جاء في صحيفة "النهار": ينتهج لبنان سياسة خارجية تختلف عن السياسة التي اتبعتها العهود السابقة لا سيما في التعامل مع القضايا العربية الشائكة، اذ كان في ما مضى يحدد موقفه من اي مسألة عندما يتوافر الاجماع العربي عليها، ولم يعد حاليا يأخذ بالإجماع العربي بل انتهج سلوكا جديدا على قاعدة إحياء سياسة" النأي بالنفس" التي اتبعها مع اندلاع الازمة السورية في ثمانية قرارات اتخذتها جامعة الدول العربية لحل الازمة. وكذلك الامر في الجمعية العمومية للامم المتحدة وفي مجلس الامن عندما كان عضواً غير دائم فيه.
لم يأخذ لبنان بموقف اكثرية الدول العربية التي تقف بقوة ضد الرئيس بشار الاسد لاستمراره في اعتماد القوة من اجل اسكات المعارضة، ومن بين تلك الدول السعودية وقطر والكويت التي قدمت الكثير الى لبنان والتي تقف بجانبه في المحافل الدولية والعربية وفي مواجهته لاسرائيل، اضافة الى المساعدات المالية الضخمة التي تقدمها لاعادة بناء ما تهدم من جراء الاعتداءات الاسرائيلية الضخمة وآخرها كان حرب تموز في العام 2006. ولا يمكن تجاهل دعمها الليرة اللبنانية من خلال الودائع في مصرف لبنان والاستثمارات في بيروت تحديداً، وهي تقدر بمئات ملايين الدولارات اضافة الى موسم السياحة في فصل الصيف والسياحة الطبية.
نأى لبنان بنفسه عن تعليق جامعة الدول العربية عضوية سوريا فيها لان القيادة السورية لم تنفذ قرارات مجلس وزراء الخارجية العرب ذات الصلة وخصوصا وقف النار. كما رفضت دمشق مسبقا ما يمكن ان يصدر عن الجامعة من مقررات متعلقة بها، في حين شارك لبنان بأرفع المستويات في قمة بغداد في جلستها الوحيدة والمختصرة كما في اجتماعي وزراء الخارجية والاقتصاد والتجارة. ويبرر الرئيس سليمان الحضور اللبناني بقوله "اننا التزمنا جميعا احترام دورية القمم العربية في دوراتها العادية ومبدأ القمم الاستثنائية".
واللافت ان سليمان اوحى ان لبنان يتجه نحو اعتماد سياسة "الحياد الايجابي". كما ابرز دور "المكون المسيحي" من بين المكونات المتنوعة للعروبة في اطار خطابه امام القمة ا يضا وضرورة المحافظة عليه، مشيرا الى حضور "مختلف الطوائف والمذاهب على الارض العربية منذ اقدم العصور". وبرر مطالبته بأن "التنوع يمكن ان يكون مصدر غنى لا مصدر شقاق، وضماناً للوحدة ولاحترام الخصوصية".
وتوقعت مصادر وزارية ان تترك مشاركة لبنان في قمة بغداد على ارفع المستويات اثرا ايجابياً لدى القيادة والشعب العراقيين، وسينعكس ذلك تزخيما للعلاقات في شتى المجالات بين البلدين نظراً الى العلاقات الشخصية بين "المسؤولين في كل منهما والعلاقات العائلية بين الشعبين، وان للكثير من اللبنانيين استثمارات متوسطة وضخمة في العراق ويتركز معظمها حاليا في اربيل في مجالات عديدة.
ورأت في معرض تقييمها لما انتجته قمة بغداد ان العراق نجح في الشكل في عقد القمة في يومها المحدد، وان زعماء تجاوبوا بالحضور الشخصي ودولاً اخرى تمثلت بوفود متفاوتة المستوى ولكن لم تحصل مقاطعة. صحيح انه بعد بدء الجلسة الافتتاحية للقمة دوى انفجار صاروخ غير انه كان بعيداً ولم يصب احد من المشاركين ونجحت التدابير الامنية. كذلك لوحظ عدم اتخاذ اي قرار يمكن ان يشكل تحديا لسوريا تجاوبا مع مهمة الموفد الاممي والعربي كوفي انان، باستثناء تأييد القمة قرارات المؤتمر الاول الذي عقده "اصدقاء سوريا" في تونس وتأييد المؤتمر الثاني الذي سيلتئم في تركيا، اضافة الى الانتقاد القاسي الذي وجهه الى القيادة السورية رئيس الوزراء نوري المالكي ووزير الخارجية هوشيار زيباري بسبب سقوط المزيد من الضحايا في مناطق مختلفة من سوريا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك