كتب د. جورج حرب:
هو السؤال الأشهر اليوم، الذي يطرحه اللبنانيون القلقون على كل شيء، لأن كل شيء يدعو إلى القلق.
في لبنان، الصورة شائكة، والأحداث متشعبة وكثيرة، واللاعبون كُثرٌ لدرجة أن متابعة الحدث مرهق للمواطن التعب الذي فعلاً يريد الخلاص.
في الأسبوعبن الأخيرين، أحداث إستثنائية تدحرجت. مشاكل الطيونة، أزمة المحقق العدلي وتحقيق المرفأ، حديث الوزير جورج قرداحي وسحب السفراء الخليجيين، حديث الوزير عبدالله ابو حبيب يزيد الطين بلّة، تلاسن إعلامي بين الرئاسات، الإيحاء بأزمة محروقات تلوح في الأفق، قطاع تربوي رسمي وجامعي يتابع الإضراب، الدولار يرتفع أكثر من الفي ليرة خلال ايام... وغيرها من التطورات التي تدعو للقلق والناس يسألون عن الحلول.
على اللبنانيين أن يدركوا أن من يدير أزمتهم المفتعلة، يلعب على خوفهم المُحق، كما يلعب على تعبهم المرهق، كما يلعب على تضليلهم وجعلهم يتشبثون بأي حبل نجاة يُرمى لغريق، من دون أن يُستفسر عن الرامي ولا عمّن صنع الحبل.
لكن رغم الضباب القاتل يمكن أن نتلمس اطراف الطريق، شرط ألا تتعبوا، (آسفاً)، من التفصيل:
1- من دون شك، الأميركي يريد سحب الإيراني من الفلك الصيني ليحدّ من تقدم الصين المستجد في اكثر من اتجاه، وغالبية نقاط المفاوضات تصب في هذا الإتجاه، فلا لبنان ولا اليمن على طاولة المتفاوضين.
2- الأردن والخليج العربي، يبدآن مسار عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، بدءًا باستجرار الغاز الأردني إلى لبنان بمباركة أميريكية ووداعاً لقانون قيصر المنهك لسوريا، كما وعرض إماراتي بإنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية قرب دمشق، على الطاقة الشمسية، فوداعاً لقانون قيصر، مرتين.
3- زيارة وزير خارجية الإمارات إلى سوريا بكلّ ما تحمل من معانٍ، والتي من الضروري عرضها:
* تملك الإمارات لوبيًا قويًا في الولايات المتحدة الأميركيّة، وهو مؤثر للغاية في مراكز القرار.
* هناك طرح أميركي جدي بتلزيم الشركات الإماراتية البلوك رقم 9 لاستخراج الغاز في مياه الجنوب، وإيجاد حلّ للإشكالية القائمة مع العدو الإسرائيلي.
* للإمارات علاقات دبلوماسية وسياسية وعسكرية كاملة مع العدو الإسرائيلي.
* للإمارات علاقات تجارية قوية مع إيران، إلى حدّ أنها زادت 24% بالوزن، و50 % بالقيمة النقدية خلال عام واحد، 2020-2021.
* الإمارات شاركت بالحرب القائمة بين السعودية واليمن، من ضمن تحالفها مع المملكة العربية السعودية.
هنا، يمكن أن نفهم أن الدور المنوط بدولة كالإمارات، يمكن أن تلعبه في الحقل السياسي ضمن هذه الدرجة من التناقضات، هي دولة يُستجار بها لأدوار ملتبسة أحياناً، ولكنها تصبّ كلها في تسويات تُرسَم، بين لاعبين متناقضين وهي المتناقضة، بين السوري والسعودي، والمصري والأردني، والإيراني والإسرائيلي، وحتى بين السوري والإسرائيلي، والأميريكي والصيني...
هكذا هي الإمارات، على قدر دورها يمكن أن تتناقض وتؤدي مهامها باحتراف.
بعد هذا العرض، يمكن أن نعي معنى العلاقات المستجدة بين الإمارات وسوريا، بالإضافة إلى التصريحات العربية الرفيعة التي باتت تدعو سوريا للعودة إلى جامعة الدول العربية، منها مصر والأردن والجزائر وسلطنة عمان وغيرها... وهذا يدلّ، على حلول قريبة للحرب السورية التي من مقوّمات انتهائها، حلّ الأزمة اللبنانية لكثرة الملفات المشتركة بين الأزمتين، كالنازحين، ووضع المقاومة في سوريا، والإمارات وحل البلوك رقم 9، والعدائية المشتركة للعدو الإسرائيلي، بالإضافة إلى المفاوضات السورية السعودية، التي قطعت شوطاً مهماً نحو التوقيع.
إنه لبنان، يتأثر بكلّ نسمة هواء تأتي من محيطه، وعندما شبّ حريق العالم العربي الأخير احترق لبنان، وعندما يتم الإطفاء، لبنان سيعود.
إنه زمن التسويات الأكيدة، ليبقى السؤال، بأية صورة مستحدثة سوف يكون بعدها لبنان؟
ومن الراعي الأكيد الذي سوف يمسك الملف اللبناني؟
السوري كما يريد العرب؟ أم الإيراني كما يريد الفرنسي، نعم الفرنسي؟ أمام حسم أو إجماع شبه دولي، بأن اللبنانيين لن يحكموا لبنان، وبخاصة في الإطار اللامركزي الذي سيرسو عليه النظام.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك