أكد رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، خلال استقباله في السرايا الحكومية، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي على رأس وفد، "ان لبنان حريص على عودة علاقاته الطبيعية مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وسيبذل كل جهد ممكن لازالة ما يشوب هذه العلاقات من ثغرات ومعالجة التباينات الحاصلة بروح الأخوة والتعاون"، وأبلغه "ان الجامعة العربية يمكنها القيام بدور أساسي في هذا المجال، ونحن نشدد على إضطلاعها بمهمة تقريب وجهات النظر، وازالة الخلافات والتباينات حيثما وجدت". وجدد "إلتزام لبنان بكل قرارات جامعة الدول العربية تجاه الأزمة اليمنية، المنطلقة من قرار مجلس الامن الدولي والمبادرة الخليجية ومبدأ الحوار بين الاطراف المعنية".
وضم الوفد المرافق للامن العام المساعدة لجامعة الدول العربية: السفير عبد الرحمن الصلح، مديرة إدارة المشرق العربي لمى قاسم، مستشار الامين العام جمال رشدي، والمستشار يوسف السبعاوي. وشارك في اللقاء مستشار الرئيس ميقاتي للشؤون الديبلوماسية السفير بطرس عساكر.
بعد الاجتماع، ادلى زكي بالتصريح الاتي: "تشرفت اليوم بزيارة دولة الرئيس ميقاتي في حوار صريح وجاد بشأن الموقف الذي نحن بصدده والمتعلق بالأزمة بين لبنان ودول الخليج وفي مقدمها المملكة العربية السعودية. استمعت من دولة الرئيس الى موقف مهم وفي غاية الإيجابية عن العلاقة بين لبنان والملكة العربية السعودية التي يحرص عليها هو كثيرا كشخص، وكمسؤول لبناني، ورئيس حكومة لبنانية، ولقد عكس لي ايضا مدى الحرص الموجود في هذا البلد على اقامة علاقات صحية وجيدة وايجابية مع كل الأشقاء العرب والمحيط العربي للبنان، وبالتأكيد في مقدمة ذلك المملكة العربية السعودية".
اضاف: "كان الحوار جيدا جدا، ووضعت الرئيس ميقاتي في صورة الفكرة التي تجمعت لدى معالي الأمين العام بالتواصل مع الأخوة في لبنان للتعرف على ما يمكن ان يكون لديهم في هذا الموضوع لنتجاوز هذه الأزمة ونستطيع الوصول الى مخرج يناسب الجميع، ويصل بنا الى بر الأمان في شكل من اشكال التوازن بين تحقيق المصلحة اللبنانية والمصلحة السعودية والخليجية عموما".
وتابع: "ان العلاقات بين الدول العربية لها أسس تقوم عليها وهناك ميثاق جامعة الدول العربية والجميع ملتزم به، وهذا الأمر نحرص على احترامه والعلاقات بين لبنان ودول الخليج هي علاقات مهمة للبنان، ولدول الخليج ايضا، أعتقد بأن الجهد الذي نبذله يمكن أن يتجه في اتجاه ايجابي، ونأمل ان تكون نقطة البداية من هنا، فنتجاوز هذه الأزمة، ونعبرها من اجل حوار اكثر عمقا وجدية في مسار العلاقة اللبنانية الخليجية بشكل عام".
وعما اذا كانت هذه الزيارة مبادرة ام محادثات فقط، قال زكي: "أعلم شغف الإعلام بالمسميات وأتابع الإعلام، انا لست معنيا بالمسميات بل معني بالجهد. قبل قدومنا لم يكن هناك جهد مبذول لرأب هذا الصدع، ونعتقد ان هذه الزيارة في حد ذاتها مبادرة لوضع هذه الأزمة في موضعها الصحيح والتواصل مع لبنان وقياداته. التقينا الرئيس عون ودولة الرئيس ميقاتي ودولة الرئيس بري لنعرف اين نقف من هذه الأزمة وأين يقف لبنان منها، وما الذي ينوي عمله لتجاوزها".
وعن الحوار مع السعودية، اعلن ان "الحوار قائم دائما، كان هناك حوار قبل هذه الزيارة على مستوى الأمين العام ووجدنا حقيقة، مثلما قال احد الأصدقاء، " ثقبا" في الباب نحاول ان نمر منه، فلا بأس، نحاول ان نمر منه، ان شاء الله نستطيع تجاوز هذه الأزمة".
وعما اذا كانت هذه المبادرة تحل مكان المبادرة القطرية او لا علاقة لها بها، قال: "ليست لها علاقة. وكل جهد عربي يساهم في حل هذه الأزمة نحن نرحب به وندعمه بالكامل، والتحرك الذي نقوم به الآن هو تحرك نابع من مسؤولية الأمين العام ومتابعته منذ اللحظة الأولى للوضع، وكيف تطورت الأمور واوصلتنا الى الأزمة التي نحن بصددها وكان يمكن لهذه الأزمة الا تكون، كان يمكن من البداية احتواؤها وهذا رأي واضح".
سئل: هل الحل باستقالة الوزير؟
أجاب: "هذا واضح. الجميع يعلم ان هذا الأمر كان يمكن ان يحل الموضوع منذ البداية، الان حصلت تطورات وتصريحات، واخذت الأزمة منحى آخر. نأمل ان يجد الجميع، لديه الحس الوطني الكافي ليتعامل مع هذه الأزمة بما يليق بها من أهمية، لأننا لا نريد ابدا اضافة ازمة جديدة الى هذا المسار الذي صار معقدا بين لبنان والخليج. لا نريد لهذا الوضع ان يستمر بل نريد تحقيق انفراجا واسترخاء في هذه العلاقة، ولن يحدث ذلك والأزمة موجودة، ولا بد ان نتعامل مع هذه الأزمة بالشكل الواجب".
وعن خطوته الثانية بعد زيارة لبنان، قال زكي: "بعد الإنتهاء من المباحثات كلها، نقيم الموقف ونرى ما هي الخطوة القادمة".
سئل: هل سمعت موقفا لبنانيا موحدا لطريقة التعامل مع هذه الأزمة؟
أجاب: "اولا، التقيت بالرئيس عون والرئيس ميقاتي. لم ألتق بعد بالرئيس بري، وكل قيادة تتحدث برؤيتها. واضح ان البعض له اراء مختلفة عن الآراء التي نعتقد ان فيها مصلحة وطنية للبلد، من الوارد ان يكون هناك خلافات في وجهات النظر وحتى في الرأي العام هذا امر طبيعي، ولكن عندما تدرك بان هناك تحركات مطلوبة لصالح الوطن فهذا الأمر يجب ان يأخذ اسبقية على كل شيء".
وردا على سؤال، قال: "نحن ننظر الى الأمور بشكل مختلف، نتعاون مع الأزمة اولا ثم نرى كيف يمكن التعاون مع الأشكال الأكبر والأشكاليات الأخرى الموجودة بين لبنان والخليج والسعودية، لأننا نعلم ان هذه الإشكاليات قائمة ولا احد ينكرها، ولكن لا نريد لهذا الجو العام والأشكاليات ان تحول دون حل هذه الأزمة التي يدركها الجميع ويراها والأغلبية تعرف الطريق الى حلها، ولكن لم يبدأ احد بهذا الطريق ولم يتقدم احد بها، ومن الضروري حل الأزمة اولا ثم مناقشة الامور الاخرى".
وكان رئيس مجلس الوزراء عقد إجتماعا ضم المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، منسق برنامج "إطار الاصلاح والتعافي وإعادة الاعمار" جاب فان الديغل وممثلين عن المجتمع المدني والقطاع الخاص.
اثر اللقاء، قالت رشدي: "عقدنا اجتماعا مهما مع الرئيس ميقاتي وفريقه في حضور ممثلين عن المجتمع المدني والقطاع الخاص، وهو الاجتماع الأول الذي يعقد في هذا الاطار، وقد اتسم بحوار بناء حول الاولويات وكيفية العمل بطريقة مشتركة من اجل اخراج لبنان من الأزمة، والعمل على تعافيه بقرارات واضحة وملموسة ومتابعة لتنفيذها، من اجل ان يكون هناك عمل مشترك في اطار الاصلاح واعادة البناء والتعافي. ونحن في الامم المتحدة نعمل منذ مدة طويلة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص باعتبار ان لهم دورا خاصا في ما يخص استراتيجية تعافي لبنان والتنمية المستدامة له".
بدورها، قالت ممثلة القطاع الخاص والمجتمع المدني اسمهان زين: "نشكر دولة الرئيس لاستقباله، وهذا اول اجتماع نعقده معه، وعرضنا له الاولويات التي نعمل عليها واولويات البلد ووضعنا اسسا للمستقبل برعاية المانحين من البنك الدولي والامم المتحدة والإتحاد الأوروبي الذين وضعوا مشروع الإطار الذي هو نقلة نوعية في التعامل بين القطاع الخاص والمجتمع المدني والمانحين الدوليين، وستكون لنا إجتماعات للمتابعة، فلبنان لن يبنى الا بأبنائه وبناته ومن خلال بناء قطاع عام قوي ومتجدد".
واجتمع الرئيس ميقاتي مع رئيس منتدى الشباب الإسلامي طه ايهان على رأس وفد ضم: نائب الرئيس محمد هزيمة، المدير العام رسول عمروف ومدير الديوان محمد محلي. وتم خلال اللقاء عرض للنشاطات التي يقوم بها الوفد في لبنان.
اثر اللقاء قال ايهان: "نحن هنا في زيارة رسمية للمشاركة في نشاطات مع لبنان برعاية وزيري الزراعة والنقل، ولقد نظمنا ثلاث دورات ارشاد زراعي في بعلبك، وجنوب لبنان وطرابلس. والتقينا اليوم الرئيس ميقاتي وناقشنا المشاريع المستقبلية التي نود القيام بها وخصوصا للشباب اللبناني، ومشروعنا الرئيسي هو عقد مؤتمر في طرابلس يخصص للشباب بمشاركة دولية لمساندة رواد الأعمال الشباب في لبنان وتوفير بنى تحتية ملائمة لهم. وقد أبدى الرئيس ميقاتي اهتماما بهذا الموضوع، ونحن نؤمن بالشباب لأنهم مستقبل لبنان المشرق".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك