كتب وليد حسين في "المدن":
تعتبر دائرة الجنوب الثانية (صور-الزهراني) من أصعب الدوائر على القوى المعارضة، لناحية السيطرة شبه المطلقة للثنائي الشيعي (فاز بنسبة تخطت 92 بالمئة من الأصوات في العام 2018)، ولناحية ارتفاع الحاصل الانتخابي فيها. فهي الدائرة الوحيدة في لبنان التي تصل "عتبة الحسم" فيها إلى ما يزيد عن 21 بالمئة من الأصوات، للفوز بالمقعد. أي أنها عتبة إقصائية للقوى الحزبية المغايرة للثنائي الشيعي. كما يوجد فيها غلبة شيعية بالناخبين بأكثر من 80 بالمئة، يليهم المسيحيين (الأغلبية في الزهراني) بنحو 13 بالمئة والسنّة بنحو 7 بالمئة.
قوى المعارضة
بدأت قوى الاعتراض بالتحضير للانتخابات في هذه الدائرة حيث تعقد اجتماعات دورية. وتتوزع على الحزب الشيوعي والقوى السيادية (تضم شخصيات من عائلات مشهورة في صور المدينة والأقضية ومستقلين وحزبيين سابقين من مختلف الأحزاب) وقوى معارضة مناهضة لحركة أمل، لكن مقربة بالخطاب السياسي من حزب الله. وعقد مؤخراً اجتماع حضرته مختلف الجهات، وتم التوافق على الورقة السياسية التي ستخاض على أساسها الانتخابات، ويتم تشكيل اللجان لإطلاق الحملة الانتخابية في غضون أسبوعين. وستتضمن الورقة السياسية خطاباً واضحاً ضد مشروع هيمنة حزب الله على البلد (لن تتطرق لنزع سلاح الحزب وغيرها من الشعارات)، وذلك من خلال التركيز على خطاب الدولة المستقلة السيدة على كامل أراضيها، التي تحصر قضية السلم والحرب في مؤسساتها الشرعية، مع التركيز على منطق الدولة لا الدويلة. ما يجعلها في مواجهة مباشرة مع حزب الله، في هذا الخطاب، الذي يلقى صدى عند كثر في حركة أمل، قيادة وأعضاء عاديين، وفق ما تؤكد مصادر الناشطين لـ"المدن".
ترشيحات
ورغم أن موضوع الترشيحات والمرشحين ما زال خارج التداول في الاجتماعات، إلا أن المصادر أكدت أن انتقاء المرشحين سيكون وفق معاير الاستقلالية عن القوى الحزبية، وحتى من دون أي صبغة يسارية، وسيكونون من الشخصيات الأكاديمية المعروفة في المنطقة، ومن عائلات كبيرة، سواء في مدينة صور أو قضاء الزهراني. وتوزيع المرشحين على كافة المناطق، إضافة إلى اختيار شخصية "صوْرية" من المدينة، بعكس الثنائي الشيعي الذي لا يرشح أي شخص من صور، رغم أنها تعتبر "عاصمة" حركة أمل.
تغييرات في حركة أمل
في الانتخابات السابقة عانت حركة أمل من عبء ترشيح النائب علي خريس، الموالي لأحد أجنحة الحركة، ما تسبب بمقاطعة ما لا يقل عن عشرين بالمئة من "الحركيين" للتصويت، وفق ما تؤكد مصادر مطلعة. لذا، تتوجه الحركة إلى ترشيح الوزير محمد داوود مكان خريس، في محاولة لإرضاء الجناح الذي قاطع الاقتراع المرة الماضية، والتي تسببت بتراجع الحركة كثيراً، على حساب حزب الله، الذي حصد الكم الأكبر من الأصوات التفضيلية في دائرة صور. ما جعل الحركيين يشعرون بتهديد مباشر بفقدان عاصمتهم الأولى، التي يوليها رئيس المجلس النيابي الاعتناء الدائم. لكن رفض العديد من الحركيين التحالف مع حزب الله، وترشيح خريس، تسبب بتلك المقاطعة الكبيرة، التي تعمل "أمل" على تجنبها، والتي قد تتبع بتغيير النائب علي عسيران في الزهراني، وترشيح شخص حركي لهذا المقعد، وإرضاء جناحيّ الحركة.
صعوبة الخرق
ثمة تداول في إمكانية خوض حزب الله وحركة أمل الانتخابات بلائحتين في الدائرة، لكن غير متنافستين، بهدف إراحة الطرفين المتناقضين اجتماعياً وسياسياً، بين مشروع الدولة ولبنان أولاً، ومشروع زجه في حروب المنطقة. فحزب الله يريح جمهوره من "عبء الفساد"، والحركة تريح جمهورها من "عبء الحزب" (يحكى أن لدى قيادات وسطية في الحركة خطاباً سيادياً يتفوق على خطاب السياديين بأشواط، لناحية لبنان أولاً). وتندفع الحركة إلى رفع نسبة المشاركة "الحركية" بالاستحقاق، ما يؤدي إلى رفع الحاصل الانتخابي، وعدم تمكن أي جهة معارضة من الخرق. والقوى المعارضة تعترف بصعوبة المعركة في هذه الدائرة، لكنها تعّول على مشاركة كل قوى الاعتراض بلائحة واحدة، حظوظ نجاحها يتوقف بشكل أساسي على استقطاب الجمهور السني والمسيحي. فبخلاف ذلك يستحيل خرق السيطرة الشيعية، لكن المعضلة أن الدائرة (سبعة مقاعد) لا مقاعد سنيّة فيها، بل مقعد مسيحي كاثوليكي واحد، يعتبر من الأسرار المقدسة عند رئيس حركة أمل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك