كتبت ألين فرح في وكالة "أخبار اليوم":
لبنان بند دائم في لقاءات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمسؤولين الفرنسيين مع دول الإقليم، لكن الواقع ألا شيء يثمن ولن يتمّ تغيير الوضع القائم، اذ يكتفي الجميع بتأكيد دعم استقرار لبنان من دون أي مبادرة أخرى. كلام لا يصرف في عمق أزمة لبنان.
إذاً سيكون لبنان ضمن أحد بنود زيارة ماكرون المؤجلة مرات عدة الى المملكة العربية السعودية وقطر والامارت العربية المتحدة بدءا من 3 كانون الاول المقبل، علّها تحدّ من الضغط الذي تقوم به المملكة على لبنان وتقدّم المساعدة "كي لا ينزلق لبنان أكثر صوب إيران".
لكن، رغم الإصرار الفرنسي على حصول الزيارة، فإن الوقائع والمعلومات تشير الى ان الموقف السعودي لن يتغيّر، كما يصعب تغيير مواقف الدول الخليجية الأخرى في ظل التشدد السعودي. فالقضية أبعد من تصريح وزير او استقالته كما بات معروفاً، "وهي ليست فقط مرتبطة بدعم "حزب الله" للحوثيين في اليمن بل أيضاً الاتهام السعودي بسيطرة "حزب الله" الكاملة على مفاصل الدولة، والأساس تضرر المجتمع السعودي وضرب أمنه القومي عبر تهريب حبوب الكبتاغون من لبنان الى المملكة في ظل تقاعس وعجز الدولة اللبنانية عن ضبط مطارها ومرفأها وعن اتخاذها التدابير اللازمة لوقف التهريب وبسط سيطرتها"، وفق مصدر دبلوماسي.
فرنسا تعي جيداً أن الأمور مقفلة في لبنان، وان هناك مللاً دولياً تجاه لبنان، فلا شيء يتقدّم، رغم جرعات الدعم التي حصلت عليها حكومة نجيب ميقاتي دولياً، لكن كيف تصرف هذه الجرعات والحكومة غير قادرة على الاجتماع لتأخذ القرارات، بل تكتفي باجتماعات وزارية وتحضير لملفات ستعرض على مجلس الوزراء فور انعقاده. وفي حال استمرت الأمور بالتدهور، اذ لا مؤشرات بشأن تحسّنها، فوفق المعلومات قد تلجأ فرنسا الى خطوة في اتجاه مساعدة لبنان وربما تقوم بتنظيم مؤتمر دعم جديد على غرار المؤتمرات الانسانية التي عقدتها سابقاً من أجل لبنان، تقدّم من خلاله الدعم للجيش والقوى الأمنية والمدارس والجامعات والمستشفيات وليس للمؤسسات الحكومية أو الدولة.
في جولة ماكرون الخليجية، ستكون إيران بنداً أول على جدول المحادثات التي تسعى الى علاقة مع الولايات المتحدة الأميركية عبر تجديد المفاوضات نهاية الشهر الجاري، علماً أن زيارة نائب الوزير الإيراني الأخيرة الى فرنسا قد تمحورت حول الاتفاق النووي ولم تتناول المسائل الاقليمية. اذ تسعى فرنسا - ماكرون الى تثبيت دورها في ظل ما يحكى عن انسحاب أميركي من المنطقة، لكن الأمور في حاجة الى تبلور أكثر وجهد ديبلوماسي أوسع، وفرنسا الى الآن غير مؤثرة ولن تستطيع لعب الدور الاميركي، رغم دينامية رئيسها والجهود الإعلامية، وهي على أبواب الانتخابات.
لذا يحاول ماكرون في زيارته توقيع عقود ترتد إيجاباً على اقتصاد فرنسا وعلى حملته الانتخابية مما يجعله يظهر كأنه قائد دولي. لكن في المقابل، ثمة نظرة فرنسية سلبية ومكلفة داخلياً تخشى من ارتدادات على صورة ماكرون على عتبة الانتخابات عبر مصافحته لولي العهد السعودي الذي تتهمّه المعارضة في فرنسا بأنه "سفّاح".
إذاً، فإن عناوين جولة ماكرون الخليجية عقود تجارية، اتفاق نووي، تفاهمات إقليمية، حرب يمنية، وتجنّب انزلاق لبناني إضافي نحو إيران... رغم إدراك ماكرون أن "مهمّته اللبنانية" شاقة للغاية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك