي بشكل لم يسبق له مثيل.
إلا أنه مع الشهر الأول من العام 2011، صدمنا بوقفة تحذير بالغة الخطورة أطلقها البنك الدولي، يتوقع فيها أن يكون نمونا الاقتصادي حوالي الـ 1،50 % ويا للأسف.
وجاءت أرقام المؤشرات الاقتصادية، كنذير شؤم، لتثبت صحة هذا التوقع. فدخلنا عمليا في مرحلة الركود المخيف والاقتصاد النازف.
فالاستهلاك المحلي تدنى بشكل كبير نتيجة غياب سياسات تحفيز النمو والتراجع في الحركة السياحية إلى حدود الكارثة.
وارتفعت في الوقت عينه أعباء الإنتاج بسبب ارتفاع كلفة الطاقة، ما افقد القطاع الصناعي الكثير من قدراته التنافسية. وترافقت هذه الوقائع مع الاضطرابات في الأسواق الطبيعية المحيطة بنا لا سيما في مصر والعراق وسوريا وحتى في إفريقيا. وانعكس ذلك سلبا على أرقام النمو في التصدير.
وأدى ارتفاع أسعار المواد النفطية إلى زيادة الخسائر في مؤسسة كهرباء لبنان. وهذه الخسائر مضافة إلى ارتفاع كلفة خدمة الدين، رفعت من عجز الموازنة لتصل إلى حدود الـ9 % من الناتج المحلي... ولن أكمل.
فماذا فعلنا أمام هذا التحذير، وما هي الخطوات التي قمنا بها لاستدراك الموقف ومعالجته ووضع الخطط الكفيلة لإعادة إطلاق النمو؟
ماذا فعلتم أيها المسؤولون عبر العهود؟
أين هي القرارات المعتمدة لإعادة إطلاق النمو؟
أين هو التحفيز للقطاعات المنتجة من قوانين وتشريعات ضريبية،تطلق الإنتاج الوطني وتحد من الاستيراد وتزيد التصدير ... إطلاقا للنمو؟
أين هي مخططات استقطاب رؤوس الأموال وخلق فرص العمل ... إطلاقا للنمو؟
أين هي حماية الإنتاج الوطني من الاغراقات ... إطلاقا للنمو؟
أين هي البنى التحتية والشراكة مع القطاع الخاص للتوظيف في المشاريع الجديدة دون زيادة المديونية...إطلاقا للنمو؟
أين هي سياسات تشجيع البحث العلمي ... اطلاقا للنمو؟
أين هي دفع مستحقات المواطنين من ضمان ومرتجعات الضريبة على القيمة المضافة لضخ السيولة ... إطلاقا للنمو؟
أين السياسة الاجتماعية – الاقتصادية الشاملة ... إطلاقا للنمو؟
لم نر شيئا من ذلك كله في المشاريع المرسومة. كل ما رأيناه كان قتالا خلفيا ،مع إطلاق لرصاصات عشوائية في الظلام، بهدف الانسحاب إلى الوراء ... وكان أن أصابت هذه الرصاصات الطائشة العائلة الصناعية، ومعنا الهيئات الاقتصادية بكاملها.
وكل ما تحقق كان قرارا متسرعا بزيادات الأجور، طال 40 % فقط من القوى الحية في لبنان من عمال وموظفين في القطاعين الخاص والعام. أما الـ 60 % من العاملين غير الموظفين فلم يلتفت إليهم أحد!.
ولو جاءت هذه الزيادات لتعوض عن كل ما ذكرنا لرضينا. لكنها زيادات ستتآكل وستزيد من الاستيراد وستضاعف البطالة ... لنصبح في واقع أبشع الاقتصاديات وأخطرها، حيث يتزاوج الركود مع التضخم ( Stag flation ). فلا يستفيد المواطن العامل من ناحية، وسيخنق النمو، وسنصل إلى تعثرات وافلاسات، والى إقفال خطوط إنتاج والى بطالة تهدد السلم الأهلي والى وقوع زلزال اقتصادي سيطاول المجتمع بكامله.
نحن لسنا ضد تحديد علمي وواقعي للحد الأدنى للأجور. هذا حق ونحن مع هذا الحق. لكننا نصرخ،لأننا لبنانيون في الصميم.
إننا نصرخ، لأننا لا نريد أن نقفل مصنعا أو نتخلى عن فرصة عمل للبناني.
إننا نصرخ، لأننا لن نرضى بعد اليوم بتمويل ادارة ومنظومة متآكلة بالفساد والعقم ،لا تنتج، ولا تؤمن حتى استقرارا سياسيا وامنيا .
إننا نصرخ، لأننا نعرف والمعرفة مسؤولية.
إننا نصرخ لنقول للحكومة ولكل المعنيين، إن الأوان لم يفت بعد للمعالجة، لكن الشاملة، ونحن منفتحون بايجابية للنقاش والتداول والقرار حولها.
إننا نصرخ، لأننا رغم كل العثرات، لا نزال نتطلع بأمل كبير إلى تبني هذه الحكومة رؤية شاملة لإطلاق النمو، لمعالجة بنيوية للاقتصاد الوطني يجسده بكل وضوح مشروع الموازنة للعام 2012.
إننا نصرخ لنقول أن الوقت حان ليعلو صوت الاقتصاد على صوت السياسة .
عاشت العائلة الصناعية متحدة عمالا وأرباب عمل،عاش لبنــان
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك