
مريم حرب
كتبت مريم حرب في موقع mtv:
هنا الخالق جمع الأرض بالسماء. هنا تعبق رائحة الأرز بالبخور. هنا الغيم يخشع مع كل ترنيمة جرس. هنا الماضي والحاضر والمستقبل. هنا أهل الكرم والضيافة. هنا تنورين، وفيها لستم سياحًا ولا غرباء. إنّكم من أهل البيت ومن محاصيل البلدة وخيراتها تكرمون.
نحن، فريق موقع mtv، قرّرنا أن نأخذ نفساً، فاخترنا تنورين وجهتنا. أحببناها وأحببنا ناسها. لم نرغب بالعودة إلى الانشغال بالخبر السريع والانهماك بكتابة المقالات وإجراء المقابلات. أردنا أن نترك أنفسنا للطبيعة. أن نسترخي على ذاك الكرسي الخشبيّ على أنغام خرير نهر الجوز، لتتسلّل إلينا خيوط الشمس بين أغصان السنديان والأرز المشبّكة الأغصان. أردنا أن ننسى انشغالاتنا وهموم الحياة وأن نقضي ساعات، يا ليتها لم تنتهِ.
بكثير من الحبّ والضحكات، تبادلنا الأحاديث على مائدة فطور من حواضر البيت، حيث استُقبلنا في Paul's Haven بكثير من الترحاب والأهلا وسهلا.
ومن هناك استكملنا مشوارنا صعوداً نحو تنورين الفوقا، حيث استوقفتنا كنيسة البلدة التي تحمل اسم سيدة الانتقال لجمالها وضخامة بنائها. والدهشة في هندستها الداخليّة من مداميكها إلى سقفيّتها المخشبّة بالأرز قطعة قطعة. بناؤون، فنانون أبدعوا في بنائها بدءاً من سنة 1876 وحتى 1921، وأبوا إلّا أن تكون من الأكبر مساحة، مكلّلين جدرانها بأيقونات عدد من القديسين.
انتقلنا بعدها إلى وطى حوب، حيث يتربّع دير مار انطونيوس على كتف الوادي. الدير الذي مرّ فيه القديس نعمة الله الحرديني في سنوات ابتدائه، يختزن كل تاريخ الطائفة المارونية ولا يزال مثالًا للرسالة المسيحيّة والعمل في الأرض. ومن الجدير بالذكر أنّ أراضي الدير تشكّل 2 في المئة من مساحة لبنان المزروعة.
من الخوابي إلى الكؤوس، انتقل النبيذ الحلو الذي يُصنع يدويًّا من الكروم المزنّرة للدير، إلى جانب أشجار التفاح. فنبيذ دير مار انطونيوس من الأجود وهو الذي يُمزج مع القربان.
والمحطة الأخيرة في مشوارنا كانت محميّة الأرز الأكبر والأكثر كثافة في لبنان والتي تصل مساحتها إلى 625 هكتاراً. ما يميّز محميّة تنورين أنّ أشجار الأرز فيها تشكّل 80 في المئة من الغابة، و25 في المئة من الأرز المتبقي في لبنان.
كما رسّخ موقع mtv اسمه إعلاميًّا، كذلك رسّخ اسمه على أرزة زرعها إلى جانب أرزات المحميّة الخالدة. و"صار عنّا أرزة بتنورين" نكبر وإيّاها مواجهين الصعوبات علّها تجذّرنا بلبناننا الذي نُحب.
نهارنا الطويل في تنورين انتهى على طاولة غداء لبنانية 100 في المئة، في مطعم إيكو داليدا، أولمها المحامي بول حرب على شرف فريق الموقع. رفعنا كأس العرق التنوري بصحّة الجميع متمنّين دوام الصحّة والعافية والتقدّم للموقع وأسرته، والسلام والأمان لوطننا العزيز لبنان.