فشل كل ما ادرج في اطار خطوات اصلاحية اعلن النظام السوري القيام بها في الاشهر الماضية ومنذ انطلاق الثورة السورية في 15 آذار الماضي لاعتبارات عدة من بينها اساسا انها اعلنت على وقع اعمال عسكرية يمارسها الجيش ضد الشعب بحيث طغت اصوات المدافع وسقوط القتلى على صدى اي خطوة اصلاحية فضلا عن كونها خطوات محدودة جدا وجاءت متأخرة جدا بعدما باتت المطالب كبيرة وحجم التضحيات ضخما. وتعتبر مصادر ديبلوماسية ان الدعوة الى استفتاء على الدستور الجديد لا يخرج عن هذا الاطار حتى الآن نظرا لاعتبارات عدة من بينها اولا كون هذه الدعوة تأتي في خضم حرب يشنها النظام على مدن عدة وحصار يمارسه ضد حمص وسواها من المدن في ما يطرح اسئلة جوهرية عن السبيل الى تنظيم استفتاء شعبي في ظل حملات عسكرية دموية في معظم المدن والبلدات وهرب الكثير من اهاليها منها الى خارجها تفاديا للنار التي تحوطها. ثم ان النظام يبدو في سباق مع مزيد من الخطوات والاجراءات ضده بالتنسيق مع روسيا التي لم تخف انزعاجها من مؤتمر اصدقاء الشعب السوري الذي يعقد في تونس في 24 من الجاري وغداة تصويت محتمل في الجمعية العمومية للامم المتحدة اليوم على الخطة العربية لدعم الانتقال السلمي التي نقضها الفيتو الروسي والصيني في مجلس الامن. وهو كان عمد الى حصار حمص وقصفها بهدف انهاء تمردها قبل اجتماع جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية الذي انعقد في 12 الجاري من اجل ان يعزز اوراقه ووضعه ويحاول فرض امر واقع جديد، وهو امر لم يحصل لكنه يأمل حصوله قبل موعد 24 من الجاري في حين يحاول الالتفاف في الوقت نفسه على الهدف من هذا المؤتمر عبر اطلاق الدعوة الى استفتاء حول الدستور الجديد في 26 من الجاري اي بعد يومين من موعد المؤتمر سعيا الى افقاده الزخم الدولي الذي يتم السعي الى مده به. وهي الخطوات نفسها التي لجأ اليه مرارا حيث قبل مثلا الموافقة على بعثة المراقبين العربية قبيل اجتماع آخر لوزراء الخارجية العرب وتفاديا للمزيد من الخطوات والاجراءات ضده.
وقد سارع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى الترحيب بهذه الخطوة اي الدعوة الى استفتاء حول الدستور الجديد في 26 الجاري بهدف تسليط الضوء على بيعه من النظام خطوات اصلاحية جدية ومن اجل توفير فرصة مهمة لروسيا من اجل تخفيف زخم مؤتمر اصدقاء الشعب السوري او حتى التصويت في الجمعية العمومية من خلال اتصالات مع بعض الدول من اجل اعطاء فرصة جديدة للنظام ما دام خطا بعض الخطوات الاساسية كالاعلان عن دستور جديد ألغى فيه المادة الثامنة من الدستور الحالي التي تنص على ان حزب البعث العربي هو قائد المجتمع والدولة على رغم ان الكلام على الغاء هذه المادة يتردد منذ الايام الاولى للثورة. وليس واضحا ما اذا كان لهذا الالغاء او للتعديلات الدستورية الجديدة اي فاعلية بعدما تطورت مطالب المعارضة الى تنحي الرئيس السوري وتغيير النظام ولم تعد تقتصر على تعديل الدستور او تغيير بعض بنوده.
لكن السؤال يطرح عما اذا كانت روسيا تستطيع تسويق رغبة النظام السوري وجديته في اجراء الاصلاحات في هذه المرحلة علما انه سبق للافروف ان نقل عن الاسد رغبته في إجراء اصلاحات سريعة وتفويض نائبه فاروق الشرع اجراء حوار كما لو ان لافروف يحاول ان يلاقي بذلك مطالب الدول العربية في خطة الانتقال السلمي كما اوردته جامعة الدول العربية. وهذا السؤال يطرح جديا كون روسيا لا تزال داعمة للنظام في عملياته العسكرية ضد الشعب السوري مع سقوط ما يزيد على 6 آلاف قتيل حتى الان ام ان الامر يقتصر على كسب المزيد من الوقت من اجل مساعدته على الحسم ميدانيا في مقابل السعي الى تخفيف الضغط الخارجي عليه؟ وهل تخفف الخطوة السورية عن روسيا وطأة دفاعها عن النظام عبر اظهار روسيا نجاحها في حضه على الاسراع في بعض الخطوات التي يمكن ان تدعم الموقف الروسي امام المجتمع الدولي باعتبار ان دفاعها عن النظام اثار غضب الدول العربية بما لذلك الغضب من وطأة كبيرة على روسيا؟
المصادر المعنية لا تنفي ان ثمة بلبلة على الصعيد الدولي لجهة اي قرارات او اجراءات يمكن ان تتخذ بعد الفشل في التوصل الى قرار في مجلس الامن بدليل تزايد الاقتراحات بين العمل من اجل ممرات انسانية آمنة او ارسال قوات سلام دولية يقبلها البعض ويرفضها البعض الآخر، وهو امر يدل على الارباك ازاء التعاطي مع عنف ميداني لا يمكن ايقافه ما دام لا وجود لقرار بتدخل عسكري ويفيد القائمين بهذا العنف. لكن في المقابل هناك متابعة دقيقة للوضع الميداني لجهة مدى قوة الجيش السوري خصوصا في ظل معطيات تفيد بتحركه على نحو يتخطى قدراته واحتماله ما ادى الى انهاكه على نحو يتزايد يوما بعد يوم في موازاة متابعة التغيير الذي لحق ويلحق به على مستويات عدة نظرا الى ان الرهان لا يزال كبيرا عليه. كما ان هناك حرصا على التزام دعم المعارضة ومساعدتها على نحو يمكن ان يشكل تحديا اساسيا في السباق بين محاولة النظام اخراج نفسه من المأزق او اخراجه من معادلة سوريا الجديدة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك