كتبت فاطمة نعيم في "الاخبار":
مع عدم القدرة على دفع «الفحصيّة»، أصبحت زيارة عيادة الطبيب النسائي «ترفاً». وأمام هذا الواقع، تتجه النساء إلى خيارات أخرى منها «التطبيب الذاتي» من خلال تحضير خلطات طبيعية لمعالجة الأمراض النسائية التي يعانين منها.
أجبرت الأزمة كثيرين على التنازل عما كان إلى وقتٍ قريب مجرّد «بديهيات». ولعلّ الأخطر هو العجز عن تلبية الاحتياجات الصحية، من استحالة إيجاد بعض الأدوية أو غلاء بعضها الآخر، إلى الإحجام عن زيارة الطبيب أساساً بسبب «الفحصيّة» التي تضخمت مع انهيار قيمة الليرة اللبنانية. ولعلّ أكثر «الممسوسين» بالأزمة النساء اللواتي وجدن أنفسهن أمام خيار «التطبيب الذاتي»، بعدما «كسرتهنّ» فحصية الطبيب/ة النسائي/ة، التي تُراوح بين 100 ألف ليرة ومليون. عوضاً عن ذلك، تضطر كثيرات إلى «ابتكار» علاجات طبيعية. هكذا، مثلاً، تستعيض بتول البالغة من العمر 29 عاماً عن دفع «الفحصية» وثمن الدواء لمعالجة الالتهابات التي تعاني منها بـ«مغطسٍ أسبوعي مكوّن من ملعقة ملح ونصف كوب من الماء الفاتر»! ألم «العلاجات» التقليدية «أهون» من كلفة الفحصية، إن وجدت، إذ «تلزم في احتياجات أخرى أكثر ضرورة».
صحيح أنه «حقنا أن ننتبه إلى جسمنا وصحتنا»، كما تقول حليمة البالغة من العمر 47 عاماً، إلا أن «هذا الصحيح كان صحيحاً قبل الأزمة». اليوم، مرّ عام كامل على زيارتها الأخيرة لطبيبتها مع علمها أن النساء، خصوصاً في سنّها، بحاجة إلى فحوصات دورية كفحص الثدي وفحص عنق الرحم. «آخر زيارة دفعت 150 ألف ليرة... الله أعلم قديه صارت».
المعاناة نفسها تتكبّدها زينب البالغة من العمر 50 عاماً، إذ تعيش على مساعدة أخواتها وابنتها العاملة. لذلك، لا يمكنها تحمل تكاليف إضافية كفحصية الطبيب النسائي. لذلك، قررت بعدما عاودتها الالتهابات والفطريات التي تعرّضت لها قبل 4 سنوات أن تتوجّه مباشرة إلى الصيدلية لتوفّر فحصية الطبيب، مع علمها أن هذا التصرف «خاطئ طبياً، فربما قد تكون الحالة قد تطورت عن السابق وتحتاج إلى كشف للتشخيص». فيما لجأت زينة (30 عاماً) التي تعاني من مشاكل «في هرمون الروكتالين» إلى أحد المستوصفات «لأنّ الفحصية 65 ألف ليرة». ومع أن «وصفة الطبيبة لم تعجبني إلا أنني مُجبرة على التجربة».
«نسبة النساء غير القادرات على دفع الفحصية تصل إلى حوالى 70%»، بحسب طبيب الأمراض النسائية والتوليد كارلو المرّ. طبعاً، ما من أرقام رسمية في بلد «يكره» الإحصاءات، لكنه تقدير مبنيّ على زوار عيادته وعيادات بعض زملائه، «ووفقاً لما أراه وأعاينه يومياً، لم تعد الطبابة أولوية لدى النساء. أصبحت السيدة تلجأ إلى الصيدلي أو الاتصال الهاتفي مع الطبيب والتأجيل»، مؤكّداً أنّ «غالبية السيدات انقطعن عن الفحص الدوري الذي يتضمن فحص الثدي وعنق الرحم والإيكو والماموغراف كل 6 أشهر لتصبح المدة الزمنية كل سنتين أو ثلاثٍ».
ينبّه المر إلى أنّ «إهمال الفحوصات الدورية قد يمنع المرأة من اكتشاف مرض خبيث يتحضّر داخل جسدها وبالتالي يصبح علاجه صعباً، إضافة إلى أنّ إهمال معاينة المرض الفجائي في حال تكرّر قد يحوله إلى مرض عضال»، ولذلك، يدعو المر بعض الأطباء «الذين يطلبون مبالغ خيالية مقابل المعاينة إلى التحلي بالإنسانية في ظل هذه الأزمات».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك