كتبت جويل رياشي في "الأنباء الكويتية":
تشهد المجمعات التجارية في الساحل اللبناني هدوءا غير معهود منذ اقتحام هذه المجمعات اليوميات اللبنانية قبل عقدين ونيف.
ليل الخميس الماضي قرابة التاسعة مساء، يقترب موظف الأمن في أحد المجمّعات في ساحل المتن الشمالي من المقاهي الداخلية في المجمع، ويضع عوائق تحدد اتجاه المغادرة للزبائن، وتخفت الأنوار تدريجيا حتى تكاد تغيب في شكل كامل. في حين يقوم النادل في المقاهي المتواجدة بالفناء المفتوح على السطح بتذكير الجالسين بوقت إقفال المطبخ قرابة العاشرة ليلا، وبعدها مباشرة يتولى تحصيل الفواتير، قبل ان يشير عامل الأمن الى الرواد بضرورة المغادرة قرابة العاشرة والنصف.
لا يتردد طاقم العمل في المجمع وغيره من بقية المجمعات التجارية في شرح الأسباب، وفي طليعتها «الحركة الخفيفة، الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا التي تحتم تقليل عدد الطاولات (...) وصولا الى الأكلاف المرتفعة لفواتير الكهرباء وغيرها».
أمور كثيرة تبدلت، بدءا من مرآب السيارات حيث كان يتوجب على الزوار الانتظار طويلا قبل أن تفرغ أماكن لركن سياراتهم. ولاحقا وصلت الأمور الى منحها لخدمة الوقوف الخاصة «فاليه باركينغ». أما الآن فالمرآب مشرع وبات الزائر يملك ترف اختيار المكان الأقرب لركن السيارة.
ولا داعي للتذكير بأن محلات عدة أقفلت في غير مجمع، حتى ان بعض المجمعات أقفلت أقساما منها توفيرا لأكلاف الكهرباء، وخلت من الرواد وكانت مهددة بالإقفال النهائي كما حصل في «أسواق بيروت» مثلا، لكن الرهان على موسم أعياد الميلاد ورأس السنة، بدأ يحرك الركود ويبث جرعة من التفاؤل على طريقة «لعل وعسى».
وبدا الأمر يختلف في عطلة نهاية الأسبوع «الويك اند» خصوصا مع اقتراب فترة أعياد آخر السنة، فنرى إقبالا كثيفا على المولات خصوصا من جيل المراهقين.
وفي مقابل الحركة الخفيفة والخجولة في المجمعات التجارية، يمكن الحديث عن «جرعة أوكسجين» تلقتها الأسواق التقليدية اللبنانية التي شكلت ميزة في هذه البقعة الجغرافية العربية من الشرق الأوسط.
ديناميكية جديدة في أسواق جبيل وجونية وفرن الشباك وبرج حمود وطرابلس والمزرعة ومار الياس وبربور وغيرها تشهد «حركة على قد المصاريف» بحسب محروس صاحب محل قديم للألبسة في سوق فرن الشباك الرئيسي.
الجميع يشكو من الكلفة العالية للكهرباء، حتى في المطاعم رغم دخول البلاد فصل الشتاء وغياب موجة الحر.
ندى شابة تعمل في مطعم يقدم مأكولات شرقية وغربية في ميناء جبيل، تجيب السائل عن غياب الزبائن في ليلة السبت الماضي بالقول: «بات ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي يحدث «نقزة» لدى المواطنين، فيبادرون تلقائيا إلى حذف أنشطتهم الترفيهية والسهرات خارج منازلهم، ويعودون بعدها الى حياتهم الطبيعية وكأن شيئا لم يكن (...) تعرضنا الأسبوع الماضي لإحراج مع زبائن ندرجهم في خانة «الدائمين» لعدم وجود أماكن. واليوم يعمل المطعم بطاولة من ستة أشخاص الى أخرى من شخصين. وفي المحصلة لا سبيل للجميع الا الصبر وتمني ان تمر الأمور بأقل ضرر، حتى عودة الحياة الطبيعية الى سابق عهدها».
الأمر يختلف في أماكن السهر التي تقدم مشروبات خفيفة ونارجيلة، حيث يمكن ملاحظة ارتفاع عدد الزبائن، ذلك ان ثمن النارجيلة مع مشروب خفيف مقدور عليه من شريحة واسعة.
لا يعني ما سبق ان السهر الى انحسار في بيروت، بالعكس بعض أماكن السهر تتطلب حجزا قبل شهر تقريبا، وفي أحسن الأحوال قبل اسبوعين. لكننا نتحدث هنا عن شريحة معينة، يقال انها تشكل 10% من اللبنانيين الذين يتقاضون أجورهم بالدولار.
الليل اللبناني يطول لجهة السهر في بعض المناطق كالبترون وفاريا والاشرفية، أما الليل الاقتصادي، فيتمنى اللبنانيون انحساره، وإن كانوا يدركون أن دون ذلك صعوبات.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك