فجأة تحول التمرد في رومية من حال احتجاج على ممارسات واخطاء ضباط وتقصير سلطة قضائية وظروف معيشية سيئة بفضل اهمال السلطتين التنفيذية والتشريعية الى مطلب العفو العام عن السجناء من موقوفين ومحكومين . مطلب أضاء عليه دخان الحريق الذي يتصاعد مرارا من مباني السجن اضافة الى حريق اطارات الاهالي في الخارج وفي مناطق لبنانية متفرقة.
أمام سجن رومية كادت احدى السيدات تختصر السند الذي يعتمدون عليه للمطالبة بعفو عام عن موقوفين ومحكومين من خليط جنائي مختلف. كانت تسال على مسمع القوى الامنية والاعلام والجمعيات الاهلية لماذا لا يحاكم المرتكبون الذين في السلطة ويكتفى بملاحقة الصغار من المجرمين . هل سمير جعجع وقتلة الجيش يحق لهم بعفو ومن تاجر بالمخدرات ليعيش بسبب حرمان الدولة هو أخطر من هؤلاء على استقرار المجتمع اللبناني.( بحسب ما قالت السيدة)
اعتمد الكثير من أهالي الموقوفين على حالات العفو السابقة عن مجرمي الحرب وتجار المخدرات والمتهمين بالارهاب ليبرروا مطلب العفو عن أولادهم. احدى السيدات كانت تتحدث عن العفو الخاص الغريب الذي أصدره رئيس الجمهورية عن قتلة ابن جوذيف شاوول من دون أي تعليل أو تبرير.
بعد عامين سيشهد لبنان استحقاقا انتخابيا هو انتخابات 2013 النيابية . في لبنان تسير الأمور دوما على قاعدة ست وست مكرر . فاعدام مسيحي يفترض اعدام مسلم في المقابل والعفو عن سمير جعجع افترض العفو عن ارهابيين من قتلة الجيش. والتساوي هنا ليس في التاريخ وخطورة الجرم بل على أساس وعود انتخابية عام 2005 مدعومة بقاعدة العفو عن مجموعة مسيحية وأخرى مسلمة .
مطلب العفو العام كان حتى وقت قريب شغل بعض الناشطين والجمعيات الذين يتابعون قضية من يسموا بالمعتقلين الاسلاميين والذين يضمون في صفوفهم الكثير من الموقوفين في قضية التنظيم الارهابي فتح الاسلام. مئات من الاسلاميين حركوا بعض الأحزاب الاسلامية الأصولية والمرجعيات السنية الأمنية والسياسية والدينية التي لطالما قدمت وعودا بمتابعة قضيتهم. أما ترجمتها المباشرة ففي المعاملة المميزة التي يتلقاها الموقوفون الاسلاميون في جناحهم في سجن رومية .
كما في عام 2005 يتخوف بعض المتابعين أن يلتقي مطلب العفو العام الذي يرفع اليوم من قبل اهالي الموقوفين والمحكومين من خليط جنائي مختلف مع الحركة التي لم تتوقف يوما مع بعض الجمعيات الاسلامية الداعية أيضا الى العفو عن الموقوفين الاسلاميين.
على أبواب الانتخابات النيابية قد يجد بعض الأحزاب والتيارات السياسية مدعومين بغطاء المرجعيات الدينية ووجدان الشوارع الطائفية فرضة استغلال هذه القضية للاستفادة من آلاف الأصوات الانتخابية فيلتقي ابن بعلبك مع حزب التحرير مثلا للمطالبة بعفو مشترك على قاعدة المساواة الطائفية بين مكونات المجتمع اللبناني. الخطورة في هذا الموضوع أن تجار مخدرات خطيرين سوف يعودون الى مزاولة نشاطهم وقتلة الجيش سينتقلون من رومية موزعين على خلايا متنقلة للعمل الجهادي .
قد تكون المصلحة الطائفية أقوى من دم الجيش اللبناني أو حماية المجتمع لدى بعض الاحزاب والتيارات السياسية التي لا تقيم لشهداء الجيش وزنا ولا لصيانة المجتمع اهمية . هكذا حصل عام 2005 وفي الكثير من التواريخ السابقة التي شهدت عفوا عن مجرمي حرب.
الاهم بالنسبة اليهم الاستغلال في كل المناسبات والمواسم الانتخابية والسياسية على حساب كل الوطن.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك