حلت رئيسة "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية" كلودين عون، ضيفة شرف في حفل إطلاق دراسة تقويمية بعنوان "الريادة النسائية في الأعمال: تجاوز الأزمة وسط التحديات"، من إعداد خبراء من "Aim" و"Jouri"، وذلك ضمن مشروع الاتحاد الأوروبي لتمكين النساء "EU4WE" المنفذ من منظمة خبراء فرنسا "Expertise France".
وألقت عون كلمة قالت فيها: "قد يثير الاستغراب أن نكون مهتمين في لقائنا اليوم، بسبل تعزيز ريادة النساء في العمل الاقتصادي في ظرف نرى فيه أن الأزمة دفعت بالعديد من المؤسسات إلى الإقفال. فنحن اليوم أمام واقع اقتصادي شديد الصعوبة يتطلب تخطيه أولا الاطلاع على معطياته وتحليلها. وهذا هو هدف الدراسة التقويمية "الريادة النسائية في الأعمال: تجاوز الأزمة وسط التحديات" التي تغطي مناطق بيروت وجبل لبنان والجنوب والتي يسرني أن أشارك اليوم في إطلاقها".
ورأت أن "التحديات التي تواجهها النساء في ريادة الأعمال في لبنان تفاقمت بلا شك مع الأزمة، إنما لم تنشأ كلها بسببها. فكل بادرة إلى القيام بمشروع اقتصادي أكان مطلقها رجلا أم امرأة، تتواكب مع شعور بالثقة وبالتفاؤل. الثقة تكون أولا ثقة بالنفس، بالقدرة الذاتية على إطلاق مشروع وإدارته بنجاح وتخطي المصاعب من أي نوع كانت. والثقة، تكون أيضا، بأن البيئة التي يطلق فيها المشروع والتي تتمثل في الشروط الاقتصادية والمالية والقانونية والقضائية التي تحيط بتنفيذه، هي بيئة صحية. وبالتأكيد لا يبادر أحد على المخاطرة بالاستثمار في مشروع أن لم يكن على ثقة بأن متطلبات نجاحه متوافرة وبأن النجاح سوف يترجم ربحا يتيح تقدما اجتماعيا لصاحبه".
أضافت: "يبدو عنصر الثقة الذي تتطلبه المبادرة الاقتصادية الفردية اليوم ضعيفا من جراء أزمة السيولة النقدية وغياب الإقراض وهبوط قيمة العملة الوطنية بأكثر من 90 في المئة وهبوط القدرة الشرائية للمواطنين. إلى هذه الصعوبات، تضاف بالنسبة إلى النساء الراغبات في القيام بمبادرات اقتصادية، صعوبة أكبر في الحصول على تمويل. وهذه الصعوبة لا ترتبط بالأزمة الراهنة، بل بقدرات النساء المحدودة مقارنة مع قدرات الرجال على توفير الضمانات للحصول على القروض".
وتابعت: "كذلك تفتقد النساء عادة الثقة بالنفس التي تتكون لدى الذكور في مجتمعنا منذ صغر سنهم بفضل القيم التربوية الرائجة والتي تسهل عليهم اتخاذ القرار بالمجازفة بجزء مما يمتلكون لتحقيق مشروعهم. تعيق أيضا النساء قلة الاحتكاك بعالم الأعمال وبعالم المعاملات المصرفية والقانونية والقضائية الملازمة للتأسيس لمشروع انتاجي أو خدماتي. وتفتقد أيضا السيدات الراغبات في تأسيس الأعمال، عادة ما يطلق عليه اسم "الرأسمال الاجتماعي" وهو يتمثل بشبكة العلاقات الاجتماعية والمعارف التي تلعب دورا كبيرا في مجتمعنا، في مساندة المشروع واتساع دائرة المتعاملين في إطاره. كذلك عادة ما تكون هذه السيدات أقل تمرسا من زملائهم الرجال في مهارات العمل المحاسبي والرقمي. وعلى صعيد آخر لا بد من التذكير أن بعض القوانين والممارسات لا تزال مجحفة بالحقوق الاقتصادية للنساء في ما يتعلق بالإرث مثلا وبالحقوق المخصصة لهن في الزواج".
وأشارت إلى أن "الصورة النمطية الرائجة عن الأدوار الاجتماعية لكل من الرجل والمرأة تصور الأول في المجال الاقتصادي، على أنه المبادر للأعمال والجاني للأموال، والثانية على انها المدبرة لشؤون الأسرة ولرعايتها. هذه الصورة لا تزال نافذة ولو بشكل أضعف لدى فئات الشباب والشابات، لكن مع الأزمة الحالية وزيادة أعباء متطلبات الرعاية الأسرية وتراجع قطاع الخدمات المتوفرة وارتفاع كلفتها، تترسخ هذه الصورة أكثر فأكثر، ونحن في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية نعمل باستمرار على تغييرها".
وأكدت أن "الهيئة الوطنية لشؤون المرأة تعير أهمية كبرى لتعزيز مشاركة النساء في الحياة الاقتصادية، إن كان في الوظيفة العامة أو في القطاع الخاص، في العمل المأجور كما في ريادة الأعمال. وقد ورد هذا الهدف في الاستراتيجية الوطنية للمرأة منذ العام 2011. وينطلق هذا الاهتمام من القناعة بأن المرأة كما الرجل، هي عنصر فاعل في المجتمع لها أن تستفيد من الحقوق كافة وعليها القيام بالواجبات المجتمعية كافة. من هنا كان التزام الهيئة العمل التنسيقي في تطبيق برنامج تمكين النساء في المشرق الذي بادر إلى إطلاقه البنك الدولي في العام 2019 بغية معالجة الصعوبات التي تعيق التمكين الاقتصادي للنساء. ومن هنا أيضا كانت التدخلات التي نصت عليها الخطة الوطنية لتطبيق القرار 1325 حول المرأة والسلام والأمن والتي تنسق الهيئة أعمال تنفيذها بعد اعتمادها من جانب الحكومة في أيلول 2019".
وذكرت أنه "من بين النتائج المرجوة من التدخلات المنصوص عليها في الخطة والتي من شأنها دعم الريادة النسائية للأعمال، "تيسير أعمال الإقراض والاستثمار المراعية لاعتبارات النوع الاجتماعي من خلال زيادة التنسيق مع البنوك الإنمائية والمستثمرين وزيادة إمكانية الوصول للموارد الإنتاجية والأنشطة المدرة للدخل والوصول إلى التسهيلات الائتمانية قصيرة الأجل". ونذكر من بين التدخلات التي تدعو إليها هذه الخطة "تطوير القدرات على محو الأمية المالية في المناطق الريفية والمناطق الحضرية المحرومة".
كما أشارت إلى أنه "بطلب من الهيئة، تقدم البعض من السيدات والسادة النواب باقتراحات تشريعية بغية اعتماد القانون لكوتا نسائية لا تقل عن ثلث عدد الأعضاء في مجالس إدارة الشركات المساهمة، كما بغية تمديد إجازة الأمومة إلى 15 أسبوعا واستحداث إجازة أبوة وإجازة بسبب مرض صغار الأولاد يستفيد منها الوالد كما الوالدة. كذلك نذكر أن المجلس النيابي كان قد تجاوب، في أواخر العام الماضي مع مطلب الهيئة وشركائها، وأقر قانونا يجرم التحرش الجنسي وهو عامل كثيرا ما يثني النساء عن خوض المعترك الاقتصادي كما السياسي. اليوم، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية نعقد أمالا كبيرة على الدعم الدولي التي تقدمه إلى لبنان الدول والكيانات الصديقة ومنها الاتحاد الأوروبي الذي يشكل مشروعه لتمكين النساء، رافعة فاعلة لإنجاح الجهود المبذولة للنهوض بالمرأة والمجتمع".
وختمت: "مع شكرنا للاتحاد الأوروبي والقيمين على تنفيذ هذا المشروع الذي يتخذ أهمية خاصة اليوم في ظل الضيقة المالية التي يعاني منها اللبنانيون واللبنانيات، نحيي جهود "Expertise France" والخبراء لإنجازهم هذا التقرير. عسى أن تأتي استنتاجاته بالفوائد المرجوة. فاقتصاد لبنان قام منذ قبل نشوء دولته على ريادة مواطنيه في تأسيس الأعمال، ونحن على يقين أن نهضته اليوم ستكون بفضل ريادة أبنائه وبناته".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك