لفتت صحيفة "السفير" الى أن خبراء اقتصاديين وماليين يعتقدون أنه لا بد من إجراء مراجعة شفافة لعدد من المناقصات الدسمة التي أجريت في الاشهر القليلة الماضية، وحامت حول بعضها تساؤلات وشبهات، لا سيما بعدما أبدت هيئات الرقابة المتخصصة اعتراضات او ملاحظات عليها، من دون أن يكون ذلك كافيا لدفع الوزراء المعنيين الى وقف مفاعيل هذه المناقصات التي تكلف خزينة الدولة ما يفوق المليار دولار، فيما الكلفة الحقيقية يجب أن تكون أقل بكثير كما يؤكد العارفون!
ويرى الخبراء أن هناك مشاريع حيوية تحتاج الى تدقيق، للنظر في مدى مطابقتها للقوانين، هي:
- مناقصة المعاينة الميكانيكية التي جمدها الرئيس ميشال عون لاحقا.
- مناقصة نشر الكاميرات في بيروت.
- مناقصة طمر النفايات في الـ "كوستابرافا" وبرج حمود.
- مناقصة مواقف السيارات في المطار.
- مشروع سد "جنة" الذي دخل في "جحيم" التجاذبات الطائفية.
- تلزيمات الكهرباء التي تداخلت فيها العوامل السياسية والشخصية، حتى كادت الحقائق التقنية والمالية تضيع وسط غبار الحملات المتبادلة.
ووفق هؤلاء الخبراء، فإن معظم هذه المشاريع يعاني عيوبا بنيوية في دفاتر الشروط التي أتت مخالفة للقوانين والاصول، كما ثبت في تقارير لهيئات الرقابة (ديوان المحاسبة، شورى الدولة..). والمفارقة، أن مجلس الانماء والاعمار، المساهم في تنفيذ أحد المشاريع (مطمرا النفايات في "كوستابرافا" وبرج حمود) انتهت ولايته قبل خمس سنوات تقريبا، وبالتالي هو يواصل العمل بحكم قوة الاستمرار في المرفق العام، لكنه برغم ذلك يتابع إنفاق مئات مليارات الليرات، من دون أن يرف له جفن، ما يستدعي من مجلس الوزراء تعيين أعضاء جدد بأسرع وقت ممكن.
والمفارقة، أن الشركتين اللتين تتوليان إنشاء المطمرين هما متخصصتان في أعمال ردم البحر حصرا ولا تملكان أي تجربة سابقة في مجال الطمر الصحي، ما يشكل مخالفة فاضحة في محتوى دفتر الشروط.
كما أن مناقصة الميكانيك التي كان قد صدر قرار قضائي عن "شورى الدولة" بوقفها، ظلت سارية المفعول الى حين تدخل رئيس الجمهورية لتجميدها، علما أن المعترضين عليها يعتبرون أنها ترتب على الخزينة أعباء هائلة تقارب 440 مليون دولار، كان بالامكان خفضها الى النصف تقريبا، وتحديدا الى 210 ملايين دولار، لو جرى الاخذ بالعرض المقدم من شركة أخرى والذي يحقق لها باعتراف القيمين عليها ربحا كبيرا!
ويرى الخبراء أن المطلوب عاجلا تشكيل لجان متخصصة للتدقيق في مدى مطابقة المناقصات الملتبسة للمعايير القانونية، مؤكدين أن دفاتر الشروط فُصلت في العديد من الحالات على قياس الشركات والجهات التي يراد لها مسبقا أن تفوز.
ويشير هؤلاء الى أن من الغرائب والعجائب التي تحصل في لبنان، أن الوزير المتخصص يتعمد في أحيان كثيرة تجاهل اعتراضات وملاحظات هيئات الرقابة ويمضي في تنفيذ المناقصة المشكو منها، وكأن شيئا لم يكن، بينما تقضي الاصول بأن يُرفع موقف الهيئة الرقابية المعنية الى مجلس الوزراء للبحث في حيثياته، فإما أن يأخذ بها وإما أن يقرر استكمال المناقصة وفق قرار معلل، وبالتالي ليس من حق الوزير أن يتولى هو، من تلقاء نفسه، استمرار العمل بها من دون أن يكون قد حصل على تغطية مجلس الوزراء.