رأي إدمون رباط في اجتماع النواب والحكومة مستقيلة "سلامة الشعب هي القانون الأسمى"

إميل خوري

النهار

عندما واجه الرئيس حسين الحسيني عام 1988 وكان رئيسا لمجلس النواب الجدل الحاصل اليوم حول جواز او عدم جواز عقد جلسات واقرار تشريعات في ظل حكومة تصريف اعمال، طلب في كتاب وجهه الى الدكتور ادمون رباط رأيه القانوني في الموضوع، لافتا الى ان مجلس النواب ومنذ مدة طويلة قد سار على عقد جلسات تشريعية في ظل حكومات مستقيلة ولا سيما خلال عام 1969 عندما اجتمعت الحكومة وهي مستقيلة واقرت مشروع قانون الموازنة الذي ناقشه واقره المجلس مع وجود حكومة مستقيلة.
وجاء في رد الدكتور رباط "ان موقف مجلس النواب سليم بكامله وان جميع الاعمال القانونية تجري في الاطار التشريعي المرسوم في الدستور بشكل لا يمكن ان يرقى الشك اليه. فالسلطة التشريعية منوطة بموجب الدستور بمجلس النواب من دون سواه وهو ليس مع العملية المعروفة بالمراسيم الاشتراعية. وفي ما يتعلق بتصريف الاعمال من قبل حكومة مستقيلة، فالمجالات تضيق وتتوسع الى اقصى الحدود بحسب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك صيانة لمصلحة الدولة العليا.
وردا على سؤال عما اذا كان من الجائز لمجلس النواب عقد جلساته واقرار تشريعات في ظل حكومة مستقيلة، فان مجلس النواب كما جاء في كتابكم (كتاب الحسيني) ومنذ مدة طويلة سار على عقد جلسات تشريعية في ظل حكومة مستقيلة ولا سيما خلال عام 1969 عندما اجتمعت الحكومة وهي مستقيلة واقرت مشروع قانون الموازنة الذي ناقشه واقره المجلس مع وجود حكومة مستقيلة، ذلك لان السلطة التشريعية مستقلة عن السلطة التنفيذية ويتوجب عليها ان تستمر بممارسة صلاحياتها الدستورية بقدر ما تسمح لها الظروف السياسية. واذا كانت السلطة التنفيذية في حالة من الشلل والانقسام، فلا تؤلف هذه الحالة عائقا او عذرا لكي تسير السلطة التشريعية على منوالها. فما دامت السلطة التشريعية قادرة على ممارسة وظائفها الدستورية وبخاصة في حقل التشريع وان لم يكن بمقدورها في الوقت الحاضر ممارسة وظيفتها البرلمانية الاخرى التي لا تقل خطورة وشأنا عن ممارستها سلطتها التشريعية الا وهي اجراء الرقابة على تصرفات السلطة التنفيذية ومناقشة السياسة التي تتبعها، فلم يكن ذكل الا بحكم قوة قاهرة لا تحول على كل حال دون ممارسة النواب كامل سلطته التشريعية، الامر الذي جعل بالتالي جميع اعماله التشريعية سليمة ليس فيها اية شائبة ولا يمكن ان يطالها اي نقض او اعتراض".
وللدكتور رباط رأي في المادة 62 من الدستور ونصها: "في حال خلو سدة الرئاسة لاي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء". وفي المادة 74 ونصها: "اذا خلت سدة الرئاسة بسبب وفاة الرئيس او استقالته او بسبب آخر، فلأجل انتخاب الخلف يجتمع المجلس فورا بحكم القانون، واذا اتفق حصول خلاء الرئاسة حال وجود مجلس النواب منحلا تدعى الهيئات الانتخابية بدون ابطاء ويجتمع المجلس بحكم القانون حال الفراغ من الاعمال الانتخابية".
ورأي الدكتور رباط في هاتين المادتين هو ان خلو الوظيفة لا يتعارض ونظرية استمرار الدولة وادارتها العامة. "فالدستور قد احتاط للفراغ بالمادتين 62 و74، وفي هذه الحالة يكون التجاوز في فهم النصوص وتفسيرها، اهمال وجودها وعدم الالتفات الى اطلاقتها، لكي يحل محلها رأي لا يمت بأية صلة الى احكام مكتوبة، جازمة، ولا يستوحي من اي اثر مما قد يكون الفقه او الاجتهاد قد توصل اليه. ومن المتفق عليه في القانون الدستوري انه من المستحيل عمليا رسم الحدود التي تجرى هذه الممارسة في مواقعها، ذلك ان هذه الصلاحية تتصف جوهريا بالنسبية، باعتبار انه يقتضي على الحكومة المستقيلة ان تبادر، وجوبا، الى اتخاذ جميع الاجراءات التي تتطلبها الحالة القائمة مهما كان لهذه الاجراءات من ذيول ونتائج وذلك بشرط واحد هو ان تكون مضطرة حفظا للمصلحة العامة، الى ان تقدم على هذا العمل الذي لا بد من اجرائه، وهي القاعدة السياسية المعروفة SALUS POPULI SUPREMALEX ESTO اي انه يقتضي ان تكون سلامة الشعب هي القانون الاسمى".
وتساءل رباط: "هل من اجراء اشد خطورة وإلحاحا من ممارسة الحكم في غياب رئيس الجمهورية لاي سبب كان ومنه انقضاء مدة ولايته؟ ولا شك في انه يتوجب على مجلس النواب الالتئام حتى اذا لم يكن ذلك في الفترة المحددة في المادة 73 من الدستور، اي بعد انقضائها وذلك لانه يقتضي عليه الاجتماع فورا بحكم القانون وان التأخر في اتمام الواجب الدستور خير من اهماله".
هذا ما يقوله الدكتور رباط، الا ان ما لم يقله لانه لم يحصل في زمنه هو ان العلة ليست في النصوص انما في النفوس. فجلسات انتخاب رئيس الجمهورية حتى بعد الاتفاق على اسمه وهو العماد ميشال سليمان ظلت معطلة اشهرا عدة بسبب لجوء نواب قوى 8 آذار الى التغيب عنها.