كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
يتحضَّر "التيّار الوطني الحرّ" لخوض أكثر من استحقاقٍ مفصليّ خلال الأشهر المُقبلة على قاعدة "البقاء للأقوى" في ظلّ حقبة سياسيّة تتشابك وتتقاطع فيها التّحالفات والمصالح على وقع حسابات ضيّقة جدّاً لمختلف الأطراف، حساباتٌ لا تزال تُضرَبُ وتُقسَمُ من دون أي جَمعٍ يلوح في الأفق السياسي.
تتكرّرُ كلمة "قويّ" على ألسن "العونيّين"، فهم لا يزالون يتمسّكون بشعار "العهد القويّ" الذي ختم سنته الخامسة منذ ساعات من دون أيّ إنجازات فعليّة تُصرف حتّى بالكلمات في غياب الوقائع. "الرّئيس القويّ" هو زعيمُهم ومُلهمُهم الابدي، فمنه يستمّدون طاقتهم وكلّ الطاقات لشحّن النفسيّة والمعنويّات في هذا الزّمن الرديء، ولا جدال في هذا. ولكنّ ما يشغل بالهم في الفترة الحالية هو البحث عن "المرشّح القويّ" في مختلف المناطق والدوائر. عمليّة البحث هذه، فصّلها "الوطني الحرّ" في تعميمٍ حزبي "ديمقراطي" يوضح كيفية اختيار المُرشّحين الأقوياء عبر ما يُعرف بـ"الاستطلاع".
اعتمد "التيّار" آليّة لاختيار المرشحين أيضاً في الانتخابات النيابية الماضية في الـ2018. "والاستطلاع" طريقةٌ شفّافة يستشرفُ فيها الحزب توجّه وخيارات القواعد والقيادات الحزبيّة قبل خوض الاستحقاقات لإشراكها في عمليّة اختيار ممثّليها في المؤسّسات الاعرق في الجمهورية اللبنانيّة. ولكن من اختير حينها ليُمثّل "البرتقالي" كان من فضاء مختلف عن ديمقراطيّة الأوراق والتّصويت وخيارات القاعدة الحزبيّة، إذ برزت أسماء رجال أعمال ومتموّلين في اللوائح والتحالفات بعيدة كلّ البعد عن العصب والهوى "العونيّ"، ما انعكس امتعاضاً كبيراً في صفوف الحزبيّين الذين سرعان ما اقتنعوا بأن "المرشّح القويّ" ليس بالضّرورة أن يكون نبضه الحزبي قويّاً، ولكن من المهمّ أن يكون قويّاً بنفوذه وبقدراته المالية، وكان التبرير العلني حينها أن "من يريد أن يترشّح مع الحزب الأقوى مسيحيّاً عليه أن يدفع ويُموّل... في الانتخابات"، وقد دفع "التيّار" ثمن هذه الخيارات التي لم تكن في غالبيتها صائبة في السياسية غالياً جدّاً. فكُّ تحالفات، واستقالات، وإضافات على لائحة الأعداء...
الاستطلاع "العوني" في نسخته المحدّثة، وهو مرفقٌ أدناه، يوضح آلية اختيار المُرشّحين لخوض غمار الاستحقاق المُقبل. الديمقراطيّة تطغى على بنوده، مع خرقٍ لبعض الموادّ والمُصطلحات المُعبَّر عنها صراحة منعاً لاي التباسٍ لاحقٍ، موادّ قد تنسف كلّ جهود وأهواء ورغبات المُستطلَعين وحتّى بعض المرشّحين الحزبيّين الطامحين بحجز مقعدٍ حول الطاولة الأكبر في مركز ميرنا الشالوحي.
فمثلاً، في المرحلة الثالثة لاختيار مرشّحي "التيّار" للانتخابات النيابيّة "يتم اختيار المُرشّحين والمرشّحات وفقاً للتحالفات واستطلاعات الرأي العام وبقرار من الرّئيس بعد التشاور مع المعنيين في التيار"، بحسب البيان. أمّا بالنسبة لتقديم طلبات الترشيح، فورد في التّعميم "يمكن للرّئيس، وخلال فترة سحب التراشيح، أن يُدرج أسماء مرشحين ومرشحات لم يتقدموا بطلبات ترشّح لأسباب اضطرارية، لخوض الاستطلاع، وفي هذه الحالة عليهم إكمال ملفاتهم بحسب الأصول قبل بدء الاستطلاع والا اعتبر الشخص غير راغب باعتباره مرشحاً"، كما ذُكر في التعميم الصّادر عن رئيس "التيار" جبران باسيل أيضاً "يلتزم الرئيس عند اختيار مرشحي التيار بنتيجة المرحلتين السابقتين، على أن يتم الاختيار وفقاً لخصوصية كلّ دائرة انتخابية وتبعاً للتحالفات فيها".
تكرّس هذه البنود أعلاه وغيرها بشفافيّة تامة سلطة باسيل على اختيار المرشّحين لخوض الاستحقاق الانتخابي، ما يعني عمليّاً أنّ لوائح "التيار" سوف تحمل، وعلى غرار انتخابات الـ2018 أسماءً قد تُشكّل مفاجآت غير سارّة لبعض الحزبيّين المناضلين الذين يأملون ببعضٍ من التّغيير والإصلاح في سياسة تيارهم، ليبقى عهدهم له قوّياً، ولكي لا يكون "رئيس الحزب القويّ"، متربّعاً على قاعدة شعبية مُتململة، برتقاليّة مُلوَّحة، تكون هي الثّمن هذه المرّة...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك