كتبت صحيفة "الجمهورية": يدرك "حزب الله" ما عليه أن يفعل. هذه المرّة أيضاً مرّر "القطوع" الحكومي. وجرعةُ الأوكسيجين مطلوبة كي تبقى الحكومة على قيد الحياة... إلى أن تحين لحظة استبدالها بحكومة "سوريّةٍ صافيةط، إذا استمرّ التحسّن التدريجي لوضع الأسد.
الأسابيع الأخيرة حملت معطيات إلى الملفّ السوري كان يتوقّعها محلّلون ومراكز أبحاث دوليّة. فنظريّة السقوط السريع للرئيس السوري، على الطريقة المصرية، وحتى الليبية، لم تنطبق عليه. ولا يبدو ذلك متاحاً في مدى منظور، لا داخليّاً ولا إقليميّاً ولا دوليّاً. وفيما عمليّات "التطهير" التي يمارسها النظام مستمرّة، نَفَض العرب أيديهم من مطالبتهم السابقة للأسد بالتنحّي. وخلافاً لذلك، يسوِّق كوفي أنان مبادرة عربية – دولية، يجعل الأسد أحد أركانها والراعي لتنفيذها.
حلفاء سوريا في لبنان بدأوا يدرسون خياراتهم، في ضوء المعادلة السوريّة المستجدّة. وهم يعتقدون أنّه ما زالت للأسد إقامة مديدة في قصر المهاجرين، لأنّ الضغوط التي كانت قوى عربية تمارسها لإسقاطه تراجعت. وهناك أسئلة كثيرة وشكوك تُطرح حول المواقف الأميركية والغربية والتركية والإسرائيلية من مبدأ تغيير النظام. وإذا تمّت التسوية في سوريا، وفقاً لخطة أنان، فسيكون الأسد هو المرجعية. وإذا لم تنجح التسوية، فسيعني ذلك تصادماً لا ينتهي بين نظامٍ مدجّجٍ بآلات القمع ومعارضةٍ بلغت، في التصميم على إسقاط النظام، حدود الحياة أو الموت. وهذا الخيار، أي الحرب الأهلية، هو أكثر ما بات يخشاه أو يتوقّعه المراقبون. ففي أيّ حال، لن تعود سوريا كما كانت في قبضة الأسد.
ويراهن حلفاء النظام في لبنان على أنّ الأسد سيحسم الوضع في سوريا، لأنّ القدرة الميدانية للمعارضة على مواجهته تزداد تلاشياً. وفي عبارة أخرى، يعتقد هؤلاء أنّ الحرب الأهلية ليست واردة لأنّ النظام قادر على الحسم سريعاً. وبناء على هذا الاعتقاد، ينتظرون أن "يرتاح" الأسد في سوريا أكثر، ليتفرّغ مجدّداً مع الحلفاء للعب دور على الساحة اللبنانية.
إستكمال السيطرة
ويعني ذلك إكمال عملية الانقضاض على ما تحقّق في 14 آذار 2005، التي كان فصلها الأخير إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري "بالقوّة". ولو نجح الأسد و"حزب الله" في إيصال الرئيس عمر كرامي إلى السراي، قبل عام، لما كانا استعانا بـ"الوسطي" ميقاتي اضطراريّاً. وإذا ما تحسّن وضع الأسد في الداخل السوري، فالأرجح أنّه سيلتفّ على "الوسطيّة" ورموزها في لبنان، للمجيء بالحكومة التي تمّ إسقاطها في 2005، أي حكومة الرئيس عمر كرامي السوريّة "الصافية"، أو "شبه الصافية". ومن المرجّح أن يعود النظام إلى دعم شخصيّة لصيقة به في رئاسة الحكومة، ويتمّ تدعيمه بفريق من الخطّ عينه. وهذه الحكومة يكون من شأنها مواجهة الاستحقاقات الداهمة، ولاسيّما ملف المحكمة والتعيينات والتحضير لانتخابات نيابية لها أهمّيتها في العام 2013، لأنّها ستكفل قيام حكومة موالية لسوريا ومجيء رئيس للجمهورية في العام 2014.
وتقول أوساط سياسية إنّ خطة حلفاء سوريا للإمساك بمفاصل القرار في لبنان، والتي تعثّرت نتيجة لاندلاع الأزمة في سوريا وانشغال الرئيس الأسد بها، ستنطلق مجدّداً إذا ما استطاع الأسد ترجيح كفّة المواجهة في سوريا لمصلحته، ولو مرحليّاً. وسيعود أصحاب هذه الخطة إلى ممارسة كلّ الضغوط الممكنة لتحقيق أهدافهم. وسيؤدّي ذلك إلى تداعيات لبنانية حاسمة، بل خطرة، في التوازن ما بين فريقي "8 آذار" و"14 آذار".
وهذا الأمر بدأ يدركه فريق "14 آذار" والنائب وليد جنبلاط. وإذا لم تتلقَّ المعارضة السوريّة دعماً عربيّاً ودوليّاً حقيقيّاً، فإنّها قد تصاب بنكسات كتلك التي أصابت فريق "14 آذار" على مدى السنوات السبع الفائتة... إلّا إذا تحوّل النزاع حرباً أهليّة في سوريا. وفي هذه الحال، يصبح الطرفان اللبنانيّان أمام استحقاق أخطر وهو: كيف السبيل إلى إبقاء النار السوريّة خارج البيت اللبناني؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك