كتبت فاتن الحاج في "الأخبار":
في معركة أقساط المدارس الخاصة، يحرص وزير التربية عباس الحلبي، على «الموازنة» بين «حدَّين»: مدارس ومؤسسات «مغلوب على أمرها في تأمين مصاريفها التشغيلية»، بحسب تعبيره، وأهالٍ غير قادرين على تحمّل دفع أي «زيادات» من أي نوع.
يقول الوزير لـ«الأخبار» إن الحدود القانونية لوزارة التربية تتوقف عند مراقبة الموازنة المدرسية، وبالتالي فهي لا تتدخل في الاتفاقات التي يمكن أن يبرمها الفريقان، أي المدرسة والأهل، ولا سيما لجهة نجاح المدرسة في الاستحصال من الأهالي على مبالغ مالية، بالإقناع أو بالتراضي، على سبيل «التبرع» أو «المساعدة الاجتماعية».
لكنّ هذه المبالغ غير قانونية وثمة مدارس تفرض على الأهالي سدادها بـ«الفريش دولار»؟ يقرّ الحلبي بأن بعض المدارس لا تدرج «المساعدة» ضمن القسط في محاولة للتفلّت من رقابة الوزارة، مشيراً إلى أن مصلحة التعليم الخاص أرسلت كتباً إلى المدارس التي تلقّت شكاوى حولها في هذا الخصوص، أو علمت به من مصادر مختلفة، تطلب فيها من الإدارات أن تكون المبالغ اختيارية وليست إلزامية، باعتبار أن المعيار الأساس هو منع الضغط على الأهل وإنقاذ التلميذ وعدم تدفيعه الثمن بخسارة مقعده الدراسي، خصوصاً «أننا نعيش أزمة اجتماعية غير مسبوقة لناحية تدني سعر صرف الليرة مقابل الدولار وارتفاع أسعار المحروقات». إلا أن الحلبي لم يجب على سؤال عما سيحصل إذا أصرت المدرسة على إلزام الأهل بالمساعدة ولم تنفذ مضمون كتاب الوزارة، وهل سيتم تحميلها مسؤولية في هذا الإطار، وهل ستلجأ الوزارة إلى استخدام صلاحياتها المنصوص عنها في القانون لمحاسبة المدارس المخالفة، مثل سحب توقيع المدير أو المطالبة بإقالته أو تغريم المدرسة، مشيراً إلى أن المشكلة الأساسية تتعلق بغياب المجالس التحكيمية التربوية، الجهة المخوّلة في الفصل في النزاعات بين الطرفين».
وبدا الوزير متفائلاً لجهة إنجاز مشروع مرسوم المجالس خلال أسبوعين بعدما جرى الاتفاق على اختيار ممثلي الأهل وممثلي أصحاب المدارس، وبعد التشاور مع وزير العدل لانتداب القضاة في كل المحافظات، كرؤساء للمجالس. «الطريق سالكة للإقرار، وليس هناك أي عقبات»، كما يقول. وعلى خط مواز، أعلن أنه سيعمّم على المدارس لإجراء انتخابات لجان أهل جديدة، ضمن المهلة القانونية، أي قبل أن ترفع الموازنات إلى وزارة التربية في نهاية كانون الثاني المقبل.
الحلبي مقتنع بأن «واقع المدارس الخاصة لا يمكن أن يُشخّص قياساً إلى 10 أو 20 مدرسة عريقة قادرة على تدبير أمورها وتلقى دعماً من طلابها القدامى أو المؤسسات التي تتبع لها»، مشيراً إلى «أن الأغلبية الساحقة من المدارس تعاني في ظل الأزمة ولا سيما منها المدارس شبه المجانية التي لم تحصل على مستحقاتها من الدولة طيلة السنوات الخمس الماضية».
لكن هناك مؤسسات تربوية خاصة كثيرة راكمت أرباحاً على مدى سنوات، وبرّرت الزيادات التي تقاضتها بين عامَي 2012 و2017 بإعطاء سلسلة الرتب والرواتب للمعلمين، وبعض هذه المدارس «العريقة» هي من يفرض اليوم على الأهالي سداد المبالغ بالـ«فريش دولار» من خارج القسط؟ يجيب الحلبي: «لا يمكن أن نتعامى على الأرباح التي حقّقتها المدارس، ولكن يجب أن نوضح أن بعض المدارس تجهد اليوم للحفاظ على نوعية التعليم والتمسك بالمعلمين ذوي الكفاءة، وهي مجبرة، في هذه الحالة، لمنح هؤلاء تقديمات تحدّ من هجرتهم إلى الخارج، لذا جرى تحويل جزء من الرواتب، بما يوازي 15 إلى 20% منها، إلى الفريش دولار».
وزير التربية يراهن على وعد رئيس مجلس النواب نبيه بري ومساعي رئيسة لجنة التربية النيابية النائب بهية الحريري لإدراج اقتراح قانون تحويل 500 مليار ليرة إلى المدارس الرسمية والخاصة على جدول أعمال أول جلسة تشريعية. ستذهب 350 ملياراً إلى إدارات المدارس الخاصة، كما قال الحلبي، بحسب أحجام المدارس، إذ «ليس منطقياً أن تنال مدرسة تضم 3000 تلميذ المساعدة نفسها لمدرسة تضم 200 تلميذ»، مشيراً إلى أن الأولوية ستكون لتأمين المصاريف التشغيلية للمدارس ودعم الأساتذة. تجدر الإشارة إلى أن مشروع الـ «350 ملياراً» انطلق في الأساس من مبدأ توفير اعتماد يذهب لمساعدة أهالي التلامذة المحتاجين في المدارس الخاصة وليس للإدارات، ليدفعوها أقساطاً للمدارس المتعثّرة فحسب والتي تدفعها بدورها رواتب للمعلمين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك