بدأ مجلس النواب بمناقشة البيان الوزاري تمهيداً للتصويت على الثقة بالحكومة. وقد استُهلّت الجلسة العامة للمجلس بتلاوة رئيس الحكومة سعد الحريري مضمون البيان الوزاري، وقال: "نريد من هذه الحكومة أن تكون حكومة أفعال للقرارات الجريئة وللإصلاحات التي لا مجال للتهرّب منها بعد اليوم لا حكومة أقوال، كما نريد منها أن تتصدّى للفساد وتخاطب معاناة اللبنانيين وتطلّعات الشباب للمستقبل وتضع في أولوياتها الاستقرار السياسي والامني والامان الاجتماعي لجميع المواطنين وترسم سياسية اقتصادية ومالية تواكب التحدّيات".
وخلال جلسة مناقشة البيان الوزاري والتصويت على الثقة بالحكومة، أضاف الحريري: "لا وقت أمام هذه الحكومة للترف وجدول الاعمال الذي في متناولها يحفل بالتحديات التي تحدد مسار العمل الحكومي وترشيد الإنفاق ومكافحة الفساد وتخفيز النمو لمواجهة البطالة والفقر وتخفيض العجز".
وتابع الحريري تلاوة مضمون البيان الوزاري قائلاً: "للتعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من أجل نقل البلاد إلى حال الاستقرار المنشود وإعادة الأمل للمواطن بالدولة ومؤسساتها وقدرتها على الإصلاح والتطوير"، لافتاً إلى أنّ "المطلوب قرارات وإصلاحات جريئة ومحدّدة قد تكون صعبة ومؤلمة لتجنّب تدهور الاوضاع الاقتصادية وهو ما ستبادر إليه الحكومة بكلّ شفافية وإصرار وتضامن بين مكوّناتها السياسية".
ورأى أنّ "أمامنا فرصة قد لا تتكرر للإنقاذ ومسؤولية عدم تفويت هذه الفرصة تقع على جميع الشركاء في السلطة وعلى التكامل الإيجابي مع دور المعارضة"، لافتاً إلى أنّ "حكومتنا تلتزم التنفيذ السريع والفعال لبرنامج إصلاحي وإنمائي متوازن يستند إلى الركائز الواردة في رؤية الحكومة المقدّمة إلى مؤتمر "سيدر" وتوصيات المجلس الاقتصادي الاجتماعي".
وأضاف: "الحكومة تعد بالتسريع في تنفيذ المشاريع التي تمّ تأمين التمويل لها قبل انعقاد مؤتمر "سيدر" واتّباع سياسية مالية ونقدية تخفض نسبة الدين العام لا سيما عن زيادة حجم الاقتصاد وخفض عجز الموازنة، وشروع الحكومة فور نيلها الثقة بمناقشة مشروع موازنة 2019 والعمل على إقراره والالتزام بدءاً من هذه الموازنة بتصحيح مالي عبر تخفيض عجز الموازنة عن طريق تقليص الإنفاق، بالإضافة إلى مكافحة الهدر والتهرب الجمركي والضريبي وتحديث القوانين وأساليب العمل في الإدارة الضريبيّة، والعمل على عدالة التقديمات والمساواة بين المستفيدين من الصناديق والمؤسسات في القطاع العام بهدف تخفيف العبء على الخزينة العامة وخفض الإنفاق على المساهمات للهيئات التي لا تتوخى الربح وإعادة النظر بتصنيفها ضمن سياسات جديدة، وأيضاً اللجوء إلى مسار تمويل ميسّر للمشاريع التنموية والاستثماريّة وإشراك القطاع الخاص في الاستثمار في مشاريع البنى التحتية".
وتابع: "نتعهّد أيضاً بتأمين التغذية الكهربائيّة 24/24 بأسرع وقت ممكن، وإعادة التوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان بالحدّ من الهدر التقني والمالي وإعادة النظر بالتعرفة بعد زيادة التغذية مع الأخذ بالاعتبار ذوي الدخل المحدود، وبتلزيم تراخيص بلوكات الدورة الثانية خلال سنة وإصدار المراسيم التطبيقية لقانون دعم الشفافية في قطاع البترول وإصدار قانون التنقيب عن النفط والغاز، بالإضافة إلى استكمال تنفيذ خطة الفايات الصلبة التي أطلقتها الحكومة السابقة ومراجعة وتحديث الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه والصرف الصحي التي وافق عليها مجلس الوزراء سابقاً، ووضع سياسة عامة لقطاع الاتصالات تهدف إلى تحريره واستكمال تحديث شبكة الخطوط الثابتة وتأمين تغطية عالية الجودة لشبكة الخليوي".
كما أشار الحريري إلى تعهّد الحكومة "بإيلاء موضوع النقل العام الأهمية اللازمة بحيث يستعيد دوره والاستفادة من القطاع الخاص في مجال النقل الجوي والداخلي وتعيين الهيئة العامة للطيران المدني، والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإلغاء وزارة الاعلام لتطوير القطاع الاعلامي في لبنان، وحماية البيئة تطبيقاً للقانون والمراسيم المرعية حيث يتمّ اعتماد دراسات الأثر البيئي في إعداد المشاريع وتنفيذها وتطبيق قانون معالجة تلوث نهر الليطاني وبحيرة القرعون وإعداد خطط حماية بيئية للأنهر وتنفيذها والوقف الفوري لمصادر التلوث، ووضع حدّ لظاهرة الامتداد العمراني العشوائي من خلال تنفيذ سياسة لحماية قمم الجبال والشواطئ والمساحات الخضراء، وأيضاً تأمين الحماية الصحية الشاملة للمواطنين غير المشمولين والعمل على إقرار قانون التقاعد والحماية الاجتماعية وضمان الشيخوخة وتعزيز دور المستشفيات الحكوميّة وتخفيض كلفة الدواء على الدولة والمواطن".
وأضاف: "سنسعى إلى وضع خطة لبناء سجون مركزية وتأهيل السجون الحالية وضمان إعادة تأهيل السجناء، وضمان الوصول إلى حق التعليم في المدارس الرسمية والخاصة والحرص على استقرار التعليم وتأمين الانترنت وتعميمه في قطاع التعليم وتطوير المناهج بما يتناسب مع التطور العلمي وحاجات سوق العمل وتعزيز دور الجامعة اللبنانية وتطويرها".
كما أشار الحريري إلى أنّ "الحكومة تؤكّد الالتفاف حول الجيش والمؤسسات الامنية في مكافحة الارهاب وشبكات التجسس الاسرائيلي وتعزيز سلطة القضاء واستقلاليته، ونكرّر الالتزام بما جاء في خطاب قسم الرئيس عون حول ضرورة الابتعاد عن الصراعات الخارجية ملتزمين بميثاق جامعة الدول العربية مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي، ونؤكد على الشراكة مع الاتحاد الأوروبي على قاعدة الاحترام المتبادل ونؤكد احترامنا المواثيق والقرارات الدولية والتزام قرار مجلس الامن الدولي 1701 واستمرار الدعم لقوات "اليونيفيل".
وتابع: "لن نوفّر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقّى من أراضٍ لبنانية محتلة وحماية وطننا من عدو لا يزال يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية استنادا إلى مسؤولية الدولة ودورها في الحفاظ على سيادة لبنان واستقراره ووحدته وسلامة أبنائه"، مشدداً على أنّه "من واجب الدولة تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة بشتى الوسائل المشروعة مع تأكيد حقّ المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي وردّ اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة".
كما أكّد الحريري أنّ "الحكومة ستتابع مسار المحكمة الخاصة بلبنان التي أنشئت لتحقيق العدالة في قضية اغتيال الشهيد رفيق الحريري بعيداً عن الخلافات، وستضاعف جهودها على كلّ المستويات وستدعم الجهة الرسمية لمتابعة ملف الامام موسى الصدر ورفيقيه بهدف تحريرهم وعودتهم سالمين".
ورأى أنّ "مصلحة لبنان يجب أن تكون فوق كلّ اعتبار مع الإصرار على أنّ الحلّ الوحيد لأزمة النازحين هو بعودتهم الآمنة إلى بلادهم ورفض أيّ شكل من التوطين في المجتمعات المضيفة ونجدد ترحيبنا بالمبادرة الروسية في هذا الإطار"، مؤكداً "التمسّك بحق العودة للفلسطينيين وسنعزز الحوار اللبناني الفلسطيني لتجنيب المخيمات ما يحصل فيها من توترات".
وشدّد أيضاً على أنّ "الحكومة ستعمل على إقرار مشروع قانون للعفو العام وتبنّي ومتابعة مبادرة الرئيس عون بترشيح لبنان ليكون مركزاً دائماً للحوار بين مختلف الحضارات والديانات والأعراق من خلال إنشاء أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار".
TWEET YOUR COMMENT