عقدت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالشراكة مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في لبنان "الفاو"، لقاءً لمناقشة التقرير الذي أعدته الهيئة الوطنية بدعم من منظمة الأغذية والزراعة حول هدف التنمية المستدامة 5 2.a. المعني بقياس "النسبة المئوية للبلدان التي يكفل فيها الإطار القانوني (بما في ذلك القانون العرفي) للمرأة المساواة في الحقوق في ملكية الأراضي، بغية التوصّل إلى تحديد الحقوق المعترف بها في لبنان في القانون.
حضر اللّقاء رئيسة الهيئة الوطنية كلودين عون، ممثّلة المنظمة في لبنان نورة أواربح حداد، أمينة سر الهيئة الكاتبة بالعدل رندة عبود، عضو المكتب التنفيذي في الهيئة الوطنية مي مخزومي، وفريقا عمل الهيئة والمنظمة، وحضرت افتراضياً، رئيسة اللجنة القانونية في الهيئة الوطنية المحامية ريم فرحات، ضابطة الاتصال الخاص بمؤشر 2a.5. للتنمية المستدامة مارتا أوسوريو، موريال فيلدمان وغيتا أبويوب من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة - المقر الرئيسي.
وخلال اللقاء تحدّثت عون، فقالت: "يسرني أن نجتمع لمناقشة التقرير الذي تم إعداده حول هدف التنمية المستدامة المتعلق بحق المرأة في ملكية الأراضي، كمفتاح نحو التمكين الاقتصادي. إن الملكية العقارية هي وجه آخر من أوجه المواطنة والانتماء والمساواة. وأبعد من المواطنة، فإن الملكية العقارية تحقق للمرأة الإستقلالية المادية، مع ما يستتبع ذلك من أمان إجتماعي وحرية في تحقيق ذاتها من دون تبعية أو انتقاص. إلا أن هذا الحق في لبنان كما في العديد من الدول، مقيد من جهة ببعض القوانين المجحفة، ومن جهة أخرى بموروثات اجتماعية وتقاليد ذكورية. علما أننا قد أعلنا كدول ومجتمعات، التزامنا بمنهاج "بيجين" الذي يدعو صراحة " لضمان وصول المرأة على قدم المساواة إلى الموارد الاقتصادية بما في ذلك الأرض". في القانون اللبناني، وعلى الرغم من اعتراف الدستور والقوانين اللبنانية بالمساواة في قانون الملكية بين المرأة والرجل، إلا أن هذه المساواة تبقى نظرية ومحدودة، سيما عندما نفكر في جميع الممارسات الاجتماعية الأبوية والمحاذير التي وضعتها قوانين الأحوال الشخصية وخاصة لجهة التوريث. علما بأن الميراث هو من الطرق الأساسية لاكتساب الملكية".
وأضافت: "نحن نعلم أن الممارسة العامة في لبنان، غالباً ما تتمثل في إعطاء ملكية الأرض للرجل الذي يحمل اسم الأسرة؛ ومن الممارسات، الإحتفاظ بالممتلكات داخل "الأسرة" كما لو أن المرأة دخيلة على أسرتها. وفيما يتعلق بالميراث، فإن بعض قوانين الأحوال الشخصية تمنح النساء والفتيات نصف حصة ما يحصل عليه الصبي أو الرجل من الميراث. وفي بعض الحالات، وتطبيقاً لبعض القوانين، إذا كانت هناك فتيات فقط في الأسرة، فإن نصف الميراث يذهب إلى العم أو ابن العم الذكر. كل ما سبق وأسلفناه، هي أمثلة قليلة عن مقاربات كثيرة، في إطار التحايل على حق المرأة في ملكيتها للعقار الذي تسكن فيه، والشركة العائلية التي تؤمن استمراريتها، والأرض التي تزرعها. ومن هنا لا بد لنا من النظر إلى موضوع الملكية من وجهة نظر القانون ومن وجهة نظر المجتمع. لعل الحلّ، والذي لا يزال يبدو بعيد المنال اليوم، هو الانتقال إلى قوانين مدنية عصرية تحمي المرأة وملكيتها، وتصون مواطنتها الناجزة وغير الخاضعة لأهواء هذا أو ذاك".
وختمت شاكرة "منظمة الفاو على مبادرتها في إلقاء الضوء على الإطار القانوني لحق المرأة في تملك الأراضي"، وخصّت بالذكر "السيدة نورة أورابح حداد، ممثلة المنظمة في لبنان. إن التقرير الذي بين أيدينا، يعرض الوضع التشريعي في لبنان لجهة الملكية العقارية من خلال قراءة علمية للدستور اللبناني ولقانون الملكية العقارية 3339 وقانون الموجبات والعقود، ومقارنة بين قوانين الإرث لدى الطوائف وغيرها. ويمكن أن يكون هذا الاستبيان، مرجعا لبرنامج نهضة تشريعية، لبنان بأمس الحاجة إليها لتعود بيروت مدينة الشرائع ولبنان موطن الحريات والمساواة".
وتحدثت حداد، فقالت: "يسعدني أن أرحب بكم في هذا الإجتماع لمناقشة تقرير لبنان حول الرصد والإبلاغ عن مؤشر أهداف التنمية المستدامة 5 2.a. إن المرحلة المفصلية التي يمرّ بها لبنان في ظل الأزمات المتعددة تستدعي، دون أي شك، استنفار الجميع لإيجاد الحلول وابتكار طرق للنهوض مجدداً بالقطاعات الإقتصادية والإجتماعية على كل المستويات وفي شتى المجالات. وبما أن التحديات الراهنة غير اعتيادية فإنه من الضروري التطلع إلى حلول غير اعتيادية".
وأضافت: "وبما أننا نعي اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أهمية القطاع الزراعي من أجل الأمن الغذائي والتنمية الريفية وإننا ندرك التحديات التي تواجهها النساء في الوصول إلى الموارد الإنتاجية والخدمات والتمويل والأسواق على حد متساو مع الرجال في سلاسل الإنتاج الزراعية كافة. فإنه من الطبيعي أن نضع مسألة ملكية الأراضي للمرأة التي هي من أهم الموارد الإنتاجية الزراعية، في صلب اهتماماتنا مع كافة الشركاء".
وختمت: "نتطلع إلى مداولات مفيدة حول لمناقشة تقرير لبنان حول الرصد والإبلاغ عن مؤشر أهداف التنمية المستدامة 5 2.a. بحسب المنهجية الموضوعة من قبل الفاو. ونأمل أن يشكل هذا الاجتماع الخطوة الأولى في مسار الألف ميل من أجل البلوغ إلى تعديل التشريعات، السياسات، الممارسات والنظم التقليدية والمجتمعية السائدة من أجل حياة أفضل يتمتع فيها النساء والرجال بالمساواة والمشاركة معاً بنمو القطاع الزراعي وتحقيق التنمية المستدامة في لبنان. أكرّر شكري لرئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون على حضورها ومشاركتها في الاجتماع".
بعدها قّدمت المحامية بريجبيت شيليبيان عرضاً عن "منهجية الرصد والإبلاغ المعتمدة لقياس مؤشر أهداف التنمية المستدامة 5. 2.a".
واختتم اللقاء بعرض للتوصيات وبعض الملاحظات حول المنهجية ومضمون التقرير والتي ستؤخذ بالاعتبار لتحضير التقرير الرسمي النهائي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك