كتبت جيسيكا حبشي في موقع mtv:
فعلتها الأرجنتين للمرّة الثالثة وتُوِّجت بطلة لكأس العالم على أراضٍ عربية. فعلتها قطر للمرّة الأولى وربّما الأخيرة، وأظهرت أمام عدسات آلاف الكاميرات وعيون ملايين سكّان الأرض أنّ وعود بعض الزعماء العرب تتحقّق، وأنّ الأبطال الأساطير يصبحون "مشايخ" في بلاد اللاّمستحيل.
ألبسَ أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ميسي البشت القطري المطرّز بالذهب، جعل منه "أميراً شيخاً"، ابتسم ميسي، حمل كأس العالم التي تبلغ قيمتها 18 مليون يورو، رفعها في العلى، ومرّرها لزملائه ليتشاطر معهم فرحة الانتصار. وبعد ثوانٍ قليلة، غرّد أمير قطر، بارك للأبطال، واحتفل بالهدف الذي سجّله "بتنظيم بطولة استثنائية من بلاد العرب"، تشارك بإنجازه مع كلّ العرب، ولم يختزله بدولته الصغيرة فقط. أميرٌ هدّاف بالفعل.
في لبنان، يتحضّر السياسيّون للسّفر مع عائلاتهم لقضاء عطلة الأعياد في الخارج بعد فشلهم في تسجيل أيّ هدف في مرمى الأزمة رغم مئات الوعود التي قطعوها وعشرات الجلسات التي عقدوها. ها هم ينسحبون بصمتٍ للاحتفال خارج أسوار الوطن، في وقت يُحلّق فيه الدولار الى مستويات قياسيّة، ويعجز أكثر من 80 في المئة من الشعب اللبناني عن شراء مكوّنات وجبة واحدة لليلة العيد، هذه الغالبية الساحقة، هي نفسها لم تتابع مباريات كأس العالم لأنّ "أثرياء فوربس" اللبنانيّين رفضوا تبذير 5 ملايين دولار.
في قطر، شُيّدت ملاعب خلال أشهر، وفُكّت أخرى في غضون أيام، وفي لبنان، حكّامٌ مهنتهم التدمير والتخريب، وفكّ كلّ أوصال الوطن، وتفريق العائلات، وتجويع الصّغار، وتشريد الكبار، وقتل المرضى...
بينما يتسابق كلّ فريق لبناني للتسويق لمرشّح للرئاسة يُشبهه، نُريد نحن رئيساً هدّافاً، بنّاءً، كريماً، مبتسماً، جامعاً، منجزاً، يُلبس الخارج عباءة وطنه، ولا يبحث عن عباءة خارجية تجعله زعيماً. نريد رئيساً أسطورة يصنع المعجزات في أراضٍ قاحلة، ولا يحوّل الجنة الى جهنّم. نريد رئيساً يجمع زعماء العالم في عاصمته للاحتفال، لا لتقديم واجب العزاء بعد تشويه وجهها الى الأبد.
في لبنان، لا نُريد رئيساً قويّاً بعد اليوم، نريدُ رئيساً يصنع للأقوياء ملاعب ويرفع الكؤوس الذهبيّة معهم. شَبِعنا من مرارة كؤوسكم. إرحلوا، عيّدوا، ولا تعودوا. عندها فقط، قد نعرف نحن معنى الاحتفال... والعيد!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك